الجماعات الارهابية في تونس: عدد الارهابيين بالجبال في ارتفاع وعمليات الاستقطاب مستمرة

لم يكن الخبر الاساسي يوم امس مختلفا عن الايام السابقة، فهو ظلّ متعلقا بالإرهاب» و هذه المرة تعلّق باقتحام 40 ارهابيا لمنازل اهالي منطقة زغمار من معتمدية جلمة المتاخمة لجبل مغيلة بولاية سيدي بوزيد، وهذا الخبر ان تعمقت في دلالته

“مرعب” فان يقتحم 40 ارهابيا منازل في منطقة مكشوفة فهذا يعني اننا امام رقم اكبر مما اعلنته وزارة الداخلية، التي قدرت عدد الارهابيين في الجبال بـ120 لكن يبدو ان الرقم الفعلي اكبر بكثير.

وفق رواية لشهود عيان من منطقة زغمار من معتمدية جلمة بولاية سيدي بوزيد، 280 كلم عن العاصمة، هاجمت مجموعات إرهابية قدّر عددها بـ40 شخصا، 4 منازل في المنطقة مساء الجمعة 4 مارس الجاري، واستولت على مواد غذائية وأغطية. هذه المعطيات اكّدت وزارة الداخلية انها في طور التحقيق في صحتها، مبينة انها تلقت اشعارا من اهالي الجهة وفتحت تحقيقا في الغرض، وأنها ستعلن عن نتائج التحقيق ما ان ينتهي.

تفاصيل الواقعة التي رواها سكان منطقة «زغمار» وما قاله لهم الارهابيون، ليس هو «الاساسي» في الخبر بقدر ما هو عدد منفذي الاقتحام، ان انتهت التحقيقات بتاكيد الامر. فتنفيذ 40 ارهابيا لاقتحامات في منطقة محاذية لجبل المغيلة، الذي شهد مواجهات في السابق بين الامن والارهابيين، له دلالات عدة.

ابرزها ان الارهابيين مازالوا منتشرين في الجبل وان لهم ممرات آمنة» تسمح لهم بالتنقل بحرية وتسمح لهم بارسال مجموعات لـ«الاحتطاب» من منظورهم ولاقتحام منازل الناس والسرقة فعليا، وهنا يكمن الامر اللافت في الخبر.

فنزول 40 ارهابيين لتنفيذ عملية الاقتحام يعنى ان اخرين ظلوا في الجبال لتأمين عودة هذه المجموعة وحراسة المكان او تأمين مكان جديد وحاميته تحسبا لعمليات تمشيط تقوم بها وحدات الجيش والحرس التونسي، التي تتمركز على بعد 7 كلم عن المنطقة. مما يعني ان العدد اكبر من 40 شخصا.

في انتظار تأكيد الاجهزة المختصة صحة المعطيات وخصوصا دقة العدد المعلن عنه، يبدو ان الرقم التقديري الذي اعلنته وزارة الداخلية، منذ حوالي شهرين، عن الارهابيين في الجبال وهو 120 سيقع مراجعته قريبا لتقديم رقم تقديري جديد عن عدد هؤلاء.

وفي انتظار ذلك يمكن القيام بعملية جرد، تنطلق من ان العمليات الامنية في السنوات الاربع الماضية اسفرت عن مقتل اكثر من 90 إرهابيا، اخرهم تم القضاء عليهم في مدينة بن قردان، اضافة لعدد الموقوفين ولهم ارتباط مباشر بالتنظيمات الارهابية في الجبال، والذين تتحفظ الاجهزة عن تقديم معطيات عنهم، دون اغفال عدد 120 المعلن عنه للارهابين المنتشرين في اكثر من موقع، جبل الشعانبي جبل السمامة ،جبل السلوم، جبل المغيلة، وجبال السند، وجبال الشمال الغربي (جندوبة والكاف بالاساس).

وهذا يعني ان عدد الارهابيين المرتبطين بمجموعات في الجبال، بمن قضي عليه ومن سجن ومن لايزال ملاحقا، يتجاوز حاجز الـ250 شخصا، وهذا العدد مرشح للارتفاع اذ يبدو ان العمليات الامنية لم تتمكن من القضاء على عملية الاستقطاب او الحدّ منها.

فالرقم الذي اعلن عنه في 2014 من قبل وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو كان يقدّر عدد الارهابين في الجبال في مختلف المناطق الجبلية، بـ90 ارهابيا على اقصى تقدير، تم القضاء على 63 منهم في الفترة الممتدة من 2012 الى 2014.

هذا الرقم القديم هو من بنى عليه وزير الداخلية السابق ايضا، ناجم الغرسلي، استنتاجه ليعلن ان عدد الارهابيين في الجبال تقلص الى بعض الافراد محدودي العدد، وذلك في شهر جوان 2015 عند استعراضه لعملية القضاء على الارهابي مراد الغرسلي ومجموعته لدى تنقلهم في جبال ولاية قفصة.

يومها اعلن الوزير ان شبكات الاستقطاب قد استهدفت وان الارهابيين باتوا محاصرين، وهذا كان بالفعل ولكنه لم يدم، وهو ما اثبتته التطورات الأخيرة ومنها اعلان وزارة الداخلية مطلع 2016 عن ان العدد التقديري للإرهابيين في الجبال 120 شخصا.

وفي انتظار ان تعلن وزارة الداخلية عن نتائج تحقيقاتها، بنفي صحة العدد المعلن عنه أو تأكيده، يمكن القول اننا اليوم بتنا في مواجهة عدد يتجاوز 120 برقم هام، من الارهابيين المتحصنين في الجبال التونسية. وهذا يعنى ان عمليات الاستقطاب لا تزال قائمة وان كانت باكثر «حذر» من قبل المجموعات الارهابية.

ويبدو ان التعزيزات البشرية للجماعات الارهابية لم تعد مقتصرة على الاستقطاب من التراب التونسي، بقدر ماهي عملية تعزيز من خارج تونس، لإرهابيين تونسيين في بؤر التوتر قرروا العودة الى صفوف المجموعات الارهابية في جبال تونس.

هذه المجموعات التي ترتبط كل منها بتنظيم ارهابي مختلف- فبعضها مرتبط بتنظيم داعش الارهابي وبعضها مرتبط بالتنظيم الارهابي القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي- تنتشر اليوم في الشمال الغربي، وتحديدا في الجبال الرابطة ما بين جندوبة والكاف، حيث تعددت عمليات الاشتباك بين قوات الجيش والامن مع ارهابيين فيها.

كما تنتشر في الوسط الغربي، وتحديدا ما بين قفصة والقصرين وسيدي بوزيد، إضافة إلى انها باتت تبحث عن موقع لها في الجبال الجنوب التونسي، كما كشفته احداث جبال مطماطة من ولاية قابس.

الخطر الارهابي في تونس ليس بالامر الذي يمكن القضاء عليه بيسر وفي وقت وجيز ولكنه ايضا ليس بالامر المستحيل، فقط يحتاج الى يقظة وانتباه وضرب مراكز تجمع الارهابيين في الجبال ومراقبتها لضمان عدم عودتهم اليها مرة اخرى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115