والى حزمة الاتفاق الذي توصلوا اليه في منزل «الشيخ»، من ذلك اللقاءين اللذين عقدهما رئيس مجلس النواب مع القروي والفخفاخ كل على حدة، لكن الموضوع واحد وهو مكان قلب تونس في الحزام السياسي للحكومة.
يوم امس عقد رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي لقاءا جمعه مع رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، الذي غادر اللقاء وسارع بلفظ ما حمله صدره ، ليعلن انه يستغرب من تصرف رئيس الحكومة الياس الفخفاخ وإصراره على اقصاء حزبه من المشاورات والحزام السياسي.
استغراب بالكاد عبر عنه القروي حتى ولج الفخفاخ مكتب رئيس المجلس ليجتمع به يوم امس ايضا، ولكنه على عكس الاول غادر دون تقديم أي معطيات او تصريحات بل ولم يعلق لاحقا على اللقاء او ينشر محاوره.
صمت الفخفاخ لم يحل دون ان يعرف سبب اللقاءين اللذين عقدهما الغنوشي امس، فما هو واضح من تصريحات القروي ولاحقا من تصريحات قادة حركة النهضة ان اللقاء كان من اجل بنود الاتفاق الحاصل بين الغنوشي والثنائي الاسبوع الفارط والذي انتهى الى دعوة قلب تونس للمشاركة في المشاورات من بوابة توسيع الحوار بشأن برنامج الحكومة.
بنود كشفها القروي الذي قال ان اللقاء الثلاثي كان على اساس توسيع الحزام السياسي للحكومة وانه يستغرب عدم حصول تطور منذ ذلك اللقاء، في اشارة الى ان الفخفاخ لايزال يؤكد لباقي مكونات حزامه السياسي ان قلب تونس غير معني بالحكومة ولا بحزامها.
القروي وهو يبدي استغرابه من عدم تنزيل الفخفاخ لنص الاتفاق بالأحرف الاولى بين الثلاثي، شدد على ان حزبه لا يبحث عن حقائب وزارية او المشاركة في الحكومة بقدر اهتمام حزبه بمضمون البرامج ولكن بالاساس ضرورة ان يكون للحكومة القادمة حزام سياسي واسع.
القروي يشدد على ان موقف قلب تونس لم يتغير وهو حكومة وحدة وطنية بلا اقصاء دون ان يغفل