يوم غد جلسة التصويت على لائحة الدستوري الحر : خسائر بالجملة تلاحق راشد الغنوشي

تدرك حركة النهضة منذ اسابيع انها ستخوض يوم غد الاربعاء إحدى أهم معاركها السياسية في البرلمان، وإما ان تغادره وقد عززت

موقع رئيسها راشد الغنوشي في رئاسة المجلس وحسمت الامر لباقي العهدة او ان تستنزف وتخسر ما ظنت انها قد تملكته: القدرة على التحكم في المشهد السياسي عبر كتلتها في البرلمان.

يبدو ان حركة النهضة لم ترد ان تنتظر انعقاد جلسة التصويت على لائحة الدستوري الحر المتطرقة لتجاوز رئيس المجلس لصلاحياته الدستورية وتوجيه تهنئة لرئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج على استعادة قاعدة الوطية، اذ اتبعت النهضة عبر قياداتها خلال الايام الفارط سياسية اتصالية قامت فقط على مناصرة رئيسها راشد الغنوشي مناصرة تهدف الى ان تلبس راشد الغنوشي جبة الزعيم الوطني وتقدمه على انه احد اعمدة التجربة الديمقراطية في تونس، وهذا ما تكرر في كلمات قادة حركة النهضة في كل ظهور اعلامي لهم، بالاشارة الى ان «الشيخ» شخصية وطنية عابرة للأحزاب وبدونه ما كان للانتقال الديمقراطي أن ينجح.

كلمات مدح وتعظيم لم تكن فقط ما استخدم لتعزيز الحماية على رئيس النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي بل كذلك الصور، وأبرزها صور استقباله في بهو البرلمان من قبل العاملين وأعضاء كتلته الذين اصطفوا ليفسحوا ممرّا للشيخ في محاولة لاضفاء صورة الزعيم عليه.
خيارات اتصالية يبدو ان حركة النهضة مقتنعة بنجاحها وان كانت نتائجها سلبية، فالمهم بالنسبة للحركة ليس فقط ما سيقدم في البرلمان من نقد للنهضة بل ما سيسوق للانصار والقواعد ولقادة البيت الداخلي.

فالنهضة تدرك جيدا انها في جلسة 3 جوان، اي غدا، ستتلقى وابلا من النقد حتى من اقرب حلفائها قلب تونس الذي سيلتحق ببقية الكتل التي دأبت منذ اطلاق المجلس على خوض صدامات مع كتلة النهضة ومع رئيس المجلس.
نقد لن يقف عند تجاوز الغنوشي لصلاحياته الدستورية بل سينتقل الى «مكانة» الغنوشي في منظومة البرلمان اي هل ان له شرعية تتجاوز باقي النواب ام انه مفوض لإدارة البرلمان وفق نظامه الداخلي ؟.

هذا الصراع مفصلي للنهضة التي ترغب في ان تتجه تدريجيا بالنظام السياسي الى نظام مجلس يكون فيه للبرلمان دور اكبر في المشهد السياسي وخاصة في منظومة الحكم ، وهذا الدور سيمنح لرئيسه الذي سيكون ممثلا للبرلمان ومخططا لسياساته.
تصور سيوضع اليوم محل اختبار اذ أن التلويح بسحب الثقة من الغنوشي وكيل النقد اليه وابراز التباين معه والحرص على تحديد ادواره في المشهد السياسي العام والبرلماني خاصة، سيكون ضربة موجعة للنهضة تضاف الى أخرى وهي خسارتها للأغلبية البرلمانية.

فالحركة قد تجد نفسها إذا تمت المصادقة على لائحة الدستوري الحر، دون الذهاب الى سحب الثقة، امام وضعية مشابهة لما جد في التصويت لحكومة الحبيب الجملي اذ ان ان الحركة وباحتساب اصوات حليفها ائتلاف الكرامة لم تنل إلا أقل من ثلث أصوات البرلمان، وهذا يعنى ان النهضة ستكون عاجزة عن ادارة البرلمان وفق تصورها القائم على تعويض غياب اغلبية بتحالف قائم على لقاء بينها وبين قلب تونس وائتلاف الكرامة.

ما ستتكبده النهضة في جلسة يوم 3 جوان القادم لا يقتصر على خسائر محتملة لنقاط في المشهد السياسي او البرلماني ، بل سينتقل الى بيتها الداخلي الذي يعاني من صراعات تموقع تسبق المؤتمر الـ11 الذي بات محل تجاذب بين شقين، احدهما يقوده الغنوشي والاخر متشتت بين مجموعات تتقاطع في رفض استمرار حقبة الشيخ بشكل مباشر او خلف الستار.
هذا التيار الذي وان كتم هذه الفترة الصراع وابتعد به عن الاضواء خشية من تداعيات ذلك على الحركة لا يبدو انه قد يطيل صمته خاصة وبعد مرور جلسة 3 جوان الجاري، وسيحدد شكل التدخل وفق ما ستفضى اليه نقاشات الجلسة والتصويت.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115