احتقان سياسي، مجلس شورى، تقرير هيئة الرقابة، عريضة سحب الثقة من الغنوشي : هل ستمتد الأزمة لتبتلع الكل ؟

يبدو ان بيت ابن النحوي «اشتدّي أزمةُ تنفرجي ** قد آذَنَ لَيلُكِ بالبَلَجِ» لن تكون التعويذة السحرية التي تلقى كلما اقتربنا من الهاوية حتى ننجو،

اذ في هذه المرة قد نكون خطونا الخطوة الأولى نحو الهاوية وما يلى ذلك ليس الا رجع صدى لازمة في طور التمدد لابتلاع الجميع، المخرج منها على بساطته بات صعبا.

في انتظار ما ستحمله الساعات القليلة القادمة من تطورات سياسية ، خاصة مآل عريضة سحب الثقة من رئيس المجلس على خلفية ما جد في مجلس النواب يوم الجمعة الفارط ، وما سيقرره مجلس شورى النهضة من خيارات سياسية (انظر مقال دنيا حفصة)، الواضح ان الازمة لن تشهد انفراجا خلال الايام القادمة بل من المرجح ان تتفاقم اكثر.
ذلك ان الازمة التي تطورت الى صراعات شقت مجلس النواب وأفضت في النهاية الى ارتهان المجلس لدى كتلتي الدستوري الحر وائتلاف الكرامة، رغم تناقضاتهما الظاهرة، إذ ان كليهما يتقاطعان في اعتماد سياسية التصعيد والذهاب الى الاقصى واجبار اي طرف يدور في فلك العائلة السياسية التي ينتسبان إليها إلى الانصياع الى «خياراتهما» اي انهما اخذا بقية الكتل رهائن لديهما.

ارتهان عبر عن نفسه يوم الجمعة الفارط بما شهدته اروقة المجلس من احداث تطورت بسرعة لتنقل الازمة الى مربعات أخرى وهو ما عبر عنه حسونة الناصفي، رئيس كتلة الإصلاح بتدوينة قال فيها «إن ما حصل في مجلس نواب الشعب من تجاوزات خطيرة ..... كان بدعم ومساعدة و تحت غطاء رسمي لا لبس فيه من رئاسة البرلمان» اي انه حمل راشد الغنوشي المسؤولية المباشرة عن استفحال تجاوزات ائتلاف الكرامة وما باتت عليه الاوضاع في المجلس.

ولم يقف الامر عند تحميل المسؤولية بل اعتبر الناصفي ان ما جد يبين «أنّ الخطر بلغ منتهاه و لن يستثني منّا أحدا»..لذلك فانه «تعهّد بأن الساعات القادمة ستحمل معها منعرجا حاسما» ليتضح ان المنعرج هو عريضة سحب ثقة من رئيس المجلس جمعت امضاءات من كتل عدة من بينها كتلة الاصلاح والدستوري الحر وتحيا تونس والشعب.

عريضة نقلت الصراع بين كتل المجلس الى مربع المواجهة المباشرة، بين النهضة وحليفها الاساسي كتلة ائتلاف الكرامة( التي ما كانت لتنجح في رهن البرلمان لولا الدعم غير المباشر من النهضة، وهو دعم لضمان حليف تتصدى به الحركة لكل محاولات عزلها) وبين باقي الكتل التي تتقاطع في هذه المرحلة عند نقطة وحيدة وهي تحميل النهضة مسؤولية ما بلغته الاوضاع، وان كان لكل طرف مأربه الخاصة واعراضه.

هذا الصراع مثل ذروة الازمة في البرلمان حيث باتت الاصوات المنادية بحله وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة تتصاعد اكثر، لكنه ليس الا خطوة اخرى نحو ازمة حكم مستفحلة، اذ ان النهضة التي تعقد اليوم مجلس شورها اختارات ان تعيد ترتيب الأولويات على الساحة السياسية، واول الخطوات احياء ملف تضارب المصالح للمرور الى النقطة الثانية وهي وضع مصير الحكومة على الطاولة.

فالحركة ووفق ما يعلنه قادتها او ينشر على صحفاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ، تلمح الى انها ستراجع مشاركتها في الحكم بل قد تذهب الى خيار سحب الثقة من الحكومة وإذا تعذرذلك ستنسحب منها، اي ان يستقيل وزراؤها من حكومة الفخفاخ. حكومة يرى قسم واسع من مجلس الشورى ان استمرارها بات «عبث» كذلك بقاء النهضة في وضعها الراهن دون البحث عن تغييره.

لكن ما لا يقوله قادة الحركة انهم عكسوا الهجوم عليهم وعلى رئيس حركتهم بهجوم ينقل الازمة من البرمان الى الحكومة ومنها الى الساحة السياسية بشكل عام، اي ان يقع ربط كل المسارات ببعضها اما معالجة كلية للازمات وصياغة توافق جديد او ان تبتلع الازمة الجميع وبالتالي ننتقل الى المجهول.
مجهول لا حد يمكنه تكهن بما قد يحمله، فهناك العديد من الاحتمالات وكلها متداخلة متشعبة خاصة في ظل الوضع الاجتماعي المحتقن وتوجه الازمة الاقتصادية نحو الاستفحال.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115