«عملية قرطاج» / Carthage Opération : صناعة التضليل وتوجيه الناخبين

بكلمات بسيطة حددت شركة UReputation ما تقدمه من خدمات لحرفائها ، التأثير التغيير والحماية وتحليل البيانات الرقمية ...الخ من خدمات تقدمها الشركة لمن يطلب،

ومن يطلب هي جهات كشفها تحقيق اطلقه فايسبوك ومخبر وحدة البحوث الرقمية في ما بات يعرف بقضية «عملية قرطاج» التي كشفت عن عملية تلاعب وتوجيه للرأي العام في مجموعة من الدول الافريقية منها تونس.
بتاريخ 5 جوان الجاري نشرت وحدة البحوث الرقمية DFRLab التابعة للمجلس الاطلسي، تقريرا من 31 صفحة باللغة الانجليزية حمل اسم «عملية قرطاج : كيف ادارت شركة تونسية عملية تأثير على انتخابات رئاسية في دول افريقيا « الذي كشف ان شركة «UReputation» التونسية قدمت خدمات للتوجيه والتضليل لصالح عملائها من السياسيين في تونس وفي دول افريقية اخرى بهدف التأثير على الناخبين.
تقرير جاء بعد ان اعلنت شركة فايسبوك في نهاية ماي الفارط عن غلق كلي لـقرابة 900 حساب ومجموعة سواء على شبكة فايسبوك او الانستغرام ينتسب اصحابها لمجموعة من الدول الافريقية من بينها تونس، و ما يجمع بينها صلتها بشركة UReputation.
هذه الشركة التي تعرف نفسها على انها وكالة تقدم خدمات تشمل الحماية والتأثير والتوجيه مقرها تونس ، اتضح انها استخدمت هذه الحسابات لصالح جهات سياسية في تونس وخارجها بهدف التاثير على الانتخابات ، وفق ما كشفه تقرير وحدة البحوث الرقمية التابع للمجلس الاطلسي المختص في التحقيق والتدقيق في البيانات التي تقدم له من قبل فايسبوك لوقف سوء الاستخدام او التضليل وفق ما يعرف بـ«السلوك المريب للمستخدمين».
تقرير جاء بعد شهور من التمحيص والتدقيق في معطيات وبيانات قام بها باحثون يعملون في وحدة البحوث الرقمية ، التي يتعاون معها الفايسبوك للتحقيق في السلوكيات المريبة للمستخدمين، لتكشف ان شركة تونسية تقف خلف نشر اخبار ومعطيات كاذبة للتأثير والتضليل.
دور كشف بعد تتبع لمجريات البحث الذي انطلق من سبتمبر 2019 أي بعد اشهر قليلة من كشف حملة شركة ارخيمدس ، مقرها دولة الاحتلال الإسرائيلية ، التي قدمت خدمات تضليل وتوجيه لقوى وأفراد في 13 دولة افريقية من بينها تونس، اتضح لاحقا بعد التدقيق في البيانات والحسابات المستخدمة وجود «خيوط» تجمع بين الملفين.


عملية قرطاج
في 5 من جوان الجاري نشر موقع فايسبوك بيانا مقتضبا على لسان ناطقه الرسمي ، كشف فيه انه قام بإزالة عدد من الحسابات على الشبكتين ، فايسبوك وانستغرام، لانتهاكها سياسة الشركة مشيرا الى «ان أفراد يقفون خلف حسابات مزيفة تعمل على استهداف جمهور من المستخدمين في عدد من الدول الافريقية».
و كشفت التقرير المنشور على موقع «وحدة البحوث الرقمية» ان وكالة UReputatio تمكنت من أن تستهدف جمهورا قدرته بـ3.8 مليون شخص في 10 دول افريقية، عبر صفحات وحسابات شخصية ومجموعات مغلقة في اطار خدمات تاثير اطلق عليها «عملية قرطاج» التي انفق عليها من قبل الوكالة حوالي 331.000 دولار في شكل إعلانات على الفايسبوك أي ما يقارب 1 مليون دينار تونسي وقع انفاقها لاستهداف 3.2 مليون شخص.
جمهور استهدف عبر 446 صفحة على شبكة الفايسبوك ، من بينها صفحات مخصصة لاستهداف جمهور تونسي، هذه الصفحات تقع ادارتها من قبل حسابات شخصية وقع حذف بعضها وهي حوالي 182 حساب شخصي، اضافة الى انفاق مبالغ للإشهار لمجموعات مغلقة قدر عددها بـ96 مجموعة اضافة الى 209 حساب من شبكة انستغرام، وقع حذف جلها نهاية ماي الفارط.
حسابات قامت بتقديم خدمة تضليل ونشر معطيات خاطئة عن شخصيات سياسية تونسية اضافة الى القيام بعملية تحيل على المستخدمين عبر اطلاق الصفحات كصفحات اجتماعية او تسلية لا تتطرق للمواضيع السياسية بما يساعد على تسويقها وضمان مشتركين فيها قبل ان تقوم بتغيير اسمها ومجال نشاطها الى السياسي. وبعضها وقع انشاؤه مع فترة الحملة على غرار صفحة «انتخابات تونس 2019» التي نظمت الكثير من عمليات سبر الاراء المرجحة لفوز نبيل القروي في الانتخابات الرئاسية ، واحدها نشر يوم الاقتراع في الدور الاول من الرئاسية بهدف التاثير على مزاج الناخبين للتصويت لصالح القروي على اعتبار انه الفائز.
هذه الصفحات التي من بينها صفحات خاصة بمواقع اعلامية او مدونات ، قدمت سنة 2019 خدماتها لنبيل القروي سواء بالدفاع عنه او التسويق له او تشويه خصومه ، قبل وأثناء الحملة الانتحابية والأمر تكرر في المجموعات المغلقة التي كشف الفايسبوك انه اغلق 96 مجموعة تدار من تونس من أصل 110 مجموعة وقع حذفها من الموقع في ماي الفارط.
مجموعات برر الفايسبوك حذفها كما حذف الحسابات والصفحات بانها قامت بتضليل مستخدمي الشبكة وتوجيههم لمواقع تنشر اخبار مضللة او لصالح افراد، كما انها تستخدم خوارزميات لنشر وإعادة نشر مضامين في الشبكة، سواء كانت نشر تدوينات او تعاليق او صور وروابط واعادة النشر وابداء الاعجاب وغيرها من الخدمات التي تقدمها الشبكة لمستخدميها.
خوارزيمات تعمل لأحداث حركية والترويج للمضمون المراد نشره في صفوف المستخدمين والذي قدر بأكثر من 3 مليون متعرض لمادة ، نشرت عبر العشرات من الحسابات الوهمية والصفحات التي يديرها فريق من المختصين العاملين مع شركة UReputatio. (انظر الصورة المرافقة).

