المشيشي ومناورة الحكومة المصغرة : تصعيد للأزمة وإطالة لعمرها

مرت ثلاثة اسابيع منذ ان منح مجلس النواب بتاريخ 26 جانفي الفارط الثقة للتحوير الوزاري. وقد حمل كل يوم مر منذ ذالك التاريخ

معه تصاعدا في حدة الازمة. واخرها كان امس بقرار المشيشي اعفاء 5 وزراء وتكليف غيرهم بتسيير حقائبهم في انتظار وصول الوزراء الجدد.
نشرت رئاسة الحكومة صباح امس بلاغا اعلاميا اعلنت فيه ان هشام المشيشي اعفى محمّد بوستّة وزير العدل وسلوى الصغيّر وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم وكمال دقيش وزير الشباب والرياضة والإدماج المهني وليلى جفال وزيرة أملاك الدولة والشؤون العقارية، عاقصة البحري وزيرة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، من مهامهم.
وهؤلاء الوزراء الخمسة شملهم التحوير الذي تمت المصادقة عليه منذ ثلاثة اسابيع والذي لازال معطلا نتيجة رفض رئاسة الجمهورية اصدار اوامر التسمية وعدم دعوة الوزراء -الـ11 الذين شملهم تحوير المشيشي- الى اداء اليمين الدستورية. رفض كشف الرئيس امس في مراسلته للمشيشي عن اساببه مرة اخرى.
قرار اعفاء 5 وزراء محسوبين على القصر والصادر امس وتكليف 5 وزراء وكتاب دولة في الحكومة الحالية بتولي مهام الوزراء المقالين اضافة الى مهامهم الأصلية -بالنيابة- وهم حسناء بن سليمان محمّد بوسعيد و أحمد عظّوم ومحمد الفاضل كريّم. وسهام العيادي.
خطوة جاءت لتعلن أن المشيشي ماض في خياره بدفع الازمة الى اقصاها-والذي يعبر عنه بقوله في «انتظار استكمال التحوير الوزاري»- اذ ان المشيشي يتحرك وفق تصور قوامه ان الصراع بينه وبين الرئيس بات بالنسبة اليه متعلقا بمصيره السياسي وعليه فهو متمسك ببقائه في الصورة.
رغبة في البقاء عبرت عنها خطواته السابقة التي كانت تصعيدا للازمة، استشارة اساتذة القاتون الدستوري، فاستشارة المحكمة الادراية ثم استشارة الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القواينين، واخيرا خطوة الاقالات والتكليف.
خطوة يراد بها ان يتوفر الحد الادني لاستمرار عمل الحكومة بما يضمن قدرتها على البقاء والمناورة في صراعها مع الرئاسة، وهي خطوة تكشف عن ان التناحر سيستمر لاسابيع قادمة، خاصة وان المشيشي كشف انه لا يعتزم الاستقالة كما كشف عن ذلك أيضا حزامه البرلماني وعبر عن انه يدعمه في الصراع ويحشد الشارع خلفه.
وضع باتت فيه تعقيدات الازمة فيه تقاس بالدقائق، أزمة باتت شاملة لكل اوجه الحياة السياسية في تونس وطالت مؤسسات حكمها التي باتت في صراعات حادة يبحث كل طرف فيها على ان يكسب نقاطا اكثر تعزز تموقعه في الصراع.
حرب تموقعات وتحصين مواقع تضع البلاد امام اخطار وتحديات كبرى، اذ ان الصراع لا يبدو انه سيقف عند هذه الخطوات والرئاسة كشفت امس بمراسلتها التي نشرتها صفحتها في موقع الفايسبوك عن عزمها المضي في الصراع الى اخره مع المشيشي وحزامه المتكون اساسا من النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وكتلة الاصلاح.
اربع كتل تصطف خلف المشيشي وتدفع بالازمة الى الاستدامة الى حين نجاحها في انتخاب باقي اعضاء المحكمة الدستورية، وذلك ما كشفه اسراع البرلمان بعرض مشروع قانون يتعلق بإنزال الاغلبية المطلوبة لاستكمال انتخاب اعضاء المحكمة الدستورية من الثلثين الى الاغلبية المعززة اي من 145 صوتا الى 109 أصوات.
خيار تعثر ولكن لا يبدو انه سيقع الاستغناء عنه، وفي الاثناء تتصاعد حدة الاحتقان الاجتماعي في مختلف جهات البلاد التي باتت تعيش على وقع شحن وحشد للشارع وللانصار بهدف الاستقواء بهما لحسم معارك سياسية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115