رغم مساعي تهدئة المناخ السياسي: الخلافات تتصاعد والاتحاد يلتحق

خلال الساعات الـ48 الفارطة عقدت جملة من اللقاءات التي جمعت أبرز الفاعلين السياسيين في البلاد، فرضتها التطورات

الاخيرة التي حتمت البحث عن تنقية المناخات السياسية لوضع حد للتجاذب بين مؤسسات الدولة وأحزاب الائتلاف الحاكم، لكن يبدو انها انتهت من حيث انطلقت بل التحق بالساحة لاعب جديد اختار ان يصطف.

التأمت اول امس الخميس بدعوة من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ مأدبة إفطار بقصر الحكومة بالقصبة دعي اليها روساء الاحزاب والكتل البرلمانية المكونة للحكومة، وهم كل من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والامين العام للتيار الديمقراطي محمد عبو والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي ورئيس حركة تحيا تونس يوسف الشاهد ورئيس كتلة الإصلاح الوطني حسونة الناصفي.

مأدبة كانت مناسبة وفق رئاسة الحكومة للحديث عن الأوضاع العامة بالبلاد والتأكيد على أهميّة الائتلاف الحكومي والعمل على تعزيز التعاون والتشاور صلبه ووفق البلاغ الصادر عنها والذي صدر بعد يومين من حوار رئيس الحكومة مع قناة «فرنس 24» الذي بشر فيه التونسيين بمفاجأة تتعلق بتدعيم لحمة الائتلاف الحكومي.
تدعيم قالت بعض مصادر من رئاسة الحكومة انه يتعلق بوثيقة سيقع عرضها على رؤساء الاحزاب لختمها وتصبح كما الميثاق الذي يحدد ما لهم وما عليهم وبالأساس يحدد علاقتهم ببعضهم البعض، لكن البلاغ الصادر عن رئاسة الحكومة اثر المأدبة لم يشر من بعيد او من قريب إلى هذه الوثيقة.

صمت اوحى بانها شهدت عثرة، وهو ما اكده لاحقا زهير المغزاوي الذي اشار الى ان لقاء الخميس الفارط كانت من بين نقاط جدول اعماله مناقشة «وثيقة علائقية ‹› بين مكونات الائتلاف تهدف الى أخلقة الحياة السياسية ، مشددا على ان الفخفاخ ابدى انزعاجه من الخلافات في الائتلاف الحاكم. ولهذا فان الوثيقة التي طرحت حملت عناوين كبرى تتعلق بتجنب ومنع الملاسنات بين الأطراف الحاكمة .

وثيقة وصفها المغزاوي بالانشائية التي تحتاج بعض التعديلات، وهو ما سيقع خلال الايام القادمة قبل عقد لقاء ثان بداية الاسبوع لمناقشة الصيغة الجديدة للوثيقة التي ترغب حركة الشعب في ان يقع توقيعها امام رئاسة الجمهورية.

رغبة تكشف بشكل مبطن ما تريده حركة الشعب التي تسعى لتقليص هامش لحركة امام حليفتها النهضة وان تجبرها على التسليم بعلوية رئيس الدولة واحقيته في ان يمسك باوراق اللعب وان يفرض سطوته على الفاعلين السياسين بما فيها النهضة التي ترغب في ان تجد لنفسها ولرئيسها راشد الغنوشي منافذ اوسع لفرض نفسيهما كلاعبيين في مشهد الحكم.
رغبة النهضة تجد دائما معارضة من حركة الشعب التي تتهم النهضة بأن «ساق في الحكم وساق في المعارضة» والقصد التقارب والتحالف البرلماني الذي يجمعها بكل من قلب تونس وائتلاف الكرامة. هذا الخطاب الذي جاء ساعات بعد مأدبة الافطار يكشف بشكل جلي عن ان العلاقة بين مكونات الائتلاف الحاكم ستظل ترهق رئيس الحكومة الذي سيجد نفسه محاطا بائتلاف حكومي متناحر من جانب وبين مجلس نواب ورئاسة جمهورية في صراع بدأت نيرانه تتاجج اثر المعركة الاخير التي استهلت من قبلي واستعرت نيرانها في مناطق من البلاد وجدت في كلمات رئيس الدولة ما يمنحها شرعية التصعيد ضد البرلمان.

برلمان محاصر بالحلفاء قبل الاعداء ، ورئيسه بات هدفا لسهام عديدة تقلص من هامش حركته وتجبره على الاكتفاء بدور محدود في المشهد، وأخر هذه السهام اطلقها اتحاد الشغل الذي التقى مكتبه التنفيذي امس برئيس الجمهورية قيس سعيد.
لقاء وصفه الطبوبي بالتاريخي، خاصة وانه أول لقاء رسمي بين الرئيس والمكتب التنفيذي منذ تسلمه لمهامه، لقاء عقد في ظل تصعيد كلامي بين الاتحاد وائتلاف الكرامة الحليف البرلماني لحركة النهضة التي باتت اليوم تحاسب بما ياتيه حليفها قبل ان تحاسب على ما يصدر عنها من مواقف.

مواقف على غرار ما صدر عن نائب منها اتهم الرئيس بالتحريض وهو ما اعتبره الاتحاد «ضربا لرموز الدولة ومؤسساتها « وهذا ما يرفضه الاتحاد المساند للرئيس ضد ما يتعرض له من تطاول، ولم يكتف الاتحاد باعلان المساندة في لقائه بسعيد بل اعلنها امس ايضا في كلمة لعضو المكتب التنفيذي بوعلي المباركي من صفاقس.

كلمة كشف فيها الرجل عن ما يتعبره الاتحاد أزمة سياسية حادة تسببت فيها بعض الاطراف والأحزاب التي تحاول توظيف كل أزمة لفرض أجنداتها من خلال التجييش والتشنج والتحريض» وهو ما يفرض على الاتحاد ان « لا يترك البلاد للغوغائيين والهواة والفاسدين» مشيرا الى ان «ماكينة الاتحاد» ستتحرك ولن تسمح بتغير النمط المجتمعي او مهاجمة الرئيس.
ها التخندق الصريح في صف الرئاسة على حساب البرلمان يريد به الاتحاد ابلاغ حركة النهضة بالاساس انها لن تسلم من مخلفات «أخطاء» حليفها ائتلاف الكرامة الذي بات في صراع مفتوح مع الاتحاد وهو اليوم يجر النهضة خلفه الى صراع رغم انفها.

تطورات يبدو انها ستدبر النهضة على اعادة قراءة المشهد السياسي من جديد اختيار استراتيجية احتواء مختلفة عن الراهنة خاصة وانها اليوم محاصرة من الجميع كما انها تعاني من تدافع صلبها على خلفية مطامح قادتها المرتبطة بالمؤتمر الحادي عشر.

وضع يبدو انها سيجبر النهضة على التفكير خارج الصندوق لايجاد حل يحفظ كل التوزنات، التطاحن في الائتلاف الحاكم، الصراع مع الرئاسة والحرب المستمرة مع الدستوري الحر...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115