مبادرة الحوار الوطني : زال الغموض فهل ستنخرط النهضة ؟

حسمت رئاسة الجمهورية والاتحاد العام التونسي للشغل ما تبقى من نقاط الغموض في مبادرة الحوار الوطني لتتضح الصورة اكثر لدى الفاعلين السياسيين المعنيين بالمشاركة

في الحوار الذي استثنى منه ائتلاف الكرامة والدستوري الحر، اما البقية فتبقى الكرة في ملاعبهم ليعلنوا عن مواقفهم من المبادرة وخاصة حركة النهضة.

خلال الساعات الـ48 الفارطة عاشت تونس على وقع حدثين اقالة وزير الداخلية التي اخفى الزخم المرتبط بها الحدث الثاني المتمثل في لقاء رئيس الجمهورية بالأمين العام لاتحاد الشغل والاتفاق على ما تبقى من نقاط غامضة في مبادرة الحوار الوطني الذي عدلت الرئاسة فيه ليصبح حوارا وطنيا بمشاركة الشباب لتصحيح مسار الثورة.
وقد أفضى هذا اللقاء الى الانتهاء من صياغة المبادرة بشكلها الجديد الذي مزج بين ما قدم في وثيقة الاتحاد وما طالبت به الرئاسة من استثناء بعض الاطراف ومن مشاركة الشباب وتحديد الهدف بتصحيح مسار الثورة ، وهو ما أعلن عنه الامين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي وما كشفه بيان رئاسة الجمهورية.

فمبادرة الحوار الوطني التي اقرتها الرئاسة باتت موجهة الى كل الفاعلين السياسيين من احزاب ومنظمات وجمعيات باستثناء ائتلاف الكرامة والدستوري الحر، اللذين شرح الطبوبي اسباب استثنائهما من الحوار الوطني (انظر مقال دنيا حفصة) مع مشاركة الشباب الذي سيكون وفق الطبوبي شباب المنظمات والأحزاب والجمعيات .
وقد تم حسم ما تبقى من نقاط الغموض وترك الباب مفتوحا امام قلب تونس ليلتحق بالحوار إذا اعتبر رئيس الجمهورية ان ايقاف نبيل القروي كاف لرفع تحفظاته ام انه سيعتبر الحزب ورئيسه كيانا واحدا يرفض ان يوجه اليه دعوة المشاركة في الحوار.

هذه النقطة قد تساهم في تحديد موقف حركة النهضة بالاساس، اذ ان المواقف الاولية لكل الاطراف السياسية والحزبية الممثلة في البرلمان او خارجه ابدت دعمها للحوار وقبولا مبدئيا بالمشاركة فيه ولا يبدو انها قد تغير من موقفها لان في ذلك خسارة كبرى لها.

ويعني ذلك ان حركة النهضة صاحبة الكتلة البرلمانية الاولى في المجلس ستكون امام خيارين اما ان تعلن رفضها للمشاركة وهذا مستبعد او ان تقبل مع محاولة الدفع باتجاه مشاركة قلب تونس على الاقل، وفي الحالتين تنظر الحركة الى الامر اما من زاوية المنفعة السياسية او درء المضرة فهي تدرك انها ستضع نفسها وحكومة المشيشي في الزاوية ان رفضت المشاركة دون قلب تونس وائتلاف الكرامة وستهدر فرصة كبح جماح الدستوري الحر في البرلمان.

فالنهضة وبعد اتضاح الصورة وتحديد هوية المشاركين تجد في المبادرة ما يخدم صالحها ولو نسبيا، فهي ولئن حرمت من دعم حليفها ائتلاف الكرامة فقد ظفرت بعزل الدستوري الحر وعدم اشراكه في الحوار، وهذه النقطة في صالح الحركة إذا قررت الذهاب الى الحوار وعملت على ان نجاحه وستحقق في النهاية ما عملت منذ سنة ونيف على الفوز به، عزل الدستوري الحر في البرلمان وجعله طرفا دون سند وغير قادر على التأثير.

لكن هل يكفى ان يقع عزل الدستوري الحر لتقتنع النهضة بالمشاركة في حوار تتمسك بان يكون دون اقصاء والقصد ان لا يقع ابعاد حليفيها ، فالحركة تعلم ان المبادرة على صيغتها الحالية وان كانت ذات مقبولية وقادرة على ان تحقق «التوافق» الذي تدعو اليه ستكون فيه «وحيدة» وهو ما يعنى انها لن تستطيع في الملف السياسي بالأساس ان تحدد وجه الحوار من جانب اخر ستقر بعجز البرلمان لصالح الرئاسة.

هذه هي العقبة التي ستحدد مصير الحوار الوطني بعد ان رفعت عقبة مشاركة الشباب واتضحت الصورة للنهضة وباقي الاحزاب بان «الشباب» المعني ليس فقط انصار قيس سعيد بل سيكون جزء منه من انصارها ومن انصار بقية الأحزاب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115