بيان المكتب التنفيذي للاتحاد : الإعلان عن اقتراب نهاية المهلة وبداية المواجهة

«تفاوض عقيم....يعيد إنتاج الفشل». هكذا صاغ الاتحاد العام التونسي للشغل موقفه من المفاوضات بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي في اول بيان لمكتبه التنفيذي

اثر مؤتمره الـ25، وبهذا يعلن الاتحاد عن ان هدنته اوشكت على النهاية.
في بداية شهر فيفري الفارط اعلن الامين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي عن ان موقف المنظمة من خطة الاصلاحات الكبرى سيترك للقيادة القادمة بعد مؤتمر المنظمة الـ25، والذي انعقد في منتصف فيفري الفارط وانتهى بإعادة تجديد العهدة للطبوبي كأمين عام جديد للمنظمة.
بهذا الترحيل برز الاتحاد كمن يمنح الحكومة ورئاسة الجمهورية مهلة للرد على مطلبه بتوحيد المسارات، او بالأحرى توحيد المفاوضات لتكون شاملة لخطة الاصلاح الاقتصادية والسياسية عبر حوار شامل يقدم مقاربات تكون محل توافق واسع للمسارات التي يتوجب على البلاد الذهاب فيها.

مهلة انتهت بانتهاء اشغال المؤتمر الذي افرز قيادة جديدة اجتمعت يوم الخميس الفارط، (اول امس) وأصدرت بيانا باسم المكتب التنفيذي اعلنت فيه بشكل صريح عن «تقييم» لخطة الاصلاحات التي تختزلها في كلمات مفتاحية» عقيمة ....استنساخ... وفشل»
تقييم كشف عنه الاتحاد في نقطته الثالثة من البلاغ الصادر يوم الخميس الفارط، وجاء فيه سردا جمع بين انتقادات الاتحاد ومؤاخذاته على خطة الاصلاحات ومسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي وبين تقديم مطالب او مخرج لانقاذ الوضع.
في الجزء المتعلق بالمفاوضات الجارية بين الحكومة وصندوق النقد الدولي يشير الاتحاد الى انه يعتبر ان التفاوض مع الصندوق او مع الاتحاد الأوربي «تفاوض عقيم يؤبّد السائد ويستنسخ الوصفات الجاهزة ويعيد إنتاج الفشل الذي لن يكتوي بنتائجه سوى المواطن» والسبب عن ان هذه المفاوضات وفق تلميح الاتحاد لا تنطلق من «تدقيق شامل للديون وللاتفاقيات السابقة».

كما ان هذه المفاوضات لا تشارك فيها الأطياف الاجتماعية والمدنية والسياسية، بهدف صياغة برنامج إنقاذ شامل. وهنا يفصل الاتحاد عناصر برنامج الانقاذ الشامل بانه يمتد على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعوّل بدرجة أولى على الإمكانيات الذاتية للخروج من الأزمة و يراعي المسألة الاجتماعية ويعمل على الخروج من هشاشة النسيج الاقتصادي.
عناصر قدمها الاتحاد بشكل ضمني على انها مطالبه، ولكنه صاغها بشكل بلاغي مختلف، اذ لم يتوجه بها بشكل صريح بل اختار الاشارة الى انها غائبة عن عملية التفاوض وعن «العقل» الذي يحرك الحكومة التونسية ومن خلفها الرئاسة.

ولئن اختار اتحاد الشغل ان يكون خطابه موجها بشكل مباشر الى الحكومة فانه يدرك ان تلقى البيان وقراءته لتفكيكه يفيد بان الرسائل موجهة بشكل مبطن الى رئاسة الجمهورية التي يعلمها بان مهلته التي امهلها اياها لتقى الرد على مطالبه التي نقلتها الحكومة لقصر قرطاج قد شارفت على الانتهاء.
مع قرب نهاية المهلة اختار الاتحاد ان يذكر الجميع بها، وكانه يطلق صافرة انذار اخير قبل الذهاب الى المواجهة، فكلمات البيان وترتيبها والحجج التي تقدمت بها المنظمة وتقييمها لخطة الاصلاح تضعها امام حتمية التحرك والرفض اذا استمر الحال كما هو عليه.

فالاتحاد الذي انتقد بشدة المفاوضات واعتبرها انتاجا للفشل واستنساخا للوصفات السابقة لم يعد بمقدوره ان يمنح لخطة الاصلاحات الراهنة ولا للحكومة «موافقته» للمرور الى تنزيل الاصلاحات بل سيواجهها، ولتوفير مخرج للحكومة والرئاسة يرفع الحرج عن المنظمة ويقدم ضمنيا مسار الحل.
والحل حوار شامل، يبحث عن انقاذ الوضع قبل ان يستمر الانزلاق الى المجهول، والدعوة الى تنزيل هذا الحل ليست موجهة الى الحكومة بل للرئاسة التي يبحث الاتحاد عن تحذيرها من مغبة الاستمرار في النهج الاحادي ويطالبها بالانفتاح وتوحيد المسارات.

طلب يبدو انه سيكون «الاخير» فالاتحاد يدرك ان الزمن السياسي والاقتصادي يسيران بسرعات متفاوتة ويدرك اكثر ان الرئيس حرص خلال الاسابيع الفارطة على تعزيز مواقعه ومكاسبه التي قد تكون مهددة بنسف محاولات الخروج من الازمة السياسية والاقتصادية معا ان لم يقع التدارك.
تدارك لا يعلنه الاتحاد بشكل صريح لتوفير ارضية دنيا للقاء مع الرئاسة ولكنه يمنح نص بيانه كل العناصر الدالة على هذا الطلب، ومنها انتقاده لسياسة التحكم في الاسعار وتوفير المواد الاساسية والغذائية.

فلئن انتقد الاتحاد الحكومة وسياستها السلبية في الملف واعتبرها سببا في التهاب الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية نتيجة اقتصار السياسات العمومية على عمليات مداهمة محدودة تفتقر إلى النجاعة عوضا عن اتخاذ إجراءات فعلية هو في الحقيقة نقد صريح لرئيس الدولة باعتبار انه هو الذي يرسم السياسيات العمومية كما انه هو من جعل من حماية المقدرة الشرائية عنصرا قارا في خطابه ووعد به مرات عدة التونسيين.

نقد رغب من خلاله الاتحاد في الاعلان عن ان قيادته الجديدة وبعد حصولها على تفويض جديد من النقابيين باتت اقدر على دخول المواجهات المفتوحة ويمكنها ان تتخير مجالات الصراع التي تجرها اليها الحكومة والسلطة التنفيذية برمتها بما يعنى انها قررت الذهاب الى المواجهة ما لم يقع التوافق على توحيد المسارات وفتح مجال المشاركة امامها في رسم الخيارات القادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115