أزمة التحوير الوزاري: هل يحيي سعيد «التوافق» مع الغنوشي

تلج أزمة التحوير الوزاري اسبوعها الخامس. على وقع استعداد حزام الحكومة للنزول الى الشارع مع بداية تصدع أصابه وانتظار رد رئاسة الجمهورية

على مراسلة رئيس البرلمان الذي طالب بعقد لقاء ثلاثي لحل الازمة ودعوته لإحياء «التوافق».

28 يوما هو عمر ازمة التحوير الوزاري القابلة للتمدد في ظل تشابك المشهد التونسي وتداخل الصراعات والرهانات في البرلمان والشارع. ازمة استهلت بالاحتراز على وزراء مقترحين في التحوير تلاحقهم شبهات فساد وتضارب مصالح وباتت بعد اسبوعها الثاني تناحرا بين مؤسستي الرئاسة والبرلمان علقت الحكومة في وسطه.
حكومة باتت عبئا ثقيلا على الاغلبية البرلمانية وخاصة حركة النهضة التي تدرك انها ستكون امام حتمية تغييرها ولكنها تبحث عن تحسين شروط التفاوض وتوفير ضمانات قبل ان تنفض يدها منها رغم خطابها الذي يعلن عن التمسك بها ورفض دفع المشيشي الى الاستقالة .

هذه المقاربة تكشف عن نفسها بخجل في تصريحات قادة النهضة التي تعلن ان الازمة ليست بين البرلمان والرئاسة. بل بين الرئاسة والحكومة. وان القرار في يدي الطرفين وهم يدعمون المشيشي وأي خيار سيلجأ اليه. ودعمهم له يجعلهم يحشدون الشارع لتعبئته للنزول يوم السبت القادم .
خيار الضغط كلف به قادة النهضة الذين يتحركون لمزيد الضغط على الرئاسة باستعمال الشارع والبرلمان والتلويح بالتصعيد. مع ترك هامش لراشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس الحركة ليمد يد للرئاسة ويعرض عليها حلا.

حل عبر عنه الغنوشي امس في حواره مع اذاعة لـ«ديوان اف ام» قال فيه انه يقوم اساسا على لقاء بين الرؤساء الثلاثة. وان يقع التشاور والحوار والبحث عن توافق لإنهاء الازمة. حل قال انه توجه به الى الرئاسة ولكن الرد لم يصله بعد.
رد يبدو انه قد يتأخر. خاصة وان رئيس المجلس يريد للقاء ان يكون ثلاثيا وهو مدرك بان قصر قرطاج اوصد ابوابه امام رئيس الحكومة منذ التحوير الوزاري وبات رافضا له. وان الرد إذا اتى سيكون برفض اللقاء الثلاثي مع ترك الباب مفتوحا للقاء ثنائي.

هذا ما يدركه الغنوشي وقد عبر عنه في حواره الذي كشف فيه ايضا عن تخبط لدى النهضة ورئيس البرلمان الباحث عن تفادي الصدام مع حزامه ومغازلة الرئاسة في وقت واحد. اذ هو يبرز فاعلية الحزام ومتانته ويدافع عن قناعته بان نبيل القروي بريء وفق قاعدة ان كل متهم بريء الى ان تثبت ادانته بحكم قضائي. وان الدفاع عن القروي مرده انهما حليفان ولا يمكنه ان يدين حليفه دون حكم قضائي.

دفاع يتزامن مع تصاعد ضغط كتلة قلب تونس على رئيس البرلمان بعد مراسلته للرئاسة. التي كشفت عن نيته - اي راشد الغنوشي- بالتخلى عن المشيشي وحكومته والحزام البرلماني الحالي مقابل توافق جديد مع الرئاسة ومن يدعمه في البرلمان. وهو ما جعل حلفاءه يهددون بالالتحاق بعريضة سحب الثقة منه.
تهديد تضاعفت فاعليته مع تأخر تفاعل الرئاسة مع الدعوة الى «التوافق» التي وجهها الغنوشي وجددها امس فهو متمسك بالحوار واللقاء مع رئيس الجمهورية. كما انه يعتبر ان سر نجاح تونس هو التوافق الذي عاشت في ظله 5 سنوات وأنقذها من الانهيار . وهو الذي سينقذها اليوم من الازمة.

التمسك والإصرار على ان التوافق هو الذي سينقذ تونس، لا يقصد به الغنوشي توافق الرئاسات الثلاث. إنما التوافق بين المجلس والنهضة رأسا ورئيس الجمهورية بموجبه يقع اعادة ترتيب المشهد السياسي والتحالفات. فإما هذا او الذهاب الى تأبيد الازمة الى ما لا نهاية له.

فوفق رئيس المجلس لا يمكن الذهاب الى انتخابات تشريعية مبكرة لان البلاد غير مستعدة لها، والحال انه لا يرغب في ان يدفع الى الانتخابات لان حركته ستخسر الكثير وأول ما ستخسره رئاستها للبرلمان. هذا هو مربط الفرس لدى النهضة واصل اي اتفاق قادم مع الرئاسة وكتل البرلمان التي تدعم قيس سعيد. ولان رئيس البرلمان يدرك ان المغازلة وحدها لا تكفي بل قد تكون خطرا عليها قد ترك التصعيد لقادة حركته. مع حرصه على ان يبقى حبال الود موصولة مع باقي مكونات حزامه.

تقاسم الأدوار - الضغط ومد اليد - هو ما ستستمر الحركة فيه وهذا ما يجعلها حريصة على إنجاح مسيرة السبت القادم لتستعرض وزنها في الشارع. لكنها قد تتراجع عن التصعيد خاصة بعد تعمد الرئاسة توجيه رسائل مباشرة ومشفرة الى البرلمان والنهضة. وذلك في لقاء قيس سعيد بسفراء الاتحاد الاوروبي او مع ناشط من المجتمع المدني.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115