يبدو أن مخاطر التفشي السريع لفيروس الكورونا لن تنتهي خلال شهر أكتوبر الجاري وسيكون الشهر شبيها بشهر سبتمبر المنقضي بتسجيل أرقام قياسية لحالات الإصابة بالفيروس وفي عدد الوفيات ما لم يتم الالتزام بالإجراءات الوقائية، ويبقى ارتداء الكمامات والتباعد الجسدي وتعقيم الأيدي السلاح الأنجع لتفادي العدوى، وبتسارع وتيرة الإصابات تكثفت الاجتماعات مركزيا أو محليا أو جهويا من أجل اتخاذ قرارات جديدة لتطويق ومحاصرة انتشار الفيروس لاسيما وأن المعدل اليومي لحالات الإصابة قد تجاوز الألف، وبالتوازي مع الاجتماعات الدورية للجنة مجابهة الكورونا، عقدت سلسلة من المجالس الوزارية في الأيام الأخيرة للنظر في تطور الوضع الوبائي في البلاد وإقرار جملة من الإجراءات الاستثنائية الجديدة.
ووفق آخر تحيين للوضع الوبائي نشرته وزارة الصحة أمس، فقد تمّ بتاريخ غرة أكتوبر الجاري تسجيل 1223 إصابة جديدة بفيروس كورونا من مجموع 4020 تحليل مخبري، ليرتفع العدد الجملي للمصابين إلى 20944 إصابة، وأكدت الوزارة في ذات البلاغ أن العدد الجملي للمرضى الذين يتم التكفل بهم في المستشفيات حاليا يبلغ 375 مريضا 107 منهم في العناية المركزة و42 تحت جهاز التنفس الاصطناعي ليرتفع العدد الجملي للمرضى الذين تمّ التكفل بهم بالمستشفيات منذ شهر فيفري إلى غاية 1 أكتوبر إلى 1048 مصابا. هذا وبلغ عدد الوفيات في نفس الفترة 276 حالة وفاة.
قرار سياسي
قبل إعلانه عن الإجراءات الجديدة للحدّ من انتشار فيروس الكورونا، وقد عقد رئيس الحكومة هشام المشيشي عدة لقاءات أمس أبرزها مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الذي أكد أن اللقاء مع رئيس الحكومة كان ايجابيا وتم التطرق خلاله بالأساس إلى موضوع تواصل انتشار فيروس كورونا، داعيا في هذا الإطار إلى ضرورة اتخاذ قرار سياسي يأخذ بعين الاعتبار قرارات ورؤية الهياكل العلمية والصحية. وأضاف الطبوبي أن وضعية المستشفيات العمومية تشكو نقصا كبيرا على مستوى حماية الإطار الطبي وشبه الطبي والعاملين ووجب توفير مستلزمات الوقاية لهم بالشكل المطلوب مثلهم مثل العاملين بالمؤسسات التربوية سواء منها العمومية أو الخاصة. كما أفاد الطبوبي بان اللقاء تناول كذلك مسألة غلاء الأسعار وضرورة مراقبة مسالك التوزيع ودعا هياكل الرقابة إلى ضرورة الضرب على أيادي المحتكرين. وشدد الطبوبي على ضرورة الكف عن المهاترات السياسية والمعارك والشعارات الفارغة التي لا تتقدم بالبلاد، مؤكدا أن المرحلة الحالية تتطلب تضافر كل الجهود، ووحدة وطنية على قاعدة الصدق وقاعدة الأولويات.
إجبارية ارتداء الكمامات
لا حديث في اليومين الأخيرين إلا عن الإجراءات الجديدة التي سيتم اتخاذها للحدّ من انتشار وباء الكورونا، إجراءات اختار المشيشي أن يعلن عنها في كلمة على القنوات التلفزية موجهة للرأي العام، فاليوم لا مجال لمواصلة الاستهتار ولا بدّ من تدارك الوضع والتطبيق الصارم لمختلف الإجراءات الوقائية لتفادي الدخول في حالة وبائية خطيرة وخروج الوضع عن السيطرة، ومن الإجراءات التي أعلن عنها المشيشي لمجابهة الوباء، إلزامية ارتداء الكمامات في جميع الفضاءات بما فيها الفضاءات المفتوحة إلى جانب منع التجمعات والاحتفالات والتظاهرات العامة مع الزامية كل الفضاءات والمحلات تطبيق البرتوكولات الصحية فضلا عن تعديل نظام توقيت العمل في الإدارات العمومية باعتماد الحصة الواحدة وبنظام الفرق، وبخصوص المناطق التي تشهد تسارعا في حالات العدوى فإنه تمّ إقرار إجراءات خصوصية فيها منها فرض حجر صحي جهوي في كل منطقة وحظر جولان ويتم تحديد المناطق بالتنسيق بين الولاة والوزارات المعنية لمدة أسبوعين ومنع التنقل منها وإليها مع الحرص على توفير المواد والمستلزمات الأساسية في كل جهة مع إجبارية ارتداء الكمامات في الفضاءات المفتوحة في علاقة بهذه الجهات.
تطبيق القانون بكل صرامة
من الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الحكومة أمس تعليق صلاة الجمعة والترفيع في عدد أسرة الإنعاش من 59 سرير إلى 220 في القطاع العمومي ومن 100 إلى 200 سرير في القطاع الخاص والترفيع في أسرة الإيواء من 400 إلى 1200 سريرا في القطاع العمومي أواخر شهر أكتوبر الجاري وفي القطاع الخاص من 150 سريا إلى 750 سريرا موفى شهر نوفمبر المقبل إضافة إلى الترفيع في عدد التحاليل إلى أكثر من 5 آلاف تحليل يوميا والترفيع في عدد المخابر لتحليل فيروس الكوفيد 19 بإضافة 26 مخبرا جديدا وإقرار الكوفيد كمرض مهني في القطاعين العام والخاص مع التشديد على أنه لا مجال للتهاون والتراخي في تطبيق الإجراءات الوقائية والبرتوكولات الصحية وسيتم تطبيق القانون بكل صرامة على كل المخالفين، هذا وتقرر أيضا إضافة 8 مراكز للحجر الصحي الإجباري بطاقة 5 آلاف شخص ستدخل قريبا طور العمل لإيواء حاملي فيروس كورونا تتوزع على 7 ولايات وهي قبلي وتوزر وسوسة والمنستير ونابل والمهدية ومدنين.
الالتزام بالبرتوكولات الصحية والإجراءات الوقائية
رئيس الحكومة شدد أيضا في خطابه على أنه سيتم فرض تطبيق القانون بكل صرامة وبالرغم من اتخاذ بعض الإجراءات الخصوصية في بعض المناطق التي تشهد تكاثر سريع لحلقات العدوى منها الحجر الصحي الجزئي وحظر الجولان لمدة أسبوعين فإن الدراسة ستتواصل في جميع المؤسسات التربوية من المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية وأيضا الجامعية مع فرض تطبيق البرتوكولات الصحية المحددة من قبل الوزارات المعنية، وبالنسبة إلى نشاط مؤسسات القطاع الخاص والفضاءات التجارية الخاصة بالجهات المهنية بالإجراءات الخصوصية فإن مواصلة عملها خلال فترة الحجر الجزئي يفرض عليها الالتزام بالبرتوكول الصحي وضمان الوقاية لكل منظوريها