رئاسة الجمهورية والتمسك برواية التسميم : أين الحقيقة ؟؟

يوم امس نشرت رئاسة الجمهورية بلاغا أعلمت فيه ان الرئيس تلقى مكالمة من نظيره المصري ليطمئن على صحته «اثر المحاولة الفاشلة لتسميمه»

وهنا تعلن الرئاسة انها متمسكة برواية « تسميم الرئيس» التي لا تعتبرها خطرة بقدر «تسميم العقول والافكار» ليشتد التناقض بين مرويات المؤسسات التي يشكك كل منها في الاخر ويضرب ما تبقى من «مصداقية للدولة».

خلال الايام الفارطة كان جزء هام من البلاغات الصحفية والبيانات الصادرة عن رئاسة الجمهورية يشير الى تلقى الرئيس قيس سعيد لمكالمات هاتفية من نظرائه للاطمئنان على صحته بعد نشر معطيات تتعلق بتعرضه لمحاولة «تسميم» فندتها النيابة العمومية التي اعلنت ان «الظرف المشبوه» خال من اية مواد سامة او مخدرة او متفجرة وذلك يوم الجمعة الفارط.

لكن ورغم ما أعلنته النيابة العمومية من انه لا توجد ادلة جنائية تثبت تعرض الرئيس لمحاولة تسميم فاشلة ادت الى إصابة مديرة ديوانه عوضا عنه لدى فتحها للظرف وتعرضها لوعكة صحية فقد حافظت رئاسة الجمهورية على موقفها بتصنيف ما جد في بداية الاسبوع بـ«محاولة تسميم فاشلة» للرئيس. وتتحدث الرواية الرسمية الصادرة عن قصر قرطاج عن تلقي القصر لمراسلة لم تحدد الجهة الصادرة عنها وعند فتحها من قبل مديرة الديوان نادية عكاشة تعرضت لوعكة صحية استوجبت نقلها للمستشفى العسكري.

«محاولة تسميم فاشلة «وصف استخدم يوم امس في بلاغ صحفي نشرته الرئاسة للحديث عن مضمون المكالمة الهاتفية التي جمعت قيس سعيد بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي وفيها أعرب الرئيس المصري «عن تضامنه الكامل مع رئيس الجمهورية ومع الشعب التونسي إثر المحاولة الفاشلة لتسميم رئيس الدولة» وهو ما شكره عليه الرئيس الذي وصف التضامن معه ومع الشعب التونسي بـ«الموقف النبيل».

اعراب اشارت اليه الرئاسة التي قالت ان المحادثة تطرقت الى ان الخطر الحقيقي ليس «تسميم الرئيس» بل «تسميم العقول والأفكار» اذ يعتبر الرئيس ان «السموم الزعاف» هي التي تستهدف الشعوب والدول قبل أن تستهدف الأشخاص والقيادات. في نقد مبطن للطبقة السياسية التي يخوض معها صراعا منذ فترة ويعتبرها خطرا على الدولة التونسية وشعبها.
طبقة سياسية يلمح الرئيس الى انها اخطر على تونس من محاولة «اغتياله الفاشلة» عبر ظرف مشبوه وجد طريقه الى ديوانه، وهنا يبدو ان الرئيس ليس متمسكا فقط بوجود محاولة لتسميه بل يعتبر الامر صراعا اشد وهو ان جزءا من الطبقة السياسية يتعمد تسميم الافكار في اشارة الى التشكيك في مروية القصر بشان الظرف المشبوه والى الخلافات الحادة بينه وبين الحكومة والمجلس والاغلبية البرلمانية.

الربط بين تسميم الرئيس جسديا وتسميم عقول وافكار التونسيين هو خطوة الرئيس الجديدة في تشديد الخناق على خصومه الذين من بينهم الحكومة، التي يضعها الرئيس- هنا- في موضع شك كما باقي المؤسسات في ظل تضارب الروايات بين القصر والنيابة العمومية التي يبدو ان الرئيس «يكذب» بشكل مباشر روايتها بشان خلو الظرف من اية مواد سامة ويجعلها ومن خلفها الحكومة برمتها محل تشكيك .

التشكيك وضرب مصداقية المؤسسات هو المرحلة الجديدة في الصراع بين مؤسسات الدولة واجهزتها التي تتناقض رواياتها بشكل جذري في ملف له طبيعة امن قومي، محاولة اغتيال للرئيس- التي يبدو ان حلقاتها ستستمر في استمرار لوضع تغيب فيه الجدية عن مؤسسات الدولة وطريقة معالجتها لملفات حساسة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115