في الايام القليلة القادمة على ما يبدو، فما بين تصور الرجلين تفاصيل عدة تعقد عملية تنزيل الحوار على أرض الواقع .
بين يومي الاربعاء والجمعة الفارطين، انتقل موقف الرئاسة المعلن من الحوار الوطني من حوار مع الشباب يتجاوز الاطر والهياكل التقليدية الى حوار بين المؤسسات بمشاركة الشباب، وهذا ما كشف عنه اولا في اللقاء الذي جمع بنزار يعيش وزير المالية السابق، وثانيا في تصريح الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي اول امس في حواره الذي بث على القناة «الوطنية الاولى» وقناة «فرانس 24».
اذ ان رئاسة الجمهورية اعلنت في بلاغ لها يوم الاربعاء عن استعداد الرئيس للاشراف على حوار وطني يشارك فيه الشباب عبر تطبيقة فيما اكد يوم الجمعة للامين العام نور الدين الطبوبي الذي التقى الرئيس وفق قوله مطولا، انها لاتزال ملتزمة بمبادرة الاتحاد الداعية لحوار وطني.
مبادرة تقدم بها الاتحاد منذ 4 اشهر وانتظر طوال هذه المدة تفاعلا من الرئاسة التي اعربت في مناسبتين، قبل ذلك، انها تبنت الحوار وستفعله، لكن التفاعل تاخر وحلت محله مبادرة جديدة يقول الطبوبي انها هي نفسها مبادرة الاتحاد لكن مع توسيع قاعدة المشاركين لتشمل الشباب.
فوفق الامين العام تمت مناقشة تفاصيل وجزئيات عدة تتعلق بالحوار الوطني وفق مبادرة الاتحاد التي اضاف اليها الرئيس مشاركة الشباب وعدّل بعض افكارها، وانتهى الامر الى التزام الرئيس بان ينزلها على ارض الواقع، فيما ترك للاتحاد فتح قنوات حوار مع بقية الاطراف وقد أشار الطبوبي الى انه «شرع في تذليل بعض الصعوبات مع بقية الاطراف».
في ظاهر الامر قد تكون البلاد في طور تجاوز ازمتها التي استفحلت بان تنطلق في حوار وطني تشارك فيها المؤسسات والتنظيمات التقليدية وفق ما يلمح اليه الاتحاد لكن وبالعودة للماضي القريب يتضح ان هناك عناصر مفقودة لم تتضمنها سردية الامين العام.
فالرجل حرص على ان يبرز ان الرئاسة تتفاعل اجابيا مع مبادرة منظمته وانها لم تتخل عنها، دون ان يقدم الكثير من التفاصيل وردّ ذلك الى الاتفاق مع الرئاسة على التكتم الى حين انطلاق الحوار او استكمال الاستعدادات له.
ومن العناصر التي غابت عن سردية الاتحاد في علاقة بالحوار، مصير الحكومة الحالية، اذ ان المعطيات القادمة من محيط القصر لا تترك هامشا كبيرا للتفاؤل بان الحوار سيقام غدا او في الايام القليلة القادمة. اذ ان الرئيس الذي استقبل الطبوبي يومين مع لقائه بنزار يعيش الذي كلف بصياغة مبادرة جديدة للحوار، لم يغير موقفه كثيرا بين اللقاءين. فالرئيس لازال متمسكا بمواجهة المنظومة التي من بين عناصرها الهياكل الوسطى التقليدية، اي الاحزاب والمنظمات.
لكن يبدو ان ما دفعه الى التقدم خطوة باتجاه الاتحاد وإعلان الالتزام بمبادرته «رغبته» في تجنب الصراع مع المنظومة والدخول في سجال، خاصة وانه خسر حلفاء وأنصارا كثيرين منذ توليه مقاليد المنصب.
ويعني ذلك ان قيس سعيد لم يقدم التزاما بتنزيل المبادرة بقدر ما حرص على طمأنة الاتحاد وتجنب الصدام معه واعلانه انه ملتزم بالمبادرة ولكن هناك عقبة اساسية يجب تجاوزها لتنزيلها على الارض. وهذه العقبة هي حكومة المشيشي، فالرئيس متمسك بان الحوار مرتبط بالتوافق على هذه النقطة، اي ان الحوار لن ينطلق فعليا دون الاتفاق على رحيل حكومة المشيشي، وطالما ان هذه النقطة لم تحسم فانه لا يمكن التقدم في باقي النقاط .
هذه النقطة غابت نسبيا في تصريح الطبوبي الذي اكتفى بالإشارة الى ان الحوار سيتطرق الى «وضعية الحكومة» تاركا الامر مفتوحا على الاحتمالات، إما تمرير التحوير الوزاري او رحيل الحكومة، وقد يكون مرد تجنب الخوض بشكل مباشر في هذه النقطة من قبل الطبوبي توفير هامش للحركة مع باقي الاطراف.
ويهدف الهامش هنا الى الوصول الى توافق حول الية ذهاب الحكومة، فما ترغب فيه الرئاسة وعبرت عنه بشكل صريح للطبوبي استقالة المشيشي وذلك لعودة المبادرة اليها في تكليف الشخصية الاقدر، وهذا الطلب يدرك الطبوبي انه لن يقبل من حركة النهضة اساسا.
وهنا تتجلى بنسبة مختلفة «الصعوبات» التي يبحث الاتحاد عن «تذليلها» التي تتعلق بتقريب وجهات النظر بين طرفين اساسيين، الرئاسة وحركة النهضة للوصول الى صياغة تكون محل توافق بينهما وتوفر ضمانات لكل منها.
وفي انتظار هذه الضمانات ، يبدو ان المشهد لن يشهد انفراجا والازمة ستستمر فالمواقف التي اعلن عنها منذ بداية الازمة لم تشهد تغييرا جوهريا بل حصول بعض التعديلات في الشكل وترتيب الكلمات.
بعد إعلان الطبوبي عن أن الرئيس ملتزم بالحوار الوطني: مناورة قيس سعيد لشراء ود الاتحاد والضغط على النهضة
- بقلم حسان العيادي
- 13:42 29/03/2021
- 1231 عدد المشاهدات
بين ما أعلنه نور الدين الطبوبي من ان الحوار الوطني بات التزاما وقناعة لدى الرئيس قيس سعيد وما يفكر فيه الأخير. مسافة لن تقطع