وبرّئه الاختبار. حدث كشف كما العشرات من قبله أن الوصم بات مصير من يؤكد حمله للفيروس، فإما ان يتحمل تبعات ذلك مدى العمر أو أن يخفي الامر ويضع الكثيرين في «خطر».
تناقلت صفحات عدة في شبكات التواصل الاجتماعي اخبار وفيديوهات كشفت ان نسبة من التونسيين عانوا خلال الاسابيع الفارطة من وصم اجتماعي اما لعودتهم من خارج تونس من دول شهدت انتشار لفيروس الكوفيد19 او لإصابتهم بالفيروس او الاشتباه . تسجيلات وتعليقات حملت الكثير من التنميط والقولبة سبق وان مهّد لها وصم وعنصرية استهدفت الاسياوين سواء في الفضاء العام او في شبكات التواصل.
وصم لـ «الأخر» الغريب مبعث الخوف انطلق في تونس مع استشراء انتشار الفيروس في ايطاليا، خوف تحول الى «رهاب» كشف عن نفسه في الشارع التونسي بتحاشي كل من يحمل ملامح شرق اسيوية وفي نكت وتعليقات عنصرية استهدفت بالأساس الصين التي تتهم بأنها «أصل» الوباء وسببه.
اعتقاد تبناه الكثيرون في تونس وتباروا في اثبات رجاحته بالاشارة الى عادات الاكل والمطبخ لدى الأسيويين هنا برزت نظرية « شربة الخفاش»، التي تستند الى تسجيل قديم يظهر سيدة صينية تتناول حساء الخفافيش التي يعتقد البعض انها مصدر الفيروس الاصلي. اعتقاد استحوذ على تفكير الجميع رغم ان المصدر المباشر للفيروس لا يزال غير معروف ، الى حد الآن.
مع بداية انتشار الفيروس نهاية السنة الفارطة في الصين كان الوضع في تونس في حالة عدم « مبالاة « وهو ما حال دون تسجيل افعال عنصرية او وصم يستهدف الاسيويين، لكن مع انتقال الوباء الى اوروبا تغيير الوضع تدريجيا قبل ان يصل الى ما هو عليه اليوم.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
اذ مع تسجيل او لحالة اصابة تغيير الوضع ليبرز التمييز العنصري ضد كل من يشتبه في اصابته، العائدون من دول اوروبية وخاصة ايطاليا، اشتباه خفف من حدة الوصم والفعل العنصري لكن ما ان باتت اصابة مؤكد تغيير الوضع ليلاحق الوصم والتمييز من تعرض للعدوى واسرته والمحطين به.
تمييز كشف عن نفسه في منع دفن المتوفين نتيجة الاصابة بالكورونا، وهذا تكرر كثيرا ليجبر السلط على التلويح باستعمال القانون ضد من يحول دون دفن ضحايا الكورونا، ولم يختصّ الموتى فقط بالتمييز بل الإحياء وهذا ما كشفته شهادات لتونسيين اما تعرضوا للعدوى او اشتبه في تعرضهم. تمييز ووصم وعنصرية دفعت ببعضهم الى الاحتفال بصدور نتائج التحليل سلبية، احتفال وثق ونشر عبر شبكات التواصل، يراد من خلاله صاحبه نفي تهم قد تلتصق به وتلاحقه طوال العمر.
هؤلاء المحتفين بسلبية اختباراتهم يكشفون بشكل جلي عن حجم التمييز الذي تعرضوا له، وهذا يبعث على الخشية من ان تهدد العنصرية والتمييز ضد مصابي الكورونا الى ان تدفع بمن يشتبه في اصابته بالفيروس الى اخفاء الامر، خاصة ان كانت عوارض خفيفة لا تستدعى المتابعة الطبية.او كما حدث ما أعلنت عنه وزارة الصحة رفض التعاون مع السلط العمومية لتقصي انتشار الفيروس في محيط المصاب.
هذه الحلقة المترابطة ، عنصرية وتميز تؤدى الى التخفي او معاداة المجموعة والتخفي يضع الجميع في خطر ، يبدو ان كسرها صعب في ظل تولي اللاعقلانية زمام الامور لدى التونسيين، الذين كشفوا عن غير قصد عن تنامي الخوف والضغط المسلط عليهم بعبارات تنميطية لمن تعرض للعدوى او من يرونه مثل خطرا عليهم.
كشف تفشي فيروس كورونا المستجد في تونس عن مخزون من ردود الفعل العنصرية انطلقت بتجريد الاسيويين والصينيين بالاأساس من انسانيتهم قبل ان ينتقل التجريد الى الآخر المنتمي الينا اثنيا، المصاب او المستبه باصابته هؤلاء ضحايا تمييز عنصري قد يكلفنا الكثير.