استمرار الصراع بين باردو وقرطاج : الغنوشي يزاحم سعيد في ملف الدبلوماسية

يبدو ان العلاقة بين مجلس نواب الشعب ورئاسة الجمهورية محكومة بمنطق الصراع ، الذي اعلن عن جولة جديدة

منه بعنوان «الدبلوماسية» التي يرغب المجلس في ان تتمدد صلاحياته ليشملها ويتقاسمها مع الرئاسة.
خلال الاشهر الاربعة الفارطة انحصرت العلاقة بين مجلس نواب الشعب ورئاسة الجمهورية في خانة الصراعات المعلنة والخفية، عدة ملفات ومحطات كشفت عن التباين بين المؤسستين اللتين تتزاحمان فيما بينهما لبسط النفوذ على المشهد العام والتحكم فيه لتنزيل قناعات وتصورات سياسية لكل مؤسسة.
معركة النفوذ التي بلغت حد تحديد مربعات السلطة، الرئاسة ترسم مربعها وترغب من الجميع على الالتزام به كما جد في ملف حكومة الفخفاخ والتلويح بحل المجلس ان لم تنل الحكومة الثقة، مجلس النواب يبحث عن تحديد مربع سلطته في علاقة بالسلطة التنفيذية وفق مقاربة تجعل من الحكومة فرعا له ومن الرئاسة خصما منفلتا.
منافسة تجلت في الكثير من التحركات واللقاءات والتصريحات، وآخرها ما جد امس لدى لقاء رئيس المجلس راشد الغنوشي يوم امس بوزير الشؤون الخارجية نور الدين الريّ، لقاء اشار بلاغ المجلس الى ان محاوره كانت تكامل مؤسسات الدولة في ما بينها خدمةً لتونس وديبلوماسيتها وضرورة تعزيز الديبلوماسية التونسية على المستوى الدولي.
لكن في التفاصيل يكشف البلاغ ان رئيس المجلس ناقش مع وزير الخارجية «أهداف التعاون بين الوزارة ومجلس نواب الشعب وسبل تطويرها»، ومن تلك السبل تنظيم لقاءات دورية مع لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية وايضا معالجة الملفات والقضايا المحليّة والإقليمة، بالإضافة لملف التونسيين المقيمين بالخارج.
هنا يتضح ان رغبة المجلس في تعزيز التعاون مع وزارة الشؤون الخارجية لا تتعلق بمتابعة ملفات بل باخضاعها لصلاحيات المجلس «الرقابية» كخطوة اولى نحو الانتقال لتحديد السياسات والخيارات الدبلوماسية لتونس.


خطوت يكشفها البلاغ الصادر عن رئاسة المجلس في متنه، اذ يقدم ما يمكن اعتباره «عقيدة دبلوماسية» للمجلس تقوم على ان «حجم البلدان لا يُقاس بالرقعة الجغرافية بل بالتأثير الديبلوماسي، وأن تونس تبحث عن علاقات جيدة وقوية وستعود للساحة الدولية والاقليمية وستدافع عن أولوياتها ومواقفها وستحاول فتح قنوات حوار مع الجميع « هذا دون اغفال الاشارة الى الالتزام بالثوابت الديبلوماسية التونسية التي ركزت مع دولة الاستقلال.
تحديد التصور ينتقل الى رسم الخيارات ، حيث يشير المجلس الى ان تونس ستقوم بأدوار متقدمة عبر دبلوماسيتها في معاجلة ملفات من اهمها «مقاومة الإرهاب» بل وستعمل على ايجاد حلول للأزمة الليبية وفق مقاربة تنطلق من «الاعتماد على الشرعية الدولية والبعد عن الاصوات العسكرية».
حرص المجلس على ان تمتد صلاحياته لتحدد المقاربة الدبلوماسية للدولة التونسية لا يقدم على انه تجاوز للصلاحية من المجلس، بل على انه بحث عن «تكامل الديبلوماسية البرلمانية والديبلوماسية الرسمية» وهذا التكامل لن يحدث ما لم يكن هناك انسجام بين مؤسسات الدولة.
بلاغ المجلس الذي حرص على ان يعلن الحرب ولكن بكلمات ودية منمقة تضع الانسجام بين مؤسسات الدولة والتكامل بينها اولوية ، لكن فعليا هي تنقل التوتر بين مؤسسة الرئاسة والمجلس الى مستوى الصراع على الصلاحيات، في ظل محاولة للتمدد وبسط النفوذ.
فرئاسة المجلس تدرك ان السياسة الخارجية التونسية كما الدفاع هي صلاحية رئاسة الجمهورية ولا ينازعه احد فيها او يقاسمه إياها وفق الدستور، لكن المجلس وعبر الية الرقابة يرغب في ان تتمدد صلاحياته لتشمل صلاحيات السلطة التنفيذية وهو ما يفسر حرص المجلس على جعل الحكومة فرعا من فروعه.
هذا الصراع ينجم عن تصور لماهية المجلس ودوره في الحكم لدى رئاسته وبشكل ادق لدى حركة النهضة التي تدفع الى ان يقترب النظام السياسي التونسي، بحكم الممارسة، الى الانظمة البرلمانية، حيث تتمركز السلطة لدى البرلمان وهو من يقوم باعادة توزيعها على فروعه، وهنا تكون الحكومة فرعا.
تصور يتعارض مع رؤية الرئاسة التي تدير صدامها مع المجلس في الكواليس وبعض التلميحات ومنها موقفها الرافض للقاءات التي يعقدها رئيس المجلس مع الوفود الدبلوماسية المقيمة في تونس او الزائرة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115