وتصريحات قادتة خاصة اثر انتهاء اشغال الهيئة، إذ يعلن البيان عن القطيعة والصدام مع الرئاسة ولكن التصريحات تتجنب ذلك لا لنفي القطيعة بل لمنح الوسطاء «الوقت» للتدخل قبل الاعلان الرسمي عنها.
انعقدت أمس الهيئة الادارية الوطنية لاتحاد الشغل، فكانت الحدث المركزي في البلاد. إذ تاتي اثر تصريح للرئيس بان الحوار الوطني السابق، في اشارة الى حوار 2013 «لم يكن وطنيا» وذلك في لقائه مع رؤساء الحكومات السابقين لتقديم مبادرته السياسية الجديدة.
مبادرة هي الثانية التي يتقدم بها الرئيس منذ ان اعلن عن «تبنيه» لمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل التي تقدم به في نوفمبر 2020 وتنص على اطلاق حوار وطني لتجاوز الازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية قبل ان تتعقد الاوضاع وتنفجر ازمة التحوير الوزاري والحكمة الدستورية.
مبادرة الرئس الجديدة التي تفصل الحوار الى حوارات، حوار مع الشاب- وهذا ما كشفته مبادرته السابقة التي كشف عنها في لقائه مع نزار يعيش وزير المالية السابق، ومبادرة حوار مع رؤساء الحكومات لتعديل القانون الانتخابي والنظام السياسي الذي يمر عبر تعديل فصول من دستور 2014.
هذه المبادرة الجديدة ما كانت لتثير غضب الاتحاد لو لا تصريح الرئيس بان الحوار الوطني السابق لم «يكن وطنيا»، وهنا بقصد او دونه شكك الرئيس في نوايا الاتحاد واستهدفه، فكان الرد امس في الهيئة الادارية التي صدرت عنها مواقف متناقضة في علاقة باستمرار طرح مبادرة الحوار الوطني.
تناقض يتجلى في التصريحات التي تزامنت مع انعقاد اشغال الهيئة والمح اليها في البيان الختامي لها، اللذين يعلنان بشكل صريح او مبطن بان القطيعة حصلت بين الاتحاد والرئيس الذي وجه له الاتحاد نقدا شديدا وحذره من ان الاتحاد لن يحترم من لا يحترمه.
وهذا التحذير صدر عن نور الدين الطبوبي الامين العام للاتحاد، الذي اكد أن تصريحات رئيس الجمهورية بشأن الحوار الوطني غير مقبولة ومرفوضة و«لا يمكن لأي كان التشكيك» قبل ان يضيف على مسامع المشاركين في اجتماع الهيئة الادارية وفق ما نشره الموقع الرسمي للاتحاد ان «الاتحاد والنقابيين وطنيون ولا يحتاجون لشهادة أي كان في الغرض... وأنهم وبقدر احترامهم للجميع لا يحترمون من لا يحترمهم.»
موقف صريح وواضح من الرئيس يتكرر في تصريحات بقية قادة الاتحاد والاهم في بيان الهيئة الادارية الختامي، الذي عبرت فيه المنظمة عن ادانتها لتصريحات الرئيس وتشكيكه في الحوار الوطني. تشكيك اعتبرته تواصلا لنهج التشكيك في المؤسّسات والمنظمات الوطنية والأحزاب السياسية.
وهنا اشار البيان الى ان الرئيس «تراجع عن التزامه بمبادرة الحوار الوطني التي اقترحها الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل إنقاذ تونس من الوضع الصعب الذي دفعت إليه الأطراف الحاكمة وأصبح يهدّد كيان الدولة». اطراف حاكمة اشار البيان الى انها تتعمد دفع الازمة الى اقصاها بانتهاج سياسية «المناورات والتجاذبات والتراشق بالتهم وتعطيل أي حلّ ينقذ البلاد».
تحميل صريح لرئاسة الجمهورية جزءا من مسؤولية تعقد الاوضاع تزامن مع دعوة الجميع الى الإسراع بتخطّي الأزمة السياسية والدستورية في أقرب الآجال. أو الخيار الثاني وهو «المرور إلى انتخابات مبكّرة».
خياران يضعهما الاتحاد امام الجميع ويحذرهم من انه كما قاد في 2013 حوارا وطنيا لانقاذ البلاد من حرب اهلية سيواصل القيام بدوره الوطني في «الذّوْد عن وحدة الدولة ومؤسّساتها و حماية مصالح و حقوق جميع فئات الشعب التونسي بعيدا عن الخطب الرنانة ودون الاكتراث بالذين يوزّعون صفة الوطنية جزافا.
والكلمات الاخيرة وجهت الى من «شكك» في وطنية الحوار الوطني. وهذا يكشف عن ان الاتحاد اتخذ قراراه بالتصعيد ضد الرئاسة، لكن هذا التصعيد اجل على ما يبدو لايام، والسبب هو وساطة حركة الشعب التي تريد ان تكون «الوسيط» بين المنظمة والرئيس.
فقد اعتبرت حركة الشعب تصريح الرئيس وتشكيكه في الحوار الوطني، خطأ اتصاليا وسياسيا باتت تقود جهود الوساطة بينه وبين الاتحاد مستعينة بقربها من الطرفين، لكنها ستواجه عقبة كبرى وهي اقناع الرئيس بالاعتذار او اتخاذ خطوات عملية تكفر عن استهدافه الاتحاد والتشكيك فيه.
مهمة ستكون صعبة جدّا على حركة الشعب التي ستسابق الزمن للوصول الى حل يحول دون ان يعلن الاتحاد سحبه لمبادرة من الرئيس، فالقرار اتخذ والاعلان عنه اجل بهدف منح وقت، وما تصريحات الامين العام التي جاءت عقب نهاية الهيئة الا خطوة في هذا الاطار.
فالامين العام يعلن انه لم يقع اتخاذ قرار بسحب المبادرة من الرئاسة، وان بيان الهيئة الوطنية يكشف القرار الرسمي للمنظمة، والبيان يعلن باشكال عدة عن القطيعة وعن توجه الاتحاد لتجاهل الرئاسة في مبادراته القادمة التي اشارت اليها في بيانه بقوله ان سيواصل الدور الذي قام به في 2013.
بعد تشكيك الرئاسة في حوار 2013 وردّ الاتحاد وبالإدانة: هل هي القطيعة المؤجلة ؟
- بقلم حسان العيادي
- 11:34 18/06/2021
- 1250 عدد المشاهدات
تعلن التناقضات عن نفسها بشكل صريح واحد، وينطبق ذلك على التناقضات بين مضمون بيان الهيئة الادارية لاتحاد الشغل