وقد توقفت لجنة التشريع العام عن مناقشته في الفترة الماضية وكان من المنتظر ان تعود اللجنة لمناقشة مقترح القانون خلال الأسبوع الماضي الا ان عدم تقدم جهة المبادرة بنسخة محينة تراعي التخفظات ومختلف وجهات النظر رحّلت العودة للنظر في تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية.
كان من المفترض ان تستأنف لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب الثلاثاء النظر في مقترح القانون المتعلّق بتعديل احكام الشيك دون رصيد من المجلة التجارية في فصلها 411، الذي يُوصف بالاهمّ في البرلمان نظرا لانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية في ظل أزمة الكوفيد 19 التي أدت إلى تخلف خلاص شيكات الضمان بدرجة اولى رغم ان شيك الضمان غير قانوني، والزجّ باصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة في السجن.
إلا ان تخلف الجهة المبادرة عن تقديم نسخة جديدة ومحيّنة لمقترح تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية، على ضوء مختلف الآراء وعلى رأسها البنك المركزي الذي عقدت معه جهة المبادرة اجتماعا يوم الاثنين الماضي، جعل لجنة التشريع العام تقرر ترحيل مناقشة فصول مقترح القانون المتعلق بتنقيح أحكام الشيك دون رصيد الواردة في الفصل 411 من المجلة التجارية الى حين تلقيها الصيغة الجديدة.
فبعد سلسلة الجلسات والنقاشات ورفض عديد الاطراف الإلغاء الكلي للعقوبة السجنية من الفصل 411 من المجلة التجارية خاصة دون ضمانات كافية لردع المتخلفين عن خلاص الشيكات التي أصدروها، خلصت جهة المبادرة الى ان مقترح القانون بصيغته التي كانت عليه خلال الفترة الماضية لا يُمكن ان يمرّ، وهو ما دفعها إلى طلب لتحيين نسخة مقترح القانون لكنها لم تقدم النسخة المحينة الى حدود أمس.
العقوبة السجنية: رفض ومطالبة
ويهدف مقترح القانون لتنقيح أحكام الشيك دون رصيد في المجلة التجارية الى الغاء العقوبات الجسدية في جرائم الشيك دون رصيد وتعويضها بعقوبات مالية وتجارية وادارية مع إمكانية التضييق على المتهم في تحركاته الداخلية والحدوديّة وغيرها من التضييقات التي تعوض العقوبة السجنية خاصة بالنسبة للشيكات المؤجلة وشيكات الضمان رغم انها غير قانونية، مع طرح رقمنة المعاملات بالشيكات مما يجعل إصدار شيك دون رصيد أمرا مستحيلا نظرا إلى امكانية التثبت الحيني لمتلقي الشيك من وجود رصيد مقابل له من عدمه.
لجنة التشريع العام عقدت جلسات استماع ماراطونية لكل الاطراف المعنية والمتداخلة في الملفّ نظرا لأهميّة الموضوع الذي يمسّ كل التونسيّين تقريبا بصفة مباشرة وغير مباشرة، حيث يعني ملف الشيكات دون رصيد بصفة مباشرة المؤسسات الصغرى والمتوسّطة التي تمثّل حوالي 80 % من النسيج الإقتصادي في البلاد وقد اغلقت حوالي 54 % منها بسبب ازمة الكوفيد 19 فيما تُهدّد البقية بالإفلاس.
وبعد الإستماعات والنقاشات خلصت الى 3 وجهات نظر، وهي إلغاء العقوبة السجنية كليّا كوجهة نظر الجهة المبادرة فيما يتمثل الرأي الثاني في الإبقاء على العقوبة السجنية مع التخلي عن إقرارها مع النفاذ العاجل لمنح من أصدر الشيك دون رصيد من أكثر فرص للخلاص وحين يُصبح الحكم باتا ونهائيّا يقع المرور الى تنفيذ العقوبة السجنية خاصة انه حاليا يقع إيقاف حتى من لم يصدر في حقه حكم إبتدائي وتتم إحالته في حالة إيقاف مما يمنع خلاص الشيك.
ويتمثّل الرأي الثالث والذي طرحه ممثلو أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسّطة وهو يفيد بأن إشكال الشيك دون رصيد هو إشكال بين الشركات والمواطن التونسي ولا دخل للدولة فيه للحكم عليه بالسجن وإيقافه دون منحه أي فرصة للعمل على خلاص الشيك، ولذك طرحوا عدم تدخل الدولة بالطريقة الحالية وفسح المجال أمام التقاضي للحكم على صاحب الشيك دون ودفع القيمة المالية للشيك على أقساط وفي حال التخلّف عن دقع قسط يقع حينها المرور الى العقوبة السجنية وتصبح حينها الجريمة ليست إصدار شيك دون رصيد إنما عدم دفع قسط.
هذا ويتضمن مقترح القانون المتعلق بتعديل احكام الشيك دون رصيد من المجلسة التجارية فصلا ينص على الاثر الرجعي للتعديل بمعنى انه يؤدي إلى إخلاء سبيل مساجين الشيك دون رصيد في حال ذهب التنقيح في اتجاه إلغاء العقوبة السجنية.