شبكة متداخلة لإدارة العملية
هذه العملية التي اطلقت عليها DFRLab اسم «عملية قرطاج» قامت على تحليل بيانات من مصادر مفتوحة او مغلقة قدمتها شركة فايسبوك لوحدة البحث، قبل ان يصدر الفايسبوك في مطلع جوان الاري بيانا قال كشف فيه عن هذا التنسيق مع الوحدة واعلن فيها ان هناك من يدير عملية تاثير وتضليل وقع كشفه رغم محاولاته البقاء بعيدا عن الصورة ومجهول الهوية. لكن التحقيق الذي اطلقته الشركة كشف ان هذه الحسابات تدار من قبل شركة علاقات عامة مقرها تونس واسمها «UReputation».
شركة اتضح انها مملوكة لصندوق « Digital Big Brother « الذي حجز نطاقات على الانترنت باسم «Ureputation» (انظر الصورة المرافقة) وهذا الصندوق الاستثماري يمتلك مساهمات في عدة شركات تعمل في العلاقات العامة والخدمات السبرنية، مقره برشلونة باسبانيا ومسجل في «لكسنبورغ» باسم صاحبه لطفي بالحاجّ.
Digital Big Brother هي الشركة الام التي تدير مجموعة من الوكالات في تونس وخارجها وتحتكم على عدد من المواقع التي تقوم عبرها بتقديم خدمة التضليل لحرفائها من شركات او افراد ، كشف التقرير عن استحواذها على عدد من النطاقات على شبكة الانترنت من بينها نطاق باسم «قيس سعيد» لم يقع استخدامه بعد لكن التقرير اشار الى شبهة ان تكون الشركة تعمدت اسلوبا مخادعا عبر بعث انشاء صفحات او مجموعات في ظاهرها تعلن الدعم لمرشح بعينه ولكنها تنقلب عليه لاحقا بهدف ضرب المنافسين.

تشابه الاساليب والحرفاء
في تقريره كشف المجلس الاطلسي عبر وحدة البحث عن ان عملية قرطاج قد تكون استمرارا للحملات التي اطلقتها Archimedes Group «ارخيميدس غروب» وهي شركة مقرها دولة الاحتلال اسرائيل، التي سبق وأعلن الفايسبوك في ماي 2019 عن غلق اكثر من 250 صفحة وحساب يقع ادارته من قبلها، وتستهدف 13 دولة افريقية من بينها تونس.
تونس التي خصصت لها الشركة في حملتها اكثر من 11 صفحة يشترك فيها حوالي نصف مليون تونسي تعرضوا لمنشوراتها التي قدرت بـ360 منشور حصدت تفاعل قدر حجمه بمليون تفاعل بين اعجاب واعادة نشر كما انها سجلت 7 مليون اطلاع على المادة المعرضة.
استمرارية يشير اليها التقرير بالاستناد الى وجود قواسم مشتركة بين الحملتين، الفريق العامل في كليهما حيث اتضح عن مشرفي ومؤسسي صفحات وقع حظرها لتورطها مع الشركة الاسرائيلية قاموا باعادة فتح صفحات باسم جديد تقدم ذات الخدمة السابقة مع شركة UReputation التي تنشط بشكل قانوني في تونس وقامت باداء ضرائبها التي تجاوزت ببضعة ملايين الدينارات.

ضبابية القانون التونسي
ما كشفه التقرير المتعلق بعملية قرطاج وقانونية النشاط الذي تقوم به الوكالة في تونس ، التي قدمت رقم معاملاتها وهو بملايين الدينارات وسددت اداءتها الجبائية يطرح اشكالية قانونية خاصة وان شبهة للتأثير على الانتخابات وتوجيه الراي العام والناخبين باعتماد الثلب ونشر اخبار زائفة تضعها تحت طائلة القانون وان لم يكن هناك نص صريح يتعلق بهذا الفعل. اذ ان القانون التونسي يظل محدودا غير مواكب لمثل هذه الافعال التي لا تجرم بشكل صريح الا في نصوص قانونية اخرى على غرار ما يتضمنه الفصل 50 و51 و54 و55 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 المتعلق بحرية الصحافة والنشر كما ان المجلة الجزائية تتضمن فصولا تتعلق بجريمة القذف العلني المنصوص عليها بالفصلين 245 و247 . او ان يقع تكيفها وفق جرائم منصوص عليها في المجلة الجزائية تتعلق بتشكيل وفاق للإضرار بالصالح العام او استهداف اشخاص او مؤسسات والحاق الضرر بها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115