وزير الخارجية عثمان الجرندي في ندوة صحفية : لا وجود لأيّ تأزم أو فتور في العلاقات مع الولايات المتحدة وقد وظّفت تونس عضويتها في مجلس الأمن لخدمة القضايا العربية والافريقية

استعرض وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي في ندوة صحفية عقدت امس في مقر وزارة الخارجية

حصيلة عضوية تونس غير الدائمة في مجلس الأمن للفترة بين 2020 و 2021 . وقال ان هذه الرئاسة مثلت الفترة الأبرز في ولايتها وحدثا دبلوماسيا بالغ الأهمية لتجديد التزام تونس بمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها وتأكيد ثوابت سياستها الخارجية المرتكزة خاصّة على الالتزام بالشرعية الدولية واحترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية ومناصرة قضايا الحقّ.
وقال: «ان تونس نجحت في تحقيق الأهداف والأولويات التي كانت قد رسمتها عند رئاستها للمجلس، خاصّة إبراز مقاربتها الشاملة لمسألة حفظ السلم والأمن الدوليين والدفاع عن القضايا العربية والإفريقية، إضافة إلى لعب دور بنّاء وإيجابي صلب مجلس الأمن تعزيزا لنجاعته ومصداقيته.
دبلوماسية الحوار
وأكد في مستهل اجابته عن سؤال «المغرب» حول مدى تمكن تونس خلال هذه العضوية من فرض رؤيتها ومقترحاتها في علاقة بالقضايا الأساسية الهامة كالقضية الفلسطينية وأزمة سد النهضة والملف الليبي أجاب بالقول: «بالنسبة لهذه القضايا المطروحة كان هناك اهتمام كبير من قبل الدبلوماسية التونسية وكان هناك تواصل مباشر مع مجلس الأمن سواء على مستوى وزارة الخارجية او على مستوى رئاسة الجمهورية، وحصلت اتصالات مباشرة بين رئيس الجمهورية ومختلف زعماء هذه الدول مما أدى الى تسهيل مهمتنا لأننا نمثل -في حقيقة الأمر- بعض الأطراف العربية والافريقية وكنا في تفاعل مع الدول الافريقية المطلة على نهر النيل التي لديها قراءات واختلافات كبيرة حول الحلول المفترضة لأزمة سد النهضة، وهذا ما جعل توصلنا الى اعتماد البيان في مجلس الأمن بشأن هذه القضية في اول الأمر مستحيلا في البداية خاصة مع وجود أطراف تصدت لهذا التمشي انطلاقا من ان الأنهار الدولية لها قوانين تستند اليها ولا تدخل ضمن مهام مجلس الأمن. لكننا ارتأينا ان نبين انه من الأفضل بالنسبة لهذه القضايا ان نتولاها في مجلس الأمن بصفة استباقية حتى لا تتطور الى ما لا يحمد عقباه». وأوضح ان معالجة الأزمات في بداية اندلاعها افضل من علاجها بعد تطور الأمر الى حرب تستوجب عمليات حفظ سلام وغيرها، خاصة وان جميع الدول تتفق علي ان هذا الشريان حيوي للجميع لذلك حثّت تونس الدول على التوافق من خلال البيان الختامي الذي صدر عن مجلس الأمن وكان محل استحسان من قبل أعضاء مجلس الامن . وتابع: «كنا قد اوضحنا ان مسعانا توافقي وسلمي للتخفيف من حدة النزاع بين الأطراف المعنية وإتاحة الفرصة للحوارّ. كما أكد الجرندي ان تونس حاضرة في ما يتعلق بالملف الليبي وموقفها متناعم مع ما ترغب فيه الأطراف الليبية في استكمال آليات الخروج من أزمتهم وقال ان تونس شجعت الأطراف الليبية على التشاور والحوار».
