تمسك الرئيس بموقفه ينهي زمن المشيشي: الاستقالة أو الإقالة.... أيهما ستختار الأغلبية البرلمانية ؟

احرق امس الرئيس قيس سعيد كل مراكب الحكومة وحزامها السياسي وجعلهما امام خيار وحيد إما «القفز من المركب المحترق» او التشبث به والغرق معا.

فالرجل متمسك برفض اداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية وهو ما يعنى ان نهاية الحكومة باتت مسألة وقت وهو ما يوفر لحزامها البرلماني هامشا للمناورة وإيجاد صيغة للخروج من الازمة .

«نجتمع في جلسة للحديث عن ايجاد حل لوضع لم اتسبب فيه بل تسبب فيه المناورون » بهذه الكلمات وضع الرئيس قيس سعيد اطار لقائه بالأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي الذي استمع لتأكيد الرئيس ان اليمين الدستورية ليست «مجرد إجراء » وانه مستعد لكل الحلول ولكنه ليس مستعدا على الاطلاق لـ«التراجع عن المبادئ» في اشارة الى انه لن يتراجع عن موقفه من التحوير الوزاري. وهو مستعد للحوار في المسائل التي من الممكن ان يقع التحاور فيها وفي ذلك تلميح صريح بأنه يقبل بحوار من اجل الخروج من الازمة الحالية المتمثلة في «شلل الحكومة» ونهايتها سياسيا لكنه يجعل هذا الحوار مشروطا .

شروط لن تتضح حاليا ولكن الحكومة وحزامها السياسي يدركان انها تقوم اولا على الإقرار بان حكومة المشيشي انتهت وان الحوار الذي يلمح اليه الرئيس هو ما بعد الحكومة. اي انه يجعل الاغلبية البرلمانية امام خيارات محدودة تلتقى كلها في ان الحكومة انتهت وان المرحلة القادمة هي مرحلة اختيار رئيس الحكومة القادم.

فما يطرحه الرئيس بأنه «ضامن الدستور» وهو صاحب صلاحية التأويل حاليا كما انه متمسك بصلاحياته التي نجح في أن يوسع منها بما يجعله لاعبا اساسيا وليس « رمزيا « يجعل الاغلبية البرلمانية تنظر الى الوضع على انه يحمل مخرجين من الازمة اما ان تسحب الثقة من الحكومة وتسقطها، وهو خيار يستوجب ان تصل الاغلبية البرلمانية الى توافق بشان الشخصية المرشحة لتولى رئاسة الحكومة قبل كل شيء.هذه الشخصية بدورها يجب ان تحظى بدعم الرئيس وهو ما يعنى ان الخيار بدوره سيكون مشتركا بين الرئاسة والأغلبية البرلمانية.

اغلبية ستكون في ازمة تجعلها تبحث عن كسب الوقت لاستيعاب المشهد وتحديد الخيارات الاقل سوء لاتخاذها لذلك فهي -حاليا- تلتزم الصمت في انتظار تنسيق المواقف مع رئيس الحكومة لمعرفة كيفية التحرك في المشهد خلال الايام القادمة. اذ تدرك ان كل خيار يفتح امامها احتمالات عدة. واول الخيارات التي تخفيها هي استمرار الازمة والقطيعة مع القصر.
لذلك فإنها لن تذهب الى التصعيد معه بل ستبحث عن حلول وسط، بموجبها تقر بنهاية الحكومة ولكن ستبحث عن كيفية النهاية سحب ثقة او استقالة، فلكل طريقة مسار مختلف عن الاخر وان كان اللاعب الاساسي فيها سيكون الرئيس الذي نجح في ان يعيد التوازن لصالحه بعد تسرع المشيشي وذهابه الى التحوير الوزاري دون ضمان حد ادنى من التوافق مع الرئاسة.

خيار سحب الثقة قد يكون المغري بالنسبة لجزء من الاغلبية البرلمانية الداعمة للحكومة الحالية ولكنه سيكون محفوفا بمصاعب وعقبات اولها تحديد اسم المرشح الذي قد يضمن توفير 109 أصوات، فالدستور هنا جعل من حجب الثقة عن رئيس الحكومة مقترنة بتقديم مرشح بديل لتولى منصب رئيس الحكومة ولكنها قد تنجح في الوصول الى توافق خشية ان يقع اللجوء الى الخيار الثاني وهو استقالة المشيشي وعودة المبادرة لرئيس الجمهورية ليختار الشخصية الاقدر لتولى منصب رئيس الحكومة.

هذه الخيارات المطروحة امام الاغلبية البرلمانية إذا ارادت حل الازمة مع رئاسة الجمهورية واقرت لها بانها لاعب اساسي ومحوري في المعادلة، ولكنها إذا أرادت التصعيد فستلجأ الى خيارات اخرى لتعميق الازمة اكثر بما يجعل المخرج الوحيد انتخابات مبكرة.
صورة مركبة لن تتضح الا في الساعات القليلة القادمة التي تتشبث فيها الاغلبية البرلمانية بان «تتحصل على رد رسمي من الرئيس يجعل المشيشي يراسل الرئاسة لطلب تنظيم موكب اداء اليمين الدستوري للوزراء الجدد. رد رسمي تعتبر الاغلبية أنه قد يحمل معه بوادر انفراج ازمة وهو «القشة» التي قد يراهنون عليها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115