خلال ترؤسه أول اجتماع لمجلس الأمن خلال سنة 2021: رئيس الجمهورية قيس سعيد : نحتاج الى مفاهيم جديدة للتضامن الدولي لنخرج من الأوضاع التي نعيشها

• نؤكد التزام تونس الثابت بمواصلة خدمة السلم والأمن والتنمية المستدامة
تتولى تونس خلال شهر جانفي الجاري رئاسة مجلس الأمن بصفتها عضوا غير دائم لعامي 2020 و2021،

ويمثل ذلك حدثا بالغ الأهمية في مسيرة الدبلوماسية التونسية يضعها أمام استحقاقات هامة على المستوى الدولي . وقد ترأس رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس أول اجتماع مفتوح رفيع المستوى للعام الجديد حول موضوع «تحديات حفظ السلم والأمن الدوليين في السياقات الهشة»، وألقى كلمة الافتتاح عن بعد بصفته رئيسا لمجلس الأمن أكد خلالها التزام تونس الثابت بمواصلة خدمة السلم والأمن والتنمية المستدامة، من أجل تحقيق التطلعات المشروعة لكلّ شعوب الأرض إلى عالم أكثر أمنا . وعرض أهم محاور الجلسة الافتتاحية التي تتعلق بالأساس بصون السلام والأمن الدوليين ،إضافة الى التحديات التي يواجها صون السلام والأمن في السياقات التي توصف بالضعيفة او بالهشة .
كما اقرّ رئيس الجمهورية جدول أعمال الجلسة بموجب المادة 39 من النظام الداخلي المؤقت للمجلس. كما لفت سعيد انتباه أعضاء مجلس الامن الى الوثيقة رقم 2020/ 1296 وهي رسالة مؤرخة في 28 ديسمبر من سنة 2020 موجهة الى الأمين العام من الممثل الدائم لتونس أحال خلالها ورقة مفاهيمية بشأن البند قيد النظر . كما رحب سعيد بالأمين العام وبرؤساء الدول والحكومات والوزراء وسائر الممثلين رفيعي المستوى مشيرا الى ان المشاركة في هذه الجلسة تأكيد على أهمية موضوع «صون السلام في السياقات الهشة» .
وقال في كلمته الافتتاحية ان اختيارنا لموضوع «تحدّيات حفظ السّلم والأمن الدوليين في السياقات الهشّة» محورا لهذه الجلسة التي نعقدها اليوم، يتنزّل في إطار حرصنا على الوقوف على عوامل الهشاشة، التي تمثّل محرّكات رئيسية للعنف وتطيل أمد النزاعات القائمة والتي استمرت لمدة عقود، وتمهد للأسف لاندلاع نزاعات أخرى جديدة». مشيرا الى أنها تساهم في تقويض أسس الدول والجهـود المبذولـة لتعزيـــز الديمقراطيـــة والتقـــدّم الاجتمـــاعي والاقتـــصادي في عديد المناطق في العالم، خاصّة في القارة الإفريقية التي عانت من التهميش ومن الحروب، علاوة على تعميقها للأزمات الإنسانية وتعقيدها لمسارات التنمية وإعادة الاستقرار في البلدان الخارجة من النزاعات.
وأضاف :«اعتقادنا راسخ بأنّ إنهاء الحرب، على أهميته القصوى، لا يفضي بالضرورة وبصفة آلية إلى السلام الدائم. كما أنّ وقف إطلاق النار لا يمثّل نهاية للنزاعات، بل يعدّ خطوة أولى ضرورية نحو التسوية السلمية، في حين أنّ الحفاظ على نتائج السلام وترسيخها وتمتين أسس الاستقرار، يتطلّب مقاربة شـاملة متعددة الأطراف وطويـلة الأمد، تركّز على معالجة الأسباب الهيكلية العميقة للصراع وفي مقدّمتها عوامل الهشاشة.
واكد سعيد أن أبرز التحديات التي تواجهها هذه المناطق تتلخص بالأساس بالفقر والبطالة والتهميش والإقصاء وتراجع مؤشّرات التنمية البشرية وتدنّي فعاليـة مؤسّـسات الدولـة، وهذه من أكبر الأخطار، وضعف الحوكمة، إلى الإرهاب والتطرّف العنيف ونشاطات الجريمة المنظّمة العابرة للحدود، فضلا عن تأثيرات التغيرات المناخية وشحّ الموارد وانتشار الأوبئة، وهذه كلّها – بحسب سعيد -عوامل تغذّي بعضها البعض وتدفع باتّجاه تأجيج مظاهر العنف والنزاعات والصراعات وتعمّق تآكل التماسك الاجتماعي، كما تتسبّب في موجات اللّجوء والهجرة غير المنظّمة، وهي بذلك تمثّل تقويضا جدّيّا لجهود الحكومات الوطنية والمجموعة الدولية لبنـاء الـسلم وتحقيق الاستقرار في المراحل التي تلي النزاعات المسلحة».
وتطرق سعيد الى المشاكل والأزمات التي واجهتها القارة الافريقية مؤكدا بأن افريقيا عماد مستقبل الأمن والاستقرار والازدهار في العالم، ورغم ذلك فانها بقيت ضحيّة للعنف والنزاعات ولتراكم عديد عوامل الهشاشة التي ولّدت تحدّيات وتهديدات معقّدة ومتعدّدة الأبعاد، جعلتها في حالة طوارئ أمنية وإنسانية وتنموية وصحية، وعرضة للعنف وللإرهاب.
مفهوم أشمل للأمن الدولي
وأكد سعيد على أن إنّ التحدّيات والصراعات الناشئة تستوجب اعتماد مجلس الأمن لمفهوم أشمل للأمن الدولي يأخذ بعين الاعتبار التداخل والتفاعل بين عوامل الهشاشة من ناحية والعنف والنزاعات المسلّحة من ناحية أخرى، كما تتطلّب استجابات متعدّدة الاختصاصات بمساهمة مختلف المتدخلين الدوليين في إطار جهد مشترك ومنسّق ومتكامل. مضيفا بأن الأمم المتّحدة مطالبة بالمساهمة الفاعلة والناجعة في معالجة الأســباب العميقة للهشاشة المهدّدة للأمن والسلم والمؤدّية إلى العنف وتفشي النزاعات. كما أنّ التكامل بين الجهود الأممية والإقليمية والوطنية في هذا المجال يكتسي بالتأكيد عند الجميع أهمية بالغة.
وشدد على ضرورة تعبئـــة جهود جميـــع الدول والجـــهات المسؤولة دون استثناء، وفي مقدّمتها صنـاديق الأمـم المتّحـدة وبرامجـها وشركاؤها الإقليميون، على المستويات الإقليمية المختلفة، والمؤسّسـات الماليـة الدوليـة والدول المانحة، وذلك بهدف صياغة استراتيجيات شاملة لبناء السـلام تركّز على بناء قدرات الدول المعنية وتعزيز تملّكها لبرامج التخلّص من عوامل الفقر والاقتتال والهشاشة،وتوطيد مقوّمات الاستقرار وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقال انه يتوجب على مجلس الأمن، مزيد دعم مبادرات منع نشوب النزاعات وتعزيـز سيادة القانون ونجاعة المؤسّسات الوطنية، ودفع الجهود الوطنية والأممية والدولية لتعزيز التنمية وضمان مقومات العيش الكريم لجميع الفئات والأشخاص في كل انحاء العالم.
وفي ما يتعلق بجائحة كورونا وأخطارها وتأثيراتها قال في كلمته: «يعلم الجميع أن الجائحة التي عاشها العالم في السنة المنقضية ولا تزال للأسف مستمرة، أربكت جميع الدول وفي كل أوجه الحياة، وأثّرت تداعياتها على جميع الدول، لكن مخاطرها وتأثيراتها كانت أشدّ وطأة في سياقات الهشاشة والفقر،ممّا يضاعف مخاطر زيادة التوتّرات الاجتماعية والاقتصادية ونزعات العنف والمآسي الإنسانية، وتهديد السلم والأمن الدوليين.
ودعا رئيس الجمهورية إلى مزيد تعزيز التعاون الدولي في مواجهة هذا التهديد غير المسبوق، وفق رؤية تقوم على التضامن الإنساني الحقيقي والتآزر الفاعل، وتستوعب كلّ عوامل تغذية الصراعات وإطالة أمدها، خاصّة أنّ مثل هذه الجوائح لا تعترف بالحدود ولا تستثني أحدا، كما أنّها تضع العالم بأسره في سياق من الهشاشة، لا يمكننا تجاوزه فرادى».
كما شدد على ضرورة أن تكون التلاقيح والأدوية المحتملة لهذه الجائحة متاحة للجميع حيث لن يكون أحد في مأمن ما لم يكن الجميع في مأمن. كما دعا كافة أطراف النزاعات في العالم كله إلى الاستجابة لنداء الأمين العامّ لوقف كافة أشكال الاقتتال والامتثال للقرار عدد 2532 الذي اعتمده مجلس الأمن بالإجماع يوم 01 جويلية 2020 بمبادرة من تونس وفرنسا، مضيفا بان هذا القرار «أنار السبيل للمجموعة الدولية من أجل معالجة هذه الجائحة بالنجاعة المطلوبة.»
واكد ان من بين الحقوق المشروعة التي يجب التذكير بها والتأكيد عليها في كل اجتماع وكل مقام حق الشعب الفلسطيني في أرضه .
وأضاف :«اننا مدعوون كلنا للمساهمة في صنع تاريخ جديد للإنسانية جمعاء فلنكن جميعا في موعد جديد مع التاريخ».
كما شدد خلال تسييره لجلسة مجلس الامن على «الحاجة الى مفاهيم جديدة نضعها مجتمعين متضامنين بمستوى الإنسانية كلها. وأضاف :«لقد ظهرت عبر العقود مفاهيم كثيرة متعددة بالنسبة للدول التي نصفها اليوم بالهشّة وكانت «الدول المستقلة حديثا» ثم صارت الدول النامية ثم بعد ذلك أضيفت تصنيفات كثيرة أخرى ، ولكننا ما زلنا للأسف بالرغم من تغير الأوصاف والأسماء في نفس المربع الأول ولكن بمفاهيم مختلفة» وتابع: «يجب ان نضع المفاهيم معا لنخرج من هذه الأوضاع التي نعيشها اليوم ونحن في حاجة الى العدل والمساواة الداخلية للدول وعلى الصعيد الدولي» . وأشار الى ان مشاركات الأعضاء فيها استشراف لمستقبل جديد للعالم كله .
ثم أحال سعيد تسيير الجزء الثاني من هذه الجلسة الافتتاحية الهامة الى وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي.
وكانت هناك مداخلات لكل من الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريش» ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي «موسى فكي محمد» ورئيسة ليبيريا السابقة «إيلين جونسون سيرليف»، فضلا عن إلقاء عدد من رؤساء الدول والحكومات ووزراء البلدان الأعضاء في مجلس الأمن كلمات قدموا خلالها مقترحاتهم فيما يتعلق بكيفية تعزيز الأمن والسلم في المناطق الهشة خاصة في خضم الظرف الصعب الذي يواجه فيه العالم جائحة كورونا . كما قدم عدد من الأعضاء مقترحات عديدة للاستفادة من المعرفة لمعالجة أزمة كورونا وتمكين الأطراف الدولية من بناء جسر سياسي أمام السلم والأمن. وركزت كلمات المتدخلين على التحديات التي واجهها العالم في 2020 والتي قدمت دروسا كبيرة مثل فهم أهمية تعدد الأطراف في خضم التحديات الأمنية والانسانية والاقتصادية والاجتماعية وتلك المتصلة بالصحة التي واجهها العالم . ودعا المشاركون الى وضع حلول قائمة على الانسان وتعزيز المساعدة للدول التي تمر بأزمات عديدة ، ومعالجة الهشاشة والتي تتعلق بالفقر والنقص في التنمية ولكن من خلال التضامن والعمل الجماعي ليصبح المستقبل أفضل.
موعد هام
يشار الى ان السفير طارق الأدب المندوب الدائم لتونس لدى منظمة الأمم المتحدة قد تسلم الرئاسة الدورية لمجلس الامن اول أمس مؤكدا خلال ندوة صحفية استعداد تونس لتحمل مسؤولية رئاسة مجلس الأمن والعمل على تعزيز وحدته ومزيد فاعليته . وخلال العضوية الحالية فان تونس تترأس بالخصوص ثلاثة هياكل فرعية لمجلس الأمن وهي فريق العمل المكلف بعمليات حفظ السلام الأممية ولجنة مكافحة الإرهاب ولجنة العقوبات المفروضة على غينيا بيساو .
والمعلوم ان رئاسة مجلس الأمن تسند عادة لأعضاء المجلس بالتناوب لمدة شهر تبعا للترتيب الأبجدي لأسماء الدول الأعضاء باللغة الإنقليزية.
ويمثل ترؤس تونس لمجلس الأمن موعدا دبلوماسيا هاما ، وهو -بحسب بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج -يمثل «الموعد الأبرز في عضوية تونس بالمجلس وحدثا دبلوماسيا بالغ الأهميّة، لتجديد التزام تونس بمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة ولتأكيد ثوابت سياستها الخارجية المرتكزة خاصّة على الالتزام بالشرعية الدولية واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ومناصرة القضايا العادلة، وفي مقدّمتها القضيّة الفلسطينية».
وأكدت وزارة الخارجية في بيانها بأن تونس ستنظم في إطار برنامج ترؤسها لمجلس الأمن الدولي، «اجتماعات رفيعة المستوى تعكس أولوياتها وتُترجم حرصها على الإسهام الفاعل في حفظ السلم والأمن الدوليين والتزامها بالقضايا العربية والإفريقية ودعم الاستجابة الجماعية للتحديات العالمية الجديدة».
أهم محاور جدول أعمال المجلس
يشار الى ان برنامج عمل المجلس خلال شهر جانفي الجاري سيتضمن جلسة إحاطة حول «التعاون بين منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في حفظ السلم والأمن الدوليين»، وذلك من منطلق الأهمية التي توليها تونس، العضو العربي بمجلس الأمن، لدور المنظمات الإقليمية في حفظ الأمن والسلم ولاسيما الإتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.
كما سيعقد مجلس الأمن جلسة إحاطة ستخصّص لمتابعة تنفيذ القرار 2532 حول جائحة كوفيد-19 الذي جاء بمبادرة من الرئيس قيس سعيّد. وتُعتبر هذه المسألة، وفق وزارة الخارجية، «ذات أولوية بالنسبة إلى بلادنا، إذ مثّل اعتماد القرار التونسي- الفرنسي بالإجماع في غرة جويلية 2020، علامة فارقة في تعاطي المجموعة الدولية مع الجائحة التي لازالت تمثّل تهديدا للسلم والأمن الدوليين».
ومن بين النقاط المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن، بند «الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك الأراضي الفلسطينية»، إذ دأب مجلس الأمن على تنظيم جلسة دورية لنقاش مفتوح حول هذه المسألة يتّم خلاله التطّرق إلى آخر التطوّرات في منطقة الشرق الأوسط ويكون مناسبة لتأكيد المواقف الدولية تُجاه القضية الفلسطينية.
كما يتضمّن جدول أعمال مجلس الأمن، خلال رئاسة تونس، العديد من الاجتماعات الدورية المتعلقة خاصّة بالمنطقة العربية، «لاسيّما منها الملف الليبي والوضع في سوريا واليمن والسودان وفي عدد من البلدان الإفريقية، على غرار مالي والكونغو الديمقراطية والصومال وإفريقيا الوسطى».
وستكون رئاسة المجلس الأمن فرصة هامة لتثبت الدبلوماسية التونسية حيويتها في الساحة الدولية من خلال مجمل القضايا التي سيتم طرحها على النقاش . وتطرح آمال كبيرة بشأن الدور الذي يمكن ان تلعبه تونس بصفتها الممثل الوحيد للمجموعة العربية وعما اذا كان دورا مؤثرا فيما يتعلق بالأزمات التي تؤرق المنطقة مثل الأزمة الليبية وكذلك الحرب في سوريا واليمن ومكافحة الإرهاب الى جانب القضية الفلسطينية التي اكدت تونس في عديد المحطات التاريخية بانها أولوية وركيزة ثابتة في دبلوماسيتها .
واليوم يبدو رئيس الجمهورية أمام فرصة تاريخية ليثبت خلال ترؤس تونس لمجلس الأمن توجهاته فيما يتعلق بالسياسات الخارجية ، من خلال إعطاء الدبلوماسية التونسية دفعة جديدة تعيد اليها بعضا من الزخم الذي فقدته طيلة السنوات الماضية في خضم ما واجهته من صعوبات وتحديات هزت أركانها وأسسها وزعزعت ثوابتها خاصة في السنوات الأولى للانتقال الديمقراطي الصعب .
وكان رئيس الجمهورية قد قدّم مبادرة لمجلس الأمن خلال العام الماضي بشأن كورونا توجت بالقرار عدد 2532 بعد تحوله إلى مشروع تونس فرنسي ، وكان بمثابة اختبار هام للدور المنوط بالدبلوماسية التونسية خلال عضويتها لمجلس الأمن وإمكانية فضّ عديد النزاعات في المنطقة والعالم . وهي فرصة لتثبت تونس مجددا دفاعها عن مواقفها فيما يتعلق بعديد القضايا في المنطقة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115