وفي رده على سؤال «المغرب» حول واقع العلاقات الأمريكية التونسية في خضم الأحداث الأخيرة الجارية في البلاد وعما اذا كان هناك نوع من الفتور أجاب بالقول: «العلاقات التونسية الأمريكية جيدة وهناك علاقات قائمة وعلاقات ظرفية، ومن خلال متابعة كل البيانات التي صدرت عن الإدارة الامريكية يبدو جليا انه لم يحصل عدم توافق او تعارض في المواقف او فتور في العلاقات، بالعكس كنا نتفاعل ونتحاور ونفسّر كل المراحل التي مررنا بها وجاءت العديد من الوفود الأمريكية الى تونس متنوعة المستويات وقد تقابلت شخصيا في عديد لقاءاتي خارج تونس مع المسؤولين الأمريكيين وتحدثنا معهم واوضحنا ان مقاصد تونس هي التشبث بالديمقراطية والحريات. لكن أوضحنا لهم ان الديمقراطية تمرّ بمرحليات وهي جدلية متواصلة وهناك تصحيح للمسار، وحتى في الولايات المتحدة نفسها خلال السنتين الأخيرتين أزمات . وبين ان الديمقراطية في كل دول العالم تعيش بعض الهزات والأزمات التي تستوجب تصحيحها دون التخلي عن مقومات الحوكمة الديموقراطية. وأوضح الجرندي ان رئيس الجمهورية كان واضحا قبل 25 جويلية وبعده واكد ان تونس متشبثة بالديمقراطية وبالحوكمة وبآليات الديمقراطية وان هناك وضعا خاصا مرّت به البلاد استوجب أخذ إجراءات استثنائية أفضت الى خارطة طريق أخرى أعلن عنها الرئيس في 13 اوت . وأوضح الجرندي ان كل البيانات التي صدرت من جميع الدول الشقيقة والصديقة وشركائنا الدوليين ترحب بموقف تونس وبضمان الآليات الديمقراطية وقال ان تونس أدرى بأوضاعها الداخلية وبكيفية الخروج بهذه الأوضاع بأحسن السبل من خلال خارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس». واكد على عدم وجود أي تأزم في العلاقات بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية بل يوجد تفاعل وعلاقات طيبة وعادية جدا مع كل الدول الشقيقة والصديقة وليس هناك أي اشكال .بحسب قوله .
وفي ما يتعلق بالتحضير لاحتضان تونس لمؤتمر تيكاد 8 أعرب عن تفاؤله بأهمية هذا الحدث مشيرا الى ان تونس «ما بعد تيكاد» لن تكون كما كانت قبلها ومؤكدا بان هناك نهضة اقتصادية متوقعة وفرصا كبيرة سيفتحها تيكاد 8 لتونس. لان المشاركين على مستوى عال وقال: «بدأنا بالتحضيرات على أعلى المستويات لاحتضان هذا الحدث الهام وهناك تفاعل من قبل كل رجال الأعمال التونسيين ومن عدة دول أخرى وهناك العديد من المؤسسات الهامة التي تجندت لهذا الحدث الهام.»
أهم المبادرات الدبلوماسية التونسية
أوضح الجرندي ان تونس تحملت خلال عضويتها في مجلس الأمن مسؤولية تمثيل الدول العربية بمفردها كذلك الدول الإفريقية الأعضاء علما وأنّ القضايا التي تهم المنطقتين العربية والإفريقية تستأثر بحوالي 80 بالمائة من أشغال المجلس. وفي علاقة يتعلق بالقضية الفلسطينية أوضح :«كثّفت تونس مساعيها وتحركاتها الدبلوماسية صلب مجلس الأمن للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وضمان إنفاذ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد تحرّكت تونس على أكثر من صعيد في إطار عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن دون حياد عن مبادئها من خلال الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة. وفي خضم الحجر الشامل تحرّكت تونس بشكل حثيث ونجحت مع أشقائها وشركائها على المستوى العربي والإسلامي في تنظيم اجتماع للجمعية العامة بشكل حضوري، وهو ما أدى إلى إيقاف اعتداء القوة القائمة بالاحتلال على الشعب الفلسطيني. وقد مثّل التعاطي مع هذه المسألة تحدّيا حقيقيا للعضو العربي الوحيد بمجلس الأمن، نظرا لتسارع وتيرة تطوّرات المشهد السياسي وتعقيداته في منطقة الشرق الأوسط.
أما في ما يتعلق بالملف الليبي قال ان تونس حرصت على الاضطلاع بدور ريادي في تعاطي المجلس مع الملفّات المتعلّقة بالشّقيقة ليبيا، حيث شاركت بفاعلية في الاجتماعات المرتبطة بتطوّرات الأوضاع على الميدان وساهمت في صياغة القرارات المتعلقة بها. ومن أبرزها اعتماد مخرجات مؤتمر برلين وتمديد ولاية البعثة الأممية في ليبيا. وقد أكّدت تونس على التزامها بضرورة مواصلة دعم ليبيا وبذل المساعي للمساهمة في إنجاح مسارها الانتقالي، مذكّرة على الدّوام بدعوة سيادة رئيس الجمهورية التّونسيّة إلى توافق الأشقّاء اللّيبيين حول مشروع وطني، والتأكيد على أنّ الحلّ يكمن في حوار ليبي-ليبي، يُعيد إلى هذا البلد الشقيق أمنه واستقراره بما يسهم في إعادة الاستقرار في المنطقة ويُجنبها التوتر والتحدّيات الأمنية.
سوريا واليمن
وأكد الوزير حرص الدّبلوماسيّة التّونسيّة، خلال فترة عضويتها بمجلس الأمن على الحفاظ على سيادة الدولة السورية ووحدتها واستقرارها وتغليب مصلحة الشعب السوري، مع الحرص على المساهمة في الجهود الأممية الرامية إلى تحقيق التسوية السياسية المنشودة وفقا لقرارات المجلس ذات الصلة. في علاقة بالملفّ اليمني، قال ان الدبلوماسية التونسية حرصت على وضع مصلحة الشعب اليمني الشقيق فوق كل اعتبار. وعملت على مساندة كافة الجهود الرامية لتحقيق تقدّم في العملية السياسية في اليمن بهدف إيجاد حل يُعيد الأمن والاستقرار ويضمن لليمين سيادته ووحدته واستقلاله ويضع حدا لمعاناة شعبه. وعلى مستوى القضايا الافريقية فان تونس أعربت عن دعمها لكافة الجهود المبذولة لتحقيق السلام والتنمية في بلدان القارة والتّسوية السّلميّة للنّزاعات برعاية المنظمة الأممية والاتحاد الإفريقي والمنظّمات والمجموعات الإقليمية ذات الصلة.
كما اكد الجرندي على ان تونس بادرت خلال رئاستها للمجلس بتنظيم جلسة رفيعة المستوى حول التعاون بين مجلس الأمن والجامعة العربية في مجال السلم والأمن الدوليين، حيث أشرفت تونس على اعتماد بيان رئاسي اقترحته بلادنا على أعضاء المجلس بهدف دراسة إمكانيّة اتخاذ خطوات إضافية من أجل تعزيز التعاون بين المنظّمتين في مجالات الإنذار المبكّر بالنزاعات ومنع نشوبها وحفظ وبناء السلام ومعالجة الأسباب العميقة للنزاعات ومكافحة الإرهاب.
معضلة الإرهاب
أمّا في مجال مكافحة الإرهاب، فقد ترأّست تونس الاجتماع رفيع المستوى حول «الذّكرى 20 لاعتماد قرار مجلس الأمن 1373 وإنشاء لجنة مكافحة الإرهاب» وجدّد خلاله الوزير على انخراط تونس في مختلف الآليّات الأمميّة والتّحالفات العالميّة والقاريّة والإقليمية لمكافحة هذه الآفة. وقد اعتمد المجلس البيان الرئاسيّ الذي اقترحته بلادنا والذي دعا إلى تعزيز وسائل التعاون الدّولي والإقليميّ في بناء القدرات وتبادل المعلومات والتعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتطوير وتنفيذ وسائل أكثر فعالية لمكافحة الخطاب المتطرف. كما شدد الجرندي على أهمية اعتماد دبلوماسية العمل متعدد الأطراف وهو ما تمثل في استصدار القرار 2532 (2020) المتعلق بجائحة كوفيد
وقال: «ان تونس كانت سباقة لاستشراف تداعيات هذه الأزمة وتبعاتها على كل المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، علاوة على بعدها الشمولي، مما دفع بها للإسراع بعرض مشروع قرار في مجلس الأمن في بداية الجائحة كما كثّفت الدبلوماسية التونسية من تحركاتها ومساعيها لصياغة توافق حول مشروع القرار، توّجت باعتماده من طرف مجلس الأمن يوم غرة جويلية 2020، ليكون بذلك من أهم الإنجازات لا فقط لتونس وإنما للإنسانية جمعاء لما يحمله من دلالات ومفاهيم مستحدثة خدمة للسلم والأمن الدوليين.
وقال الجرندي ان اعتماد هذا القرار مّثل إضافة حقيقية لتعامل مجلس الأمن مع المستجدات على الساحة الدولية وتتويجا مضيئا للدبلوماسية التونسية وتعزيزا لرصيد الثقة والاحترام الذين تحظى بهما تونس على الساحة الدولية وعلامة فارقة في التعاطي الدّولي مع جائحة كوفيد-19، حيث نجح في تجميع الدول الأعضاء وتوحيد رؤيتها حول المسؤولية المشتركة لمجابهة تأثيرات هذا الوباء على الأمن والسلم الدوليين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115