المؤتمر الـ11 لحركة النهضة : الغنوشي يبحث عن خلافة «نفسه» ...

«نحترم القانون ما دام قانونا» بهذه الكلمات علق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على فرضية بقائه في رئاسة الحركة اثر المؤتمر القادم،

كلمات لم تتضمن اي اشارة صريحة او تلميح الى نية الرجل عدم الاستمرار في قيادة حركته بل حمل كلامه تلميحا بإمكانية تعديل النظام الداخلي للحركة بما يسمح باستمرار رئاسة الشيخ.
إعادة خلط الاوراق صلب حركة النهضة لم تأخذ من «شيخها» اكثر من عشرين ثانية وهي المدة التي احتاجها ليجيب عن سؤال يتعلق بمنصب رئاسة الحركة ، اجابة بكلمات مشفرة من قبيل نحترم القانون، في اشارة الى انه سيلتزم بما ينص عليه النظام الداخلي للحركة والذي حدد مدة الرئاسة في أربع سنوات وحصر امكانية التجديد في مناسبة وحيدة اي عهدتين باربع سنوات.

قول مؤسس الحركة ورئيسها الحالي بانه سيحترم القانون لم يكن دون اشارات صريحة بان الالتزام به مقترن ببقائه ، اي انه طالما هناك هذا الحصر فانه سيلتزم به ولكن اذا وقع الغاؤه فلا يمكن الالتزام به، تلاعب بالكلمات كان كالتالي «سنحترم القانون ما دام قانونا» تلاعب تصمن اشارة صريحة بإمكانية تغيير القانون.
اشارة لم يقف عندها الرجل طويلا بل مر بسرعة لمواضيع اخرى اثيرت في حواره مساء الاثنين الفارط مع قناة نسمة كلام ترك الباب مفتوحا لكل التأويلات التي انطلقت من قادة الحركة انفسهم الذين وان رفض جلهم التعليق الصريح على هذه النقطة فأنهم وبطرق مختلفة اعلنوا عن بدء صراع جديد في النهضة.

صراع انتقل من «خلافة الشيخ» الى «فرض نهاية زمن الشيخ» في الحركة، اذ ان النهضة ومنذ نهاية مؤتمرها العاشر في 2016 عاشت على وقع تحركات قادتها لتهيئة انتقال القيادة في النهضة من جيل المؤسسيين الى الجيل الثاني، او جيل الجامعة والحركة الطلابية.

تحركات فرضت صراعات وانشقاقات لم يسبق وان عرفتها النهضة التي تأسست على قاعدة وحدة الصف والجماعة ، لكن تتالت عليها السنوات والأزمات لتصبح الخلافات الداخلية اشد عنفا وحدّة وهي تتجه اليوم الى إعلان رئيسها عن نيته نحو الدفع الى تنقيح النظام الداخلي بما يسمح باعادة ترشحه لعهدة ثالثة ، الى اطلاق صراع جديد اي كانت نتائجه ستغادره النهضة خاسرة.

صراع اشعله الشيخ ، الذي قد يكون رايه او راي المحطين به، ان الحل المتبقي لتجنب تصدع حركته بمغادرته هو تمديد رئاسته لعهدة انتقالية ثالثة ، تصور ياتي في ظل سياقات تعيشها الحركة التي تنامت فيها صراعات بين تيارات ومجموعات اضافة الى بروز تأثير العائلة والمقربين منها في مجريات الامور وما احدثه هذا من تصدع اضافي سبق وان تطرق اليه عبد الحميد الجلاصي في نص استقالته التي قال فيها ان الحركة و في تاريخها «لم تمر بمثل حالة المركزة الراهنة في الموارد و المصالح والقرار» وقال ان النهضة باتت انعكاسا لراشد الغنوشي.

انعكاس يبدو انه وبتلميح الشيخ الى انه يعتزم الاستمرار ويبحث عن تسويق هذا في مؤسسات الحركة، سيكون محل رفض وسبب صراع كبير قد يفرج عن بعض تفاصيله في الاعلام قبل انعقاد مجلس الشورى القادم في نهاية جوان الجاري، خاصة وان موجه الغضب تصاعدت.
غضب قد لا يكون هو أسوأ ما أثاره الشيخ باعلانه عن امكانية الاستمرار، بل أن الأخطر على الحركة اعادة اطلاق جديد لفتيل التفكك البنيوي الذي انطلق منذ 2016 واقترب من ذروته مع استقالة الجلاصي قبل اشهر قليلة، تفكك نجت منه النهضة في مؤتمريها التاسع والعاشر، اللذين صيغ فيهما اتفاق ضمني بمقتضاه يقع ثبيت القديم على اعتباره ظرفيا ليمهد لانتقال القيادة من المؤسسين الى الجيل الثاني او الثالث في الحركة.

اتفاق يبدو انه نكث مما قد يولد ردود فعل حادة من قبل الغاضبين الذين لن يوقفهم هذه المرة مبدأ حماية والحفاظ على الصورة الاعتبارية والرمزية للشيخ، الذي جرد نفسه خلال هذه السنوات من هالته وجعل نفسه «خصما» قابلا للتجريح من قبل باقي النهضاويين.
هذا التطور قد يسرع عملية التآكل في الاسس التي قامت عليها النهضة ونجحت في ان تستمر بفضلها طوال السنوات الخمسين الفارطة، لكنها اليوم باتت امام حتمية التغيير او الانقسام الذي نجت منه في 2016 لكن بات من الصعب جدا ان تنجو منه في 2020.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115