اجتمع المشيشي مع حزامه البرلماني : بعد التخبط والانتظار.. رحلة البحث عن حل

كان حال الحزام البرلماني الداعم لحكومة المشيشي وحال الرجل نفسه كالماسكين بالجمر يتقاذفونه بالأيادي علهم يرتاحون قليلا من «رَمَضِهِ».

وهم عاجزون عن استيعاب الامر رغم وضوحه لهم، عجز حال دون تحديد خيار للتعامل مع ما فرضه الرئيس عليهم من واقع قوامه «انتهت حكومة المشيشي».

خلال الساعات الـ36 الماضية. وهي الفاصلة بين اعلان الرئيس في لقائه بالأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي انه لن يتراجع عن موقفه الذي تطور من رفض الدعوة لتادية اليمين الدستورية للوزراء المشتبه في تورطهم في ملفات فساد او تضارب مصالح، الى رفض لكامل التحوير الوزاري، وهو ما يعنى انه وضع المشيشي وحكومته امام باب المغادرة. واعلن عن نهاية زمن الرجل وزمن حكومته.

رفض صريح للتحوير الوزاري برمته جمر القاه الرئيس في يدي رئيس الحكومة وحزامه البرلماني، ومعه اعلمهم ان المخرج الذين ظنوه قد ينجو بالتحوير، وهو اللجوء الى الاجراء المستحيل غير دستوري وان الاجراء مجاله القانون الاداري وليس الدستوري وعليه فان هذا الخيار سيكون بمثابة احراق المركب برمته والمسؤولية ستقع على عاتق الحزام والحكومة باعتبار أنهم المتسببون في الازمة.

ازمة حالية قوامها ان التحوير الوزاري الذي صادق عليه البرلمان منذ اكثر من اسبوع لن تستكمل اركانه ما لم يصدر الرئيس الاوامر الترتيبية بالتعيين ليباشر الوزراء مهامهم وهذه الاوامر باتت حجر اساس من دونها لا المناورة بحلول ولا مخارج تجعل الرئيس وموقفه بعيدا عن القدرة على غلق الطريق امام 11 وزيرا .
وضع راهن فرضه الرئيس بتمسكه برفض التحوير الي يؤدي لزاما الى انهيار حكومة المشيشي ونهايتها السياسية تاركا عملية اخراج هذه النهاية لرئيس الحكومة وحزامه، بعد ان ضمن انه اغلق كل منافذ النجاة أمامهما وهذا ما لم تستوعبه بعد الحكومة وحزمها السياسي، اذ ان ما يصدر عن الطرفين من تصريحات ومحاولة لإيجاد مخرج يتجنب الاستقالة او سحب الثقة من المشيشي.

مخرج يبدو ان المشيشي وحزامه قد اجتهدوا للوصول اليه. وهو ان يقع اعفاء الوزراء الذين خصهم الرئيس في اجتماع مجلس الامن القومي قبل اسبوع بالتلميح والتصريح بأنه لن يقبل بهم في الحكومة، وعددهم متعارض بين الرئاسة قبلا والحكومة الآن، فالرئاسة كانت تعدهم 5 والحكومة تحصيهم اليوم 4.

اي ان المشيشي وحزامه السياسي وخاصة النهضة يعتبرون ان المخرج الامثل من الازمة الحالية هو ان يعلن الوزراء الاربعة انهم يطلبون اعفاءهم من تقلد مناصبهم بما يخفف الحمل عن الحكومة والحزام ليتمكنوا من الدفع بباقي الوزراء الى مناصبهم بالضغط اكثر على الرئاسة واعتبار انهم قاموا بالتنازل والدور الان عليها للمعاملة بالمثل.
هذا التصور الراهن للحكومة وحزامها تقديم وزراء اربعة نالوا ثقة البرلمان بأكثر من 118 صوتا لأقلهم . مقابل ان يفتح الطريق امام الوزراء الـ7 الباقين وتقديم ذلك عن انه حل يضمن للجميع «فوزا» يحفظ ماء الوجه. خيار عبرت عنه الكواليس في القصبة التي تشير الى ان المشيشي بادر بالطلب من وزرائه المعنيين بتقديم مطلب اعفاء من المنصب لتجاوز الأزمة وهو المخرج الذي عبرت عنه بعض قيادات حركة النهضة.

مخرج يامل الواقفون امامه ان يفتح بطريقة سحرية باب الحل في ظل علمهم بان الازمة بلغت منتهاها وان عرضهم تاخر موعده وبات غير صالح من وجه نظر الرئاسة التي شددت الخناق عليهم أكثر وهو ما يتلمسه جزء من الحزام الذي بات يعيش على وقع اللخبطة والصدمة، لتشقه مواقف متباينة وتقييمات مختلفة للأزمة وكيفية الخروج منها.
صدمة تعبر عنها تصريحات تصدر من قلب تونس على سبيل المثال التي وقف الزمن عندها في «لحطة التصويت» فيها تعتبر ان المجلس منح الثقة وما على الرئيس الا ان يستدعى الوزراء لاداء اليمين الدستورية وعدم تعطيل المسار، مع الاشارة كثيرا الى مسألة الصلاحيات وحدود الرئيس، وهو خطاب يكشف ان قلب تونس قد يكون عالقا « في لحظة الانكار» غير قادر على اتخاذ موقف واضح يعكس استيعابه ان سعيد «قلب الطاولة» على الحكومة وحزامها وان النهاية باتت معلومة وما يؤجلها الا تخبط الرجل وحزامه السياسي بحثا عن «معجزة» يدركون ان زمنها قد ولّى.

تخبط وحيرة تدفع بالحكومة وحزامها السياسي الضيق، وهم النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، للجلوس معا والبحث عن مخرج سيقع تسويقه لاحقا لدى بقية الحزام الواسع، كتلة تحيا تونس والاصلاح والكتلة الوطنية، التي تشكل الحزام الثاني الذي يدرك انه سيكون اكبر الخاسرين ان لم يعدل من تموقع السياسي والبرلماني. ادراك يعبر عنه الصمت واشارة من هم في هذا الحزام الى انهم في طور التدارس والبحث عن حلّ لازمة هم جزء من الفاعلين فيها ولا يسعهم اليوم أن يتحملوا الوزر الاكبر لتداعياتها عليهم.

مشهد جديد بتنا فيه سمته الوقوف على ابواب المجهول الذي قد نحشر فيه حشرا إذا استمر التخبط والضبابية لدى الحزام السياسي والحكومة وعدم استيعاب ان الموازين تغيرت لصالح القصر اليوم وعليهم ان يجاروها. ويبدو ان هذا ما يبحثون عنه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115