حكومة المشيشي: إرهاصات تغييرات منتظرة في المشهد السياسي

كان مسار تشكيل الحكومة هذه المرة مختلفا تماما عن المرات السابقة وتميزت المشاورات إلى تاريخ الإعلان عن التركيبة الجديدة بالكتمان الشديد

وخاصة في الأيام الأخيرة التي عقد خلالها رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي العديد من اللقاءات غير المعلنة وأبرزها اللقاء الذي جمعه برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أمس، مسار حاول فيه المشيشي القطع مع كل ما من شأنه أن يساهم في التشويش على المشاورات وتسريب القائمة المقترحة جعله يعيد خلط الأوراق والقيام ببعض التعديلات، فالرجل اختار التريث واستهلاك كامل المهلة الدستورية قبل الإعلان عن حكومته التي ينتظرها الجميع لاسيما الأحزاب السياسية، تركيبة ستحدد من خلالها هذه الأحزاب (الممثلة في البرلمان) موقفها بين منحها الثقة أو عدمها.
لا حديث في الأيام الأخيرة وخاصة الـ48 ساعة الأخيرة إلا عن الحكومة الجديدة وسيكون الأسبوع القادم مفصليا وحاسما في تشكيلها، ومن المنتظر أن تتوضح مواقف الأحزاب بداية من اليوم الأحد بعد اجتماع هياكلها الرسمية في بداية الأسبوع المقبل، فحزب التيار الديمقراطي أعلن في بلاغ سابق له أن مجلسه الوطني سيعقد دورة استثنائية اليوم الأحد 23 أوت الجاري، وسيُخصص للتداول في موقفه من الحكومة التي تم تكليف هشام المشيشي بتشكيلها كذلك حركة الشعب التي أعلنت بدورها في بلاغ لها أن المجلس الوطني للحركة سيستأنف اليوم أشغال دورة انعقاده السابقة للتداول حول آخر مستجدات تشكيل الحكومة في المقابل فإن المكتب التنفيذي لحركة النهضة خلال اجتماعه دعا مجلس شورى الحركة إلى الانعقاد لموافاته بتقرير حول فحوى الاتصالات التي تمّت مع رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي واتخاذ القرار المناسب إزاء مشروع حكومته. أما بالنسبة لحركة تحيا تونس فإنه من المنتظر أن تعقد مجلسها الوطني في بداية الأسبوع المقبل.
تحديات حكومة المشيشي
حسب المواقف الأولية لمختلف الكتل البرلمانية وخاصة والتي رحبت بخيار تشكيل حكومة كفاءات مستقلة على غرار الدستوري الحر وكتلة الإصلاح والكتلة الوطنية...فإن لحكومة المشيشي الجديدة حظوظ وافرة لمنحها الثقة من قبل مجلس نواب الشعب ولكن الإشكال يبقى دائما في عملها في الفترة القادمة وضمان استمراريتها، فالمشيشي يدرك جيدا أن الأصعب ليس في جلسة منح الثقة لحكومته بل فيما بعد الجلسة فهو أمام تحد كبير في ضمان دعم الأحزاب وتمرير مشاريع القوانين، ولكن يبدو من خلال بعض مواقف وتصريحات الأحزاب التي لم تشرك في الحكومة ستترصد أول خطأ أو هفوة لحكومة المشيشي ردا على إقصائها منها مثلما فعلت بحكومة الياس الفخفاخ، فالضغوطات على الحكومة ستتواصل حتى وإن تمّ منحها الثقة.
أسبوع الحكومة بامتياز
الأسبوع القادم يمكن اعتباره أسبوع الحكومة بامتياز وستكون أيامه حبلى بالمزيد من الإرهاصات التي لم تتكشف أغلب مفاصلها، فالمشيشي الذي تمسك بخيار حكومة كفاءات مستقلة قد خير اعتماد منهجية جديدة بتغيير هيكلة الحكومة والتقليص في عدد الوزراء واختيار أسماء من أبناء الإدارة مع التثبت في كل اسم مقترح من قبل وزارة الداخلية وأيضا هيئة مكافحة الفساد، مع الإشارة إلى أن مراسلة المشيشي إلى الهيئة ضمت 57 اسما للتثبت من وجود شبهات أو قضايا تتعلق بهم وجاء رد الهيئة بعدم وجود أي مشاكل أو إشكالات ضد الأسماء المقترحة، وبعد الإعلان عنها رسميا يعتزم أن يتجه إلى البرلمان بعد تحديد مكتب المجلس موعد جلسة منح الثقة، وسيحسم الأمر في الأيام القليلة القادمة ويحدد موعد جلسة منح الثقة والشيء المؤكد أن حكومة المشيشي ستجد نفسها أمام مشهد برلماني جديد ومعارضو الحكومات السابقة سيكونون اليوم أصدقاء للحكومة الجديدة في إشارة خاصة إلى الحزب الدستوري الحر الذي شارك لأول مرة في مشاورات تشكيل الحكومة.
المواطن محور اهتمام الحكومة الجديدة
برنامج عمل الحكومة مازال هو الآخر قيد الكتمان، ولكن وحسب ما أعلن عنه المشيشي في إطلالته الإعلامية الأولى فإن حكومته ستكون حكومة الانجاز الاقتصادي والاجتماعي وسيكون محور اهتمامها المواطن وأولوية أولوياتها تقديم الحلول العاجلة دون أن تكون رهينة التجاذبات والخصومات السياسية وبرنامجها سيتمحور أساسا حول إيقاف نزيف المالية العمومية من خلال عقلنة النفقات والرفع من الموارد الذاتية للدولة والمحافظة على مكاسب القطاع العام والمؤسسات العمومية وتطوير نظم الحوكمة إلى جانب تعزيز مناخ الاستثمار واسترجاع الثقة بين الدولة والمستثمرين والحد من تدهور القدرة الشرائية للمواطن وتفعيل كافة آليات الضغط على الأسعار وتدعيم الإحاطة بالفئات الهشة وتفعيل آليات التمييز الايجابي بين الجهات مع تكريس علوية القانون وفرض احترامه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115