نداء من أجل حوار وطني عاجل لاستعادة الثقة وبناء المستقبل المشترك

تنهي تونس العشرية الأولى بعد الثورة بتحقيق مكاسب هامة تكمن في تجذير الحريات و حقوق الانسان و في ارساء الخيار الديمقراطي.

لكن الى جانب هذه المكاسب فقد تميزت هاته العشرية بعدم الاستقرار و تدهور غير مسبوق للوضع الاقتصادي مع تدني نسق النمو و الاستثمار و ارتفاع مفزع للمديونية و بتزايد منسوب الفقر و البطالة خاصة لدى الشباب وبتنامي الشعور بالتهميش لدى الفئات و الجهات مما أدى الى انفجار الاحتجاجات و الاعتصامات في جهات متعددة من الجمهورية آلت الى توقيف الانتاج في المناجم و في حقول النفط و الى تعطيل المرافق العمومية في تحد صارخ لهيبة الدولة و لقدرتها على تفعيل القانون.

و قد ساهم هذا الوضع المتردي في تزايد الانشغال العميق و الاحتقان المتواصل لدى المواطنين لانعدام الرؤية الواضحة و الخطة الناجعة لمجابهة التحديات العاجلة و بناء المستقبل المشترك فضلا عن غياب التناغم المنشود بين المؤسسات الدولة و انعدام الاستقرار حيث تداولت على السلطة تسعة حكومات في هذه العشرية.
ويتزامن هذا الوضع المتردي مع تداعيات جائحة الكرونة التي ساهمت في تزايد الاحتقان مع ارتفاع منسوب البطالة والتهميش وانهيار الانتاج والتصدير.

و أمام هذه الأجواء المتردية أصبح من المتأكد البحث عن الحلول المجدية للخروج من هذه الأزمة العميقة والمتعددة الجوانب و فتح حوار وطني رصين و هادئ يشارك فيه ممثلو الأحزاب و المنظمات الوطنية و المجتمع المدني و يجسم الشعور المشترك بواجب التصدي الجماعي لمخاطر تنامي الطلبات الجهوية و الفئوية على حساب التماسك الوطني و وحدة الدولة و استمرارها.

و انطلاقا من هذا الوضع عبرت مجموعة من الشخصيات الوطنية و مكونات المجتمع المدني عن رفضها للاستسلام للقضاء و القدر و عن دعوتها الى حوار وطني من أجل التصدي لمخاطر تفكيك المجتمع و تهديد الأمن الاجتماعي و الاستقرار السياسي.
و ضمن هذه المبادرات برزت دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل الموجهة الى السيد رئيس الجمهورية للإشراف على حوار وطني رصين من أجل وضع خطة وطنية لمجابهة الأزمة الخانقة و تعزيز التضامن الوطني.

و اني أثمن المبادرة القيمة الصادرة عن الاتحاد العام التونسي للشغل، كما أعبر عن مساندتي لكل المبادرات الهادفة الى تجنيب البلاد مزيد الانقسام و التبعثر، مع التأكيد على ضرورة الاسراع في انطلاق و تنظيم الحوار الوطني الذي كنت دعوت الى مأسسته منذ 2011، نظرا للتحول التاريخي الذي تعيشه تونس منذ الثورة و الذي يتطلب اعادة بناء العقد الاجتماعي بين الدولة و المواطنين على أساس قيم و مبادئ الدستور المتمثلة في المواطنة ومدنية الدولة و علوية القانون و سيادة الشعب.

محمد الناصر
رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان السابق

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115