عنه بيان المكتب التنفيذي للحركة الذي نظر الى «وثيقة مخطط الانقلاب» على انها «حقيقة» تكشف مطامح الرئيس إلى إقصائها. لتخلق مناخا من الخوف يبدو انه من تكتيكاتها السياسية.
يوم امس اصدر المكتب التنفيذي لحركة النهضة بيانا صحفيا عقب اجتماعه الذي انعقد يوم الاثنين الفارط بعد 24 ساعة من نشر موقع «ميديل ايست آي» البريطاني وثيقة قال انها مسربة من قصر قرطاج تضمنت ما وصفه مقال مرافق للوثيقة بـ«مخطط انقلاب دستوري» بالاعتماد على الفصل 80 من دستور 2014.
عقد المكتب التنفيذي للقائه يبدو انه مرتبط بنشر الوثيقة المسربة التي كانت مضمون جلّ التصريحات التي قدمها قادة الصف الاول في الحركة طوال يوم الاثنين الفارط وتضمنت تلميحات صريحة بان النهضة تعتقد بصحة ومصدقية الوثيقة المسربة.
تلميحات باتت تصريحا رسميا وذلك ببيان المكتب التنفيذي الصادر عن الحركة يوم امس اذ ان ثلاث من خمس نقاط تضمنها البيان كانت مخصصة للوثيقة ىالمسربة بشكل مباشر او كخطوة معاكسة له، فالحركة تعلن اولا انها «تدين» وبشدّة ما ورد في الوثيقة المسربة في مطلع هذا الأسبوع. واعتمدت في ادانتها على ما ورد من معطيات في المقال الصادر في موقع «ميدل ايست آي» ومنها ان الوثيقة وجهت الى القصر في 13 ماي الجاري وانها وهجت الى مكتب مديرة الديوان الرئاسي.
ما تدينه النهضة بالاساس هو ما وصفته بـ«توجهات ومقترحات خطيرة تحت لافتة تفعيل الفصل 80» في اشارة الى ما تضمنته الوثيقة التي نفت الرئاسة صحتها من خطة للاستحواذ على السلطة باعتماد الفصل 80 من الدستور، الذي يمنح الرئيس في حالة اعلان الطوارئ جمع الصلاحيات التنفيذية.
خطة تضمنتها الوثيقة تعتبرها النهضة «معقولة» خاصة وان هذه الخطة تتقاطع في تفاصيل لها مع «خطابات الأطراف المناوئة للمسار الديمقراطي والعاملة على ارباك الوضع العام بالبلاد» وفق نص البلاغ الذي بحث عن الربط بين المخطط الانقلابي والدعوات الصادرة من قيادات سياسية بتفعيل الفصل 80. بحث هدفه ان يقع تجاوز التشكيك في الوثيقة والنظر اليها على انها «خطر محتمل» يستوجب اولا فتح تحقيق للوقوف على جدية ما نشره الموقع المحسوب على تيار الاسلام السياسي وممول من دوائر قريبة من دولة قطر.
ولا تنتظر النهضة استكمال التحقيق في جدية الوثيقة المسربة لتقدم مقترحاتها او مبادرتها للتصدي لما تعتبر خطر «الانقلاب» بل أنها تتقدم في النقطة الثانية من بيانها بدعوة لكل «المنظمات الوطنية والأحزاب ونشطاء المجتمع المدني وكل الديمقراطيين» الى الى تشكيل جبهة وطنية.
وظيفة هذه الجبهة هي «الدفاع على المسار الديمقراطي والحقوق والحريات والوقوف سدا منيعا امام كل مخططات الارتداد عن الخيار الديمقراطي وعن المكاسب التي حققتها الثورة في كل المجالات» وفق بيان الحركة الي يكشف ان النهضة تتعامل مع الوثيقة المسربة على انها وثيقة سليمة تكشف عن نوايا رئاسة الجمهورية لذلك وجب الاسراع في تنزيل خطة مضادة.
هذه الخطة تقوم على توحيد الصف ضد الرئاسة، والقصد هنا ان تتمكن النهضة من توفير محيط آمن لها تحتمى في ظله لتمنع انفراد الرئاسة بها وفق تقيمها، فالحركة تريد ان تكسر الحصار المفروض عليها تحت شعار «الاولويات»، إذ هي تسوق الى ان خطر انقلاب الرئاسة اشد من أخطائها السياسية او ممارستها التي تنتقد عليها.
خطر تريد ان تجعله ماثلا للعيان وان تنفخ فيه ليكون «بعبعا» يخيف الاحزاب ولكن بالاساس يوحد الصف الداخلي ويقلص من ضغط القواعد والاهم يوفر ارضية لتحالفات جديدة تريح الحركة من ثقل تحالفها الراهن مع ائتلاف الكرامة وقلب تونس.
ولا تقف خطة الواجهة عند هذه النقاط فالنهضة تريد ان تجعل خطتها على مستويات عدة، الاول محاصرة الرئاسة وحرق أي ورقة ضغط بيدها ومنها اللجوء الى الدستور وما يمنحه من خيارات للرئيس لمعالجة الازمة السياسية، وثانيا تسويق صورة الرئيس على انه «مشروع دكتاتور» ويمثل خطرا على الجميع.
خطر لا يمكن للرئاسة ان تلغيه الا بالتخلي الكلي عن اعتماد الفصل 80 والاعلان عن ذلك وثنايا بدفع مؤسسة الرئاسة الى تفعيل مبادرة الحوار بهدف كسر الحواجز بين الرئاسة والفعل السياسي، أي انها تريد ان تدفع بالرئاسة ليكون لاعبا سياسي يقبل بالتوافقات والمقايضة وبذلك تنجح في كسر الجمود بينها.
تصور يتضح من النقطة الثالثة للبيان الذي تقول فيه الحركة انها مقتنعة بضرورة انعقاد الحوار الوطني الجامع يتناول الازمة السياسيّة التي تعيشها البلاد ويسعى الى ترتيب الاولويات الوطنيّة والتوافق حولها ويحفظ للبلاد مقدراتها وامنها واستقرارها.
بهذه المعالجة لوثيقة مسربة لم تثبت صحتها بعد كشف النهضة عن خوفها من الرئاسة التي تعتبرها الحركة اشد عدو تصارعه في معركة «بقاء» .
بيان المكتب التنفيذي للنهضة بشأن «وثيقة الانقلاب» : مخاوف الحركة..... حقيقة أم تكتيك ؟
- بقلم حسان العيادي
- 12:18 26/05/2021
- 996 عدد المشاهدات
يبدو ان «الخوف» بات المحرك الاساسي لحركة النهضة خاصة في سياق صراعها المركب مع الرئاسة. وهذا ما يكشف