مجلس نواب الشعب: الفوضى المستمرة ...

يبدو ان جزءا من مجلس نواب الشعب لم يستطع ادراك الخيط الرفيع بين الاحتجاج والتخريب، ليقع المجلس في ساعاته الـ48 الفارطة،

كما في مرات سابقة في الفوضى والعبث السياسي الذي يبث بشكل مباشر.
«جريمة موصوفة» هي الكلمات التي اختارها رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي ليصف بها ما جد من احداث في الجلسة العامة ليوم امس، جلسة اعتبر الغنوشي ان كتلة الدستوري الحر تعمدت تعطيل أشغالها، تعمد حذّر الغنوشي من انه سينعكس سلبا علي البرلمان الذي لن يكون قادرا على مواصلة عمله بهذه الطريقة في السنوات المتبقية من عهدته.
ولكنه لم يترك الامر يمر دون ان يوجه سهامه الى عبير موسي رئيسة كتلة الدستوري الحر التي اتهمها بالتحريض على الفوضى وتعطيل أشغال المجلس، مشيرا الى ان المجلس قد صبر كثيرا على سلوك نواب الدستوري الحر وحاول ان يتجنب «الوقوع في الفخ» وهو الصدام بين النواب منذ اعتصام كتلة الدستوري الحر في البرلمان منذ اشهر.
وضع اعتبره الغنوشي، بصفته رئيس المجلس، قد بلغ منتهاه وانه بات من الضروري ان يقع تنقيح النظام الداخلي من أجل ضمان حسن سير أشغال البرلمان ، وهو ما قرره مكتب المجلس امس حينما اتخذ خيار تشكيل لجنة للنظر في تنقيح الفصل 131 من النظام الداخلي للبرلمان المتعلق بسير الجلسات العامة .
خيار حسمه المجلس بعد الاحداث التي شهدتها الجلسة العامة امس واليوم السابق له، اذ حال التلاسن بين النواب الذي كاد يتطور في بعض المرات الى تطاحن، دون سير اشغال الجلسة التي افرغت من مضمونها بقرار اعادة مقترح تعديل القانون الانتخابي الى لجنة التشريع العام للنظر فيه، ولكن هذا لم يحل والفوضى التي عمت المشهد.


فوضى تضمنت التكفير والشتم والتهجم بين النواب من مختلف الكتل خلال اليومين الفارطين في قاعة الجلسة ولكنها انتقلت ايضا الى خارجها، سواء في التلاسن والتدافع اول امس امام قاعة الجلسة او مطاردة نواب الدستوري الحر امس لرئيس البرلمان في اروقته ومحاصرته بين امنه الخاص للمطالبة بان يصدر بيانا يدين تكفيرهم.
مطاردة استمرت وقد تخللتها محاولات استفزاز وقع فيها رئيس المجلس الذي صرح لاحقا بان الدستوري الحر يبث الكراهية في صفوف المجتمع التونسي، وذلك على خلفية اعتماد نواب الدستوري على تسمية «الخوانجية» كلما توجه بالخطاب الى حركة النهضة. حركة يترأسها رئيس مجلس النواب الذي اعتبر ان كتلة الدستوري الحر إقصائية وعليها اليوم ان تكف عن مطاردة نزواتها وان تتعقل.
دعوة للتعقل يبدو أن رئيس المجلس مطالب بان يوجهها الى جميع الكتل، التي تتطاحن في اروقته وفي قاعته الرئيسة، والمميز ان صراعاتها وتدافعها يتبع قاعدة «حرب الكل ضد الكل»، حرب فككت ائتلاف الحكومة الى كتل متناحرة. يضاف لكتل المعارضة التي بدورها في صدام مع بعضها البعض ومع كتل اغلبية الحكم.
مشهد التدافع والتلاسن سبق وعرفته المجالس السابقة، سواء التأسيسي او النيابي في عهدته السابقة، لكن كانت مشاهد محدود في الزمن والسياق غير ان البرلمان الحالي بالكاد يخلو من هذه الملاسنات او التصعيد والشجار وتعطيل سير اشغال جلسات البرلمان.
ففي الاشهر الاربعة الاخيرة عاني البرلمان من اكثر من 6 صراعات وتعطلت اشغاله لأيام قبل ان يعاد الامر في الجلستين الفارطتين، والمشترك هنا كتلتا الدستوري الحر وائتلاف الكرامة، تنطلق الأزمة بهما وتكتسح بقية البرلمان.
ازمة تتغذى من البث المباشر لأعمال المجلس على القناة الثانية وعلى قناة المجلس باليوتوب، بث هدف المؤسسون بإقراره ضمان الشفافية وتشريك التونسيين في النقاشات عبر نقلها الى الفضاء العام ، ولكن عملية النقل كانت لها نتائج عكسية وهي التماهي مع موجة الشعبوية والقصووية التي تجتاح فضاءات التواصل الاجتماعي الافتراضية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115