وامس اكد اتحاد الشغل ان السنوات الـ10 التي تلت تاريخ هروب بن علي خيّبت امل التونسيين والتونسيّات بعد أن «انقضّ التحالف الحاكم بقيادة الإسلام السياسي على الثورة وسيطر على الحكم بعقلية الغنيمة والتمكّن...» لتؤكد المنظمة العمالية انها ترفض العودة الى ما قبل 25 جويلية لكنها لم تُخف مخاوفها من إضاعة فرصة الإصلاح في ظل مؤشرات نزعة التفرّد في أغلب القرارات المصيرية.
طالب الاتحاد العام التونسي للشغل أمس الجمعة، بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لثورة الشغل والحرية والكرامة الوطنية 17 ديسمبر 2010 - 14 جانفي 2011، بتحقيق جملة من مطالب الشعب التونسي التي صنّفها اتحاد الشغل عاجلة وتشمل إنهاء معاناة عائلات الشهداء وآلام الجرحى وتسوية الملف نهائيا وكشف حقيقة الانتهاكات والاغتيالات التي حدثت خلال الثورة وفي الأسابيع اللاحقة لها.
كما تشمل المطالب العاجلة التي ضمّنها المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل في بيانه الصادر أمس بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لثورة الشغل والحرية والكرامة بكشف حقيقة الاغتيالات السياسية وشبكات التسفير الإرهابية والتمويل المشبوه لعدد من الجمعيات والأحزاب وملفات الاعتداءات والانتهاكات ومنها أحداث الرش وعملية الاعتداء على الاتحاد يوم 4 ديسمبر 2012 وإنهاء حالة الإفلات من العقاب.
كما طالب بفتح حوار شامل يشرك القوى الوطنية في رسم ملامح الخروج من الأزمة وتحديد الخيارات الوطنية الكبرى في جميع المجالات، مثلت كذلك مطلبا لاتحاد الشغل شأنه شان الالتزام التامّ باحترام القانون وضمان الحقوق والحريات وفي مقدّمتها حقوق التظاهر والتعبير وحرية الإعلام واستقلاليته وجعل المسألة الاجتماعية أولوية مطلقة استجابة لمطالب الشعب وفي مقدّمتها الشباب الثائر من أجل الشغل والحرية والكرامة الوطنية.
رفض العودة الى ما قبل 25 جويلية ولكن
أعاد الاتحاد العام التونسي للشغل التذكير بموقفه من قرارات 25 جويلية 2021 بداية من بيانه الصادر يوم 26 جويلية، وفي سائر بيانات سلطات قراره وآخرها يوم 4 ديسمبر 2021، حيث يعتبر ان 25 جويلية 2021 جاء استجابة للإرادة الشعبية وتجسيما لدعواته ودعوات أطياف سياسية واجتماعية كثيرة لإنهاء التجاذبات العقيمة وعمليات التعطيل الممنهجة لأجهزة الدولة ودواليبها وإيجاد الحلول للأزمة السياسية الخانقة التي تفاقمت بعد انتخابات 2019» غير أنّ الاتحاد ولئن اعتبرها خطوة مهمّة لكنّه أكد أنها في حاجة إلى تحويلها إلى مسار وذلك عبر مطالبة رئيس الجمهورية بتقديم خارطة طريق واضحة تحدّد المهام والمضامين والأهداف وخاصّة ما تعلّق بتنقيح الدستور والنظام الانتخابي وتعديل الهيئات الدستورية ومراجعة قانون الجماعات المحلية مع ضبط الآجال لإنهاء المرحلة الاستثنائية من خلال انتخابات تشريعية سابقة لأوانها تعيد للمؤسّسات اعتبارها وتجسّم استقلالية السلطات الثلاث. وترسي في البلاد استقرارا سياسيا يدفع إلى البناء بعد الإنقاذ ويسهم في حل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية المستشرية باعتبارها أولويات لا يجب التأخير في معالجتها.
كما اكد الاتحاد العام التونسي للشغل رفضه القطعي الارتداد إلى الوراء والعودة إلى ما قبل 25 جويليةّ، الا انه عبّر في المقابل عن مخاوفه من غموض الوضع وضبابيّته رغم الاستجابة لوضع خارطة طريق اعتبر اتحاد الشغل انها في حاجة إلى تصويب وتدقيق، ولغياب الحلول العاجلة ولتجاهل النهج الحواري والتشاركي بين الأطراف الوطنية المتبنّية لتغيير 25 جويلية من منظّمات وطنية وأحزاب سياسية وشخصيات وطنية تساهم جميعا في وضع التصوّرات التي ستقدّم في استفتاء شعبي تُزال من خلاله عوامل الأزمة السياسية وتعزّز ممارسة الحريّات العامّة والفردية دون قيود وتكرّس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية دون حيف وتمييز ويتّفق بعدها على برنامج اقتصادي واجتماعي للإنقاذ.
ولفت الاتحاد الى أن الواقع يشير إلى ضعف الإرادة في تغيير حقيقي وتردّد في إنجازه ويتجسّم ذلك في مواصلة تهميش القوى الوطنية الحيّة في البلاد وفي اتخاذ قرارات أحادية اقتصادية ومالية لاشعبية في ميزانية 2022 وفي نزعة التفرّد في أغلب القرارات المصيرية ومنها التفاوض مع الدوائر المالية العالمية فضلا عن نزعة متنامية من العداء للعمل النقابي ووضع العراقيل أمامه.
الاسلاميون انقضوا على الحكم
خلال العشر سنوات التي تلت تاريخ 14 جانفي «خاب امل التونسيين والتونسيّات» في تقدير اتحاد الشغل بعد أن «انقضّ التحالف الحاكم بقيادة الإسلام السياسي على الثورة وسيطر على الحكم بعقلية الغنيمة والتمكّن بغاية تفكيك الدولة والسيطرة على مفاصلها فعمّت الفوضى وانتشر الإرهاب تحت شعار تغيير النمط المجتمعي فدفع الثمن مئات الشهداء من مدنيين وعسكريين وأمنيين ورموز سياسيين وفي طليعتهم الشهيدان شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي».
كما شهدت السنوات العشر التي تلت الثورة وفق توصيف المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، زيادة في نسب الفقر والبطالة و»استشرى الفساد بكلّ مظاهره من تهريب وسيطرة اللّوبيّات على مسالك التوزيع وتفكّك أغلب النسيج الاقتصادي وفقد آلاف العمّال مواطن رزقهم واندثرت عديد المؤسسات والتهبت الأسعار وتدهورت المقدرة الشرائية وتدحرجت فئات وشرائح إلى أدنى السلّم الطبقي ودفع أبناء الشعب فاتورة ذلك وهو وضع استفحل في الأشهر الأخيرة نتيجة مراكمة الفشل لمدة عقد كامل»، وفق البيان الصادر عن الاتحاد امس.
تاريخ 14 جانفي
كما اعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل ان تاريخ 14 جانفي 2011 مثّل حدثا مفصليّا في تاريخ تونس حيث اورد في بيانه انه «توّج المسيرة الوطنية في شارع الحبيب بورقيبة مسارا طويلا من نضالات التونسيين والتونسيات ضدّ القمع والدكتاتورية وخنق الحريات العامّة والفردية (...) مسار راكمته هبّات وانتفاضات منذ ستينات القرن الماضي كان أوج شرارتها الإضراب العام سنة 1978 وانتفاضة الخبز في 3 جانفي 1984 (...) ثمّ أكّدته انطلاقة الثورة في سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر 2010».
كما تطرّق اتحاد الشغل دوره مركزيّا وجهويّا ومحلّيا في تأطير المحتجّين ورفع سقف مطالبهم، واشار الى الإضرابات الجهوية التي نفّذها خلال الفترة الفاصلة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 وخاصّة منها الإضراب العام الجهوي بصفاقس يوم 12 جانفي 2011 ثمّ الإضراب العام بتونس الكبرى يوم 14 جانفي 2011 الذي كان تاريخ رحيل رأس النظام ودخول تونس مرحلة جديدة علّق عليها التونسيون والتونسيات آمالا كبيرة وحلموا بحياة أفضل في وطن تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية.