الأزمة السياسية والبحث عن مخارج قبل الكارثة : هل تثمر مساعي ربع الساعة الأخيرة ؟

منذ بداية الاسبوع الراهن بات جليا انّ الصراع بين مؤسسات الحكم سلك طريق «اللاّعودة» وان الكارثة باتت منظورة

للعيان تفصلنا عنها امتار قليلة ويرى البعض انها اخر فرصة لإحكام العقل والبحث عن مخرج يحول دون انهيار كل شيء في تونس.
يبدو ان الجميع قد استشعروا خطورة ما باتت عليه الاوضاع بعد ان كانوا يظنون انهم يناورون لتحسين شروط التفاوض. ليقفوا خلال الساعات الـ72 الفارطة على حقيقة كانت جلية منذ البداية وهي ان الازمة السياسية والصراع بين المتناحرين لن يحسم بالتصعيد والمواجهة. في ظل توازن هش لا يمكن اي طرف من القدرة على الربح.
توازن كشف اكثر عن نفسه خلال اليومين الفارطين بعد تحركات متبادلة يراد من خلالها ابراز القوة والصلاحيات مما جعل الامور تصل الى لحظة الصفر. اي اما ان تعلن الحرب والمواجهة بين المتناحرين او ان يقع سحب فتيل الازمة والحوار. وهذا ليس مطلقا في الزمن بل محدود بايام قد لا تتجاوز شهر افريل الجاري.
هذا ما تبقى للبلاد من امل في الخروج من وضعية الحرب الى التهدئة والحوار. وهو ما يبدو ان البعض التقطه لترتفع الاصوات خلال الساعات القلية الفارطة داعية الى التعقل والتهدئة والبحث عن حل عبر حوار وطني. لتصدر منظمة الاعراف بيانا تدعو فيه الرئاسات الثلاث الى الحوار.
ويعلن الامين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي ان الوضع الحالي غير سليم وان على الرئيس ان يكون جزءا من الحل الذي يرى انه يتضمن حكومة انقاذ وطني وتغييرا في رئاسة البرلمان، مقابل لعب الرئيس لدوره وفق الدستور وإنهاء حالة الاحتقان والصراع.
مواقف تلتقى عند نقطة الحوار والبحث عن توافقات جديدة، وان اختلفت في تقدير هذه التوافقات، وهذا يبدو انه جزء من عملية ادارة التفاوض التي لا يرغب اي طرف ان يدخلها وقد القى بكل اوراق لعبه.

ومن بين الاطراف حركة النهضة التي تعلن انها ليست الطرف الذي يعطل الحوار، وان الضغط عليها غير معقول والحال ان «الرئيس هو من يرفض الحوار» وفق تصريح سامي الطريقي مستشار رئيس الحركة الذي يشدد على ان النهضة تريد الحوار، الذي لا ترى غيره سبيلا للخروج من الازمة.
حوار يقول الطريقي ان حركته مازالت ترغب في ان يكون بإشراف رئيس الجمهورية رغم انه طرف في الازمة ورغم انه فاجأ الجميع في 9 من افريل الجاري وبعده بمواقف غير مقبولة خاصة وانه يختار الاعياد والمناسبات الاحتفالية ليقدم دروسا للاحزاب والطبقة السياسية وهو امر لم يعد مقبولا لدى الحركة.
لكن الحركة تريد الحل ولهذا فهي ووفق الطريقي لم تقطع شعرة معاوية مع الرئيس في بيانها الصادر يوم الثلاثاء الماضي رغم حدة لهجته التي تراها ضرورية ليدرك الرئيس ان السياسة «تسويات» وان الازمة الحالية «معقدة تحتاج الى معالجة هادئة دون تشنج وتوتر».
تشنج تقول الحركة انه لايزال مهيمنا على الساحة ولكن هناك بوادر طيبة من بينها تصريحات لشخصيات محسوبة على الرئيس، تلقفتها حركته بايجابية خاصة وانها تشير الى ان «الحوار ممكن».
حوار تقول النهضة انها لا تضع شروطا مسبقة عليه، وانها ستلتزم بمخرجاته، حتى ان كانت هذه المخرجات حكومة انقاذ وطني. فالحركة تعتبر ان الحوار هو المهم لأنه ينقى المناخات من اجواء الصدام. صدام تقول النهضة انها تعمل على تجنبه وانها اطلقت مشاورات واتصالات مع عدة احزاب من البرلمان ومن خارجه للدفع نحو الحوار، وتراهن على ان يضغط الاتحاد على الرئاسة للانطلاق في الحوار في اسرع وقت قبل ان يفوت الاوان.
ضغط تعتبره النهضة ممكنا. من قبل الاتحاد والأحزاب القريبة من الرئيس كالتيار الديمقراطي الذي اتصلت به الحركة وتعول على ان يكون من بين الجهات التي تمارس ضغطا على الرئيس لإقناعه بضرورة الحوار.
حوار تقول النهضة انه قادم وان الرئيس «ليس عدميا» بل هو يريد فقط ان يفرض تصوره. واليوم عليه ان يقتنع بان هذا لا يكون دون تسويات سياسية عليه ان ينخرط فيها. كما انها تعتبر ان بعض التحركات التي تستهدف الرئيس خطيرة لأنها تعقد الامور وعلى اصحابها الكف عنها.
مخارج بات الجميع يسارع للوصول اليها قبل ان تدق الساعة ويجد الجميع انفسهم امام الكارثة...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115