أزمة التحوير الوزاري وتأخر الحل: الرئاسة تفقد حلفاءها تدريجيا

أللحظة / الزمن عنصر اساسي في السياسة. ومن يريد ان سيتغلها عليه ان يحسن اختيار التوقيت فاذا تعجل واستبق

زلّ واذا اطنب في التريث اخطأ. ولعل الرئاسة في كيفية معالجتها للازمة السياسية خير مثال على كيفية انقلاب الموازين نتيجة سوء تقدير اللحظة.
خلال الايام القليلة الفارطة جد تغيير طفيف في التموقعات والاصطفاف في الساحة السياسية التونسية. خاصة تلك المتعلقة بأزمة التحوير الوزاري وما تخفيه من ازمة بين رئاسة الجمهورية والبرلمان.
ازمة بلغت أسبوعها السابع ويبدو انها ستستمر الى ان تبلغ شهرها الثاني وربما بعده. فالرئيس وفي لقائه مع الامينين العامين للتيار الديمقرطي وحركة الشعب شدد على انه لا يخشى المعركة وانه سيواصل فيها اذا تمسك الاخرون بخوضها.
وضع يبدو انه لا يخدم صالح الرئيس الذي قد يجد نفسه في نهاية المطاف معزولا في المشهد السياسي، اذ خلال الايام الفارطة ارتفعت حدة انتقادات الاتحاد للرئاسة بشكل صريح أو بشكل مبطن وباتت تضع الرئاسة كما باقي المتصارعين في سلة واحدة وهي سلة «الصبيان» و«الذوات المتضخمة».
انتقاد صريح لتمسك الرئاسة بموقفه ورفض جهود الوساطة لاطلاق الحوار ذلك ما صدر عن الاتحاد الذي انتقل من ابداء حيرته من صمت الرئاسة الى انتقادها بشكل مباشر والذهاب بالنقد الى مربعات اخرى تجعل الرئاسة تفقد ابرز حليف لها في المشهد التونسي.
خسارة تلقفها رئيس حركة النهضة والبرلمان الذي أشار الى ان طلب استقالة الحكومة ليس محل اجماع وهو مطلب الرئيس فقط والذي ليس من حقه المطالبة بهذا. وهنا يقول الغنوشي في حواره مع «رويترز» ان الاتحاد لا يطالب باستقالة الحكومة.
هذا التلميح الى ان الاتحاد انفض من حول الرئاسة ليصبح في زمرة «المحايدين» او الاقرب الى الحكومة والبرلمان منه الى الرئاسة هو مايلمح اليه الغنوشي الذي ادرك ان غريمه قيس سعيد قد اهدر عشرات المناسبات لتعزيز اسبقيته ورص الصف الداعم له حينما «تباطأ» في تنزيل مبادرة الحوار او حينما صد الاتحاد ومبادرته في اكثر من مناسبة.
صد للاتحاد ودفعه دفعا الى الابتعاد عن الرئاسة هو مايخشاه باقى حلفاء الرئيس وخاصة حلفاؤه في البرلمان وهنا يتعلق الحديث بالكتلة الديمقراطية التي تخشى من استمرار نهج الرئاسة في معالجة الازمة وعدم ادراك ان الوقت عنصر اساسي في العملية السياسية واذا فاتت اللحظة فانه لا يمكن استرجاعها.
خشية عبرت عن نفسها على لسان زهير المغزاوي في السابق حينما أشار إلى ان الرئاسة اخطأت في عدم التسريع بالدعوة الى الحوار والاستجابة لمبادرة الاتحاد والمح الى أنها اهدرت الوقت. كما عبر عن ذلك بشكل غير مباشر غازي الشواشي الامين العام للتيار الديمقراطي الذي تحدث عن مضمون لقائه مع رئيس الجمهورية قبل يومين.
الشواشي يؤكد ان الحوار هو الفرصة الاخيرة لإنقاذ البلاد حتى وان وقع التاخير في إطلاقه وهنا يلمح الى ان هذا مرده خشية الرئيس من ان يكون الحوار دون المأمول منه او ان تكون مخرجاته دون الانتظار. ولا يمر الامر دون ان يعلن الشواشي ان ما يجمعهم بالرئيس تقاطع وليس تحالفا.
ولهذا فهم وان كانوا ينتظرون تفاعله مع دعوات الحوار وهو ما يعلن عنه في التصريحات الرسمية فان ذلك لن يطول الى ما لا نهاية بل لا يجب ان يتجاوز اخر الشهر الجاري. وإذا لم يدع للحوار فانه سيترك جانبا وسيقع اطلاق الحوار باليات اخرى.
تلميح يصبح «تصريحا» في الكواليس وخارج الاطر الرسمية ليشدد قادة التيار وحركة الشعب ان انتظارهم لتحرك الرئاسة لن يطول وانهم رسموا موعدا نهائيا لاعلان الرئاسة عن موقفها الرسمي وتنزيله على الارض ان وقع تجاوزه سيدفعون في اتجاه اخر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115