الاعلان عن حملة التطهير من مجلس الوزراء: بعد حسم معركة القضاء... من الخصم في المعركة القادمة؟

رسم امس رئيس الجمهورية قيس سعيد في كلمته الافتتاحية لأشغال مجلس الوزراء عنوان المعارك القادمة التي جعل الوصول الى ساحاتها متصلا

بما يحققه في معركته مع القضاء التي حملت عنوان «التطهير» وهو ذات العنوان الذي ستوشح به كل المعارك القادمة.
بشكل مباشر وصريح اعلن الرئيس انه لم يتراجع عن حل المجلس الاعلى للقضاء ولم ينسحب من معركة «تطهير القضاء» التي بلغت امس نهايتها بالمصادقة على مرسوم رئاسي يتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء،  ومعه رحل الاعضاء السابقون في المجلس وحسم الرئيس نصره فى معركته معهم.

معركة امتدت منذ 25 جويلية ويبدو انها ستستمر قليلا بعد ذلك إلا انه يوم امس وفي اعلان الرئيس بشكل غير مباشر عن نصره في اولى معارك «التطهير» كشف عن خطإ البعض في قراءة خطواته وكيف انه يقع تأويل خاطئ لتصريح وزيرة العدل القائل بان الرئيس» متمسك بالمجلس الاعلى للقضاء».
فرفضه ، كما يقول عن نفسه، لتوظيف القضاء لخدمته او ان يضع يده عليه سيجسد بإقرار مجلس مستقل للقضاة يحقق شروط استقلاليتهم ضمن مفهوم للقضاء على اعتباره وظيفة في الدولة وليس سلطة قائمة للقضاة. اي ان الاستقلالية ستكون ضمن شروط وحدود رسمها الرئيس في المرسوم وفي تصريحاته.
تصريحات حرصت امس على كشف ان حل المجلس ليس لان الاخير رفض ان ينسجم مع لحظة 25 جويلية، تاريخ اعلان التدابير الاستثنائية. بل لان اعضاء المجلس والمتحكمين في التوازنات الداخلية صلبه فاسدون كما يلمح الرئيس بقوله ان بعضهم لهم ثروات طائلة وأنهم تحصلوا على مبالغ خيالية مقابل تعاون مع اطراف سياسية للتستر على الملفات.

وبحسم المعركة مع هؤلاء بإزاحتهم من المجلس الاعلى للقضاء، بحل كامل المجلس واحلال مجلس وقتي مكانه، انتهى دور الرئيس وفق تلميحاته في معركة تطهير القضاء وبات لزاما على هذا القضاء ان ينخرط في حروب الرئيس القادمة وهي حروب تطهير البلاد.
فالرئيس وهو يشرح أسباب تمسكه بإصلاح القضاء يقول ان «تطهير البلاد لا يمر إلاّ بتطهير القضاء» وهذا يعنى ان القضاء سيكون عنصرا فاعلا في سياسة التطهير، فمعركة الرئيس مع القضاء ومع المجلس السابق تحديدا كانت لرفض هذا المجلس التناغم مع حروب التطهير والمشاركة فيها ولهذا فان الرئيس اختار ان ينطلق في «تطهير» القضاء وجعله اول محطات حربه التي حددت محطتها القادمة تلميحا.

وبعد ان خصص رئيس الجمهورية حيزا من كلمته للمجلس الاعلى للقضاء المقارنة بين واقع القضاء في الماضي والحاضر وجعل سياسته في هذا الجانب قائمة على هدف اساسي ووحيد وهو خدمة الشعب والانتصار له باستعادة سيادته على كل مؤسساته وثرواته اعلن عن انتقال قطار حروب التطهير الى قطاع اخر، وهو قطاع الاعمال والاستثمار.

ليعلن الرئيس امس في الكلمة عن هدفه من مرسوم الصلح الجزائي الذي وقعت المصادقة عليه. وهذا الهدف هو استعادة اموال التونسيين المنهوبة من قبل رجال اعمال استفادوا من علاقتهم بالأنظمة السابقة، سواء قبل 2011 او بعدها. وما على هؤلاء إلا الاستفادة من عرض الصلح الذي قدمه الرئيس على انه «جنوح للسلم» ان هم جنحوا.

سلم قدمه الرئيس على انه عرض اما ان يقبل كما هو عليه او يرفض ويتحمل الرافض ما ينجر عن قراراه، وهنا يقدم الرئيس شروط الصلح وهي ان يتوجه المعنيون بمرسوم الصلح الى الاستثمار وبعث المشاريع في المناطق الداخلية التي سيقع ترتيبها من الاكثر فقرا الى الاقل.

معتمديات ستتمتع وفق تصور الرئيس بثمار استعادة الاموال المنهوبة، وهي هنا الاموال التي نهبها عدد من رجال الاعمال الذين تلاحقهم شبهة الانتفاع بامتيازات او بنهب اموال وبات عليهم اليوم اختيار ان يعيدوا الاموال طوعا عبر مشاريع واستثمارات او بطريقة اخرى لم يحددها الرئيس ولكن المح الى انها أقصى. هنا يشير الرئيس الى ان رجال الاعمال ممن ينخرطون في الصلح الجزائي عليهم ان يدركوا انهم اعادوا اموال الشعب الى الشعب عبر استثمارات ملكيتها للعشب وليست لهم. أي ان المشاريع المزمع تنفيذها في اطار مرسوم الصلح الجزائي ستكون ملكيتها للتونسيين لا لرجال الاعمال.
أي ان الرئيس يريد اليوم من رجال الاعمال ان يلتحقوا بدورهم بلحظة 25 جويلية وان يعبروا عن هذا باستثمارات تحسن الحياة اليومية للتونسيين. اما هذا او ان حملة التطهير ستطال من هو ملاحق منهم بشكل اشد حدة اذ ستلاحقه هي كل اجهزة الدولة وسلطتها الموحدة خلف سردية واحدة وهي سردية تصحيح المسار والبناء الجديد عبر حملات التطهير.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115