بعد صدور المرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى المؤقّت للقضاء: المجلس الأعلى للقضاء «المنحل» يرفضه بشدة ويعتبره اتحاد قضاة محكمة المحاسبات تدخلا مباشرا في السلطة القضائية

يبدو أن المعركة والمواجهات باتت -اليوم- على أشدها بين الهياكل القضائية المهنية ورئيس الجمهورية خاصة بعد إصدار المرسوم عدد 11 الخاصّ بالمجلس

الأعلى المؤقّت للقضاء في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية والذي ينصّ على إرساء مجلس مؤقت للقضاء يتمتع بالاستقلالية الوظيفية والإدارية والمالية ويشرف على شؤون القضاء العدلي والإداري والمالي ويحل محل المجلس الأعلى للقضاء المنصوص عليه بالقانون، مرسوم عمق غضب الهياكل القضائية الى حد أن «جمعية القضاة الشبان» قررت مراسلة مختلف الجمعيات والمنظمات القضائية العالمية للتنديد بتوجه الرئيس وظلّت دائرة الرافضين من أهل الاختصاص باقية وتتوسع مع تتالي إصدار البيانات المنددة في انتظار مخرجات الاجتماع العام القضائي اليوم الثلاثاء بدعوة كل من المجلس القطاعي لجمعية القضاة التونسيين بالمحكمة الإدارية واتحاد القضاة الإداريين.
شدد اتحاد قضاة محكمة المحاسبات في بيان أصدره مساء أمس على أن مرسوم المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، يمثّل تدخّلا مباشرا في السلطة القضائية وضغطا على القضاة، وانه لن يساهم في إصلاح الإشكاليات الحقيقية للقضاء، مذكرا بموقفه المضمّن في بياناته السابقة في خصوص أزمة المجلس الأعلى للقضاء، وتمسّكه بمؤسسة المجلس الأعلى للقضاء باعتبارها ضامنة لاستقلالية السلطة القضائية، وأكد الاتحاد في ذات البيان أنّ موافقته على الإصلاح كانت مشروطة بتشريك كافة القضاة، وبتعزيز ضمانات استقلالية ونجاعة الأجهزة القضائية مع مراعاة خصوصية محكمة المحاسبات من حيث مهامّها القضائية والرقابيّة.
مسّ من الحقوق النقابية للقضاة
اعتبر اتحاد قضاة محكمة المحاسبات أن المرسوم عدد 11 لرئيس الجمهورية يمثّل تراجعا عن مكتسبات السلطة القضائية خاصّة في الفصول 9 و19 و20 منه، حيث مسّ من الحقوق النقابية للقضاة المكفولة على مستوى الدستور والمواثيق الدولية، كما جعل المسار المهنيّ للقاضي (من الانتداب إلى الإعفاء) في تبعيّة للسلطة التنفيذية. وأكد على أنّه ثابت على موقفه في الدفاع عن استقلالية السلطة القضائية وحقوق القضاة الماليين.
مراسيم خاضعة لضوابط الفضل 49 من الدستور
من جهته، أعلن المجلس الأعلى للقضاء «المنحل» في بيان له نشره مساء أمس عن رفضه المطلق لما تضمنه المرسوم الرئاسي المتعلق بإحداث مجلس مؤقت للقضاء من مس بيِّن وجوهري بالحقوق الأساسية للقضاة المتصلة بمساراتهم الوظيفية في كافة مكوناتها من تسمية وترقية ونقلة وإلحاق وبمساراتهم التأديبية، كما عبر عن رفضه لإحالة سلطة إدارة هذه المسارات والتحكم في مآلاتها إلى السلطة التنفيذية، واعتبر أن التنقيح الذي جاء به المرسوم في هذا المستوى يعدّ اعتداء بينا على استقلالية القضاة وتراجعا خطيرا عن المكتسبات الدستورية والتشريعية. ونبه إلى أن كل النصوص التشريعية بما في ذلك المراسيم تظل على الدوام خاضعة للضوابط التقييدية المنصوص عليها بالفصل 49 من الدستور الذي يُحجر على هذه النصوص المساس بجوهر الحقوق والحريات ويمنع النيل من مكتسباتها والتراجع عنها.
تنزيل القضاة منزلة الموظفين
واعتبر أن الغاية من المرسوم لا صلة لها بإصلاح القضاء بقدر حصرها في الإقدام على تنزيل القضاة منزلة الموظفين الخاضعين لإرادة السلطة التنفيذية من جهة وفي إقصاء غير مبرر من جهة أخرى للأعضاء من غير القضاة في تراجع واضح عما أقره الدستور من مبدإ انفتاح المجلس على سائر مكونات العدالة، كما اعتبر أن ما جاء به المرسوم فيه مساس واضح من حقوقهم الأساسية في الترشح للمجلس وفي انتخاب ممثليهم به وإهدار لحرياتهم في تكوين النقابات والجمعيات ولا سيما منها الحق في الإضراب الذي لم يكن القضاة ضمن قائمة الفئات المشمولة دستوريا بمنع ممارسته، وفق البيان ذاته. هذا وحذر المجلس من تبعات توريط جزء من أعضائه بالصفة في المشاركة في تركيبته وأهاب بهؤلاء بالنأي بأنفسهم عن الاستجابة لذلك.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115