بين الاجتماعات التحضيرية واللقاءين مع سفيري أمريكا والاتحاد الأوروبي في تونس: المشيشي ينطلق في حشد الدعم قبل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي

اقترب شهر أفريل الجاري من الانقضاء ويتجه الوضع المالي للبلاد نحو مزيد التعكر وسط أزمة صحية غير مسبوقة ألقت بثقلها على الاقتصاد وساهمت في تفاقم العجز إضافة إلى احتدام الأزمة السياسية وباتت الحرب والصراعات بين أجنحة السلطة على أشدها، أحداث تتطور يوما بعد آخر ومن شأنها أن تؤثر على المفاوضات المرتقبة مع صندوق النقد الدولي والتي توليها حكومة المشيشي أهمية كبرى لتعبئة الموارد المالية للميزانية، وقد انطلقت منذ فترة في تطبيق بعض الإجراءات والإصلاحات وطرح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنوي تطبيقه في الفترات القادمة بالرغم من أنها تدرك جيدا أن مصيرها مازال مجهولا وما إذا سيكتب لها البقاء وسط تواصل أزمة تفعيل التحوير الوزاري.
باتت صعوبة الوضع الاقتصادي معروفة عند الجميع، انخرام العجز الهيكلي بلغ مداه حتى أن تحقيق التوازن بات صعبا، فالعجز الذي يبلغ حاليا 18.5 مليار دينار وفق التقديرات الأولية مرشح للارتفاع من خلال إضافة أعباء جديدة يبدو أنها لن تقل عن 3 مليار دينار ليرتفع العجز إلى 21.5 مليار دينار ويفرض تدهور المؤشرات على الحكومة المضي قدما في الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على القرض، على غرار التعديل الآلي لأسعار المحروقات وتحرير الأسعار...وغيرها من الإجراءات التي انطلقت في تفعيلها ولكن يبقى الحصول على القرض رهين مدى التقدم في الإصلاحات المطالبة بها.
الاقتراض لتعبئة الموارد المالية الضرورية
الإجراءات والإصلاحات التي قامت بها الحكومة إلى حد اليوم لن تكون كافية لإقناع الشركاء وتعول على الدعم الدولي، لينطلق رئيس الحكومة هشام المشيشي في إجراء العديد من الاجتماعات التحضيرية واللقاءات، على غرار لقائه يوم أمس سفير الولايات المتحدة الأمريكية بتونس دونالد بلوم. وقد استعرض رئيس الحكومة جملة الإصلاحات الاقتصادية التي تنوي الحكومة اعتمادها في الفترة القادمة وسبل تنسيق الجهود مع أصدقاء تونس لحشد الدعم قبل المفاوضات المزمع إجراؤها مع صندوق النقد الدولي. من جهته عبّر السفير الأمريكي عن دعم بلاده لتونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي قصد تعبئة الموارد المالية الضرورية، مضيفا أن الإدارة الأمريكية على أتم الاستعداد لمساندة مجهودات التنمية في تونس وإنجاح المسار الديمقراطي. كما ثمّن التقدم المحرز في البرنامج التنموي الذي تقوده مؤسسة «تحدي الألفية» في تونس والذي سيوفر حوالي 500 مليون دولار كهبة لدعم الاقتصاد الوطني خاصة في مجال النقل والزراعة، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة.
زيارة لإقناع صندوق النقد بالبرنامج الإصلاحي
تفرض الحاجة إلى تمويل ميزانية السنة الجارية على الحكومة الحصول على قروض خارجية ولكن أغلب المؤسسات المالية الدولية المانحة باتت تشترط القيام بخطة إصلاحية، والزيارة التي سيقوم بها وفد حكومي إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بداية الشهر القادم تكتسي أهمية كبرى، حيث أكد وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار علي الكعلي أن الهدف منها إقناع كل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بضرورة مساندة تونس في برنامجها لإصلاح الاقتصاد الوطني ومرافقتها في هذه الإصلاحات، ودعم العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات، تصريح يأتي عقب اجتماع تنسيقي عقد الثلاثاء الفارط بين رئيس الحكومة مع كل من وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج ووزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار بغاية تنسيق الجهود قبل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وطرح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنوي الحكومة تطبيقه. علما وأن اتحاد الشغل سيكون ضمن المشاركين في الوفد.
مساندة من الاتحاد الأوروبي
كما التقى المشيشي أمس سفير الاتحاد الأوروبي في تونس ماركوس كورنارو ، لقاء أكد خلاله رجل القصبة حرص تونس على ضرورة العمل على دفع التعاون مع الاتحاد الأوروبي، مضيفا أن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي تعتبر علاقة استراتيجية ومثمرة للجانبين. وأشار إلى أن بلادنا تواجه اليوم مرحلة صعبة خصوصا في المجال الاقتصادي، مضيفا أنه تم تنسيق الجهود للتوجّه للتفاوض مع صندوق النقد الدولي ببرنامج اقتصادي توافقي وتشاركي مع كل المنظمات الوطنية. من جانبه عبّر السفير الأوروبي عن دعم الاتحاد المطلق لمجهودات الحكومة التونسية في ما يخص برنامج إصلاح الاقتصاد الوطني الذي وضعته الحكومة التونسية مؤخرا مضيفا أن لدى الاتحاد الأوروبي آليات دعم وتعاون سيتم وضعها على ذمة الحكومة التونسية. وشدد على أن الاتحاد الأوروبي سيكون أول المدافعين عن تونس لدى البلدان الأعضاء عبر برامج طموحة فيما يخص الاستثمار والتشغيل، كما سيضع خلال هذه السنة على ذمة تونس قروضا دون فوائض وهبات لدعم مجهودات تونس في تعبئة الموارد المالية.
دعوة إلى التهدئة
وستكون حكومة المشيشي أمام امتحان صعب جدا وهو إقناع كل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بخطة الإنقاذ الاقتصادي التي أعدتها خلال لقاءات بيت الحكمة والتي باتت في اللمسات الأخيرة بالرغم من أن الوضع السياسي «المتعفن» قد يحول دون تقدم المفاوضات أو أي عملية إصلاح أو محاولات لإنقاذ البلاد، فالأزمة السياسية في تفاقم متواصل وهذا ما جعل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، يدعو في بيان له أمس حول التجاذبات التي تشهدها الساحة السياسية والوطنية، الرئاسات الثلاث إلى التهدئة والأخذ بعين الاعتبار دقة المرحلة التي تمر بها البلاد، والإسراع بالجلوس حول طاولة الحوار لتجاوز كل الخلافات.
القفز إلى المجهول
واعتبر اتحاد الأعراف أن استمرار الخلافات لا يمكن أن يخدم مصلحة أي طرف، وستكون عواقبه وخيمة على الجميع وعلى الشعب التونسي بالدرجة الأولى. و نبه «من التداعيات الخطيرة لهذه الأجواء المشحونة ولهذه التجاذبات التي ما فتئت تحتد، مؤكدا أن تواصلها أصبح ينذر بالقفز في المجهول ويهدد استقرار البلاد». كما شدد على وجوب انكباب كل السلطات وكل القوى الوطنية على المشاغل الحقيقية والحيوية للتونسيين، ومعالجة المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تشهد تدهورا مستمرا وتفرض الانطلاق في الإصلاحات العاجلة والهيكلية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115