صراع التحوير الوزاري وانتقاله إلى مربعات جديدة: مناورات لإطالة عمر الأزمة

التجأ يوم امس رئيس الحكومة الى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لاستشارتها بشان ازمة التحوير .وهو يدرك شأنه

شأن حزامه البرلماني ان الرد لن يكون في صالحهما. لكن مع ذلك لجآ اليها لرغبتهما في سحب ورقة تاويل الدستور من الرئيس وإطالة عمر الازمة علهما يجدان مخارج اخرى.
راسل رئيس الحكومة هشام المشيشي الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ليستجلى رأيها في ما قال انه «تعطيل مباشرة الوزراء المكلفين لمهاهم» وهو توصيفه لازمة التحوير الوزاري التي تختزل الصراع بينه وبين رئاسة الجمهورية.
استشارة يرغب من خلالها المشيشي في ان توفر له الهيئة الوقتية غطاء قانونيا ودستوريا لإصدار اوامر التسمية للوزراء إذا اقرت له بان رئيس الجمهورية قد يكون في «مجال غير مجال اختصاصه» او ان تدين الرئيس إذا اقرت بان رفضه اصدار اوامر التسمية مخالف للدستور.
استشارة يدرك رئيس الحكومة انها ستلقى مصير ما سبقها من استشارات سواء مع اساتذة القانون الدستوري او مع المحكمة الإدراية وهو الاقرار بان رئيس الحكومة لا يمكنه ان يمرر تحويره بـ«القوة» وان أزمة التحوير ازمة سياسية تحل بحوار سياسي.
لكن رغم ذلك لجأ اليها المشيشي لا بهدف كسب معركة وإنما يبدو انه يريد ان يرسخ انطباعا عاما وواقعا قوامه ان الصراع بينه وبين الرئاسة لا يحسم إلا دستوريا وان الجهة الوحدة القادرة على القيام بذلك هي المحكمة الدستورية.هذا الحرص يهدف الى سحب ورقة «احتكار تأويل الدستور» من يد الرئيس. ورسم مشهد قوامه ان قيس سعيد مثله مثل بقية الفاعلين لاعب في المشهد وليس حكما.

مناورة تريد ان تحقق مكسبا سياسيا وليس مكسبا دستوريا او قانونيا. فهي تبحث عن ترسخ فكرة ان الرئيس ليس الجهة التي تحتكر تاويل فصول الدستور وانه مثل البقية لا قدرة له على جعل قراءته الزامية. اي ان ما يصدر عنه ليس الا موقفه الخاص ولا الزامية له على اي طرف في الازمة.
اذن هدف الحكومة وحزامها من هذه الخطوة هو تعزيز تحصنهما في مواقعهما وعدم التراجع عن خيارهما الاول القائم على دفع التحوير الى منتهاه وان التنازل يجب ان يكون متبادلا بينهما وبين الرئاسة في اطار حل اعفاء الوزراء محل الشبهة. خيار يكشف ان الحكومة وحزامها البرلماني اختارا المواجهة وتصعيد الصراع بينهما وبين الرئاسة . التي بدورها تتمسك بموقفها الرفض للتحوير وتدفع الى استقالة حكومة المشيشي برمتها.

مشهد بات ساحة حرب بين جيشين يدرك كل منها انه لا يمتلك القوة الكافية لحسم الصراع لصالحه. لذلك لجأ كل منهما الى حفر خنادق والتمركز في معسكره لاطالة عمر الحرب لعل في ذلك مكاسب آجلة كان تتغير الموازين لحسم الصراع او يقع الاتفاق على التفاوض.
لكن هذا لايعنى اننا في هدنة اذ ان التصعيد سيستمر لاسابيع على ما يبدو بين الطرفين المتناحرين وسيسعى كل طرف منهما الى «اكتساب» مساحات جديدة في ارض المعركة التي لن يقع حسمها دستوريا او قانونيا طالما ان المحكمة الدستورية معطلة.
ازمة التحوير بات جليا ان الحكومة وحزامها يدفعان الى اطالة عمرها، لايام او أسابيع. وانهما يريدان ان يقع الضغط على الرئاسة اما لقبول التنازل المتبادل او ان تقدم على عرض حكومة المشيشي على البرلمان لنيل ثقته من جديد وفق الفصل 99 من الدستور.
هذا الخيار لا يبدو ان الرئاسة قد تنجر اليه لعدم توفر شروط نجاحه. ليظل خيار ثان بدوره مستبعدا وهو لجوء الاغلبية البرلمانية الى الفصل 97 من الدستور وتقديم لائحة لوم ضد الحكومة لسحب الثقة منها واختيار رئيس حكومة جديد.
خياران هما ما تبقى بعد ان اعلن المشيشي انه لين يستقيل ولكنها اليوم غير واردين في حسابات الاطراف المتصارعة التي يبدو انها تعمل على اطالة امد الازمة ودفع البلاد الى المجهول ومنطقة الخطر المحدق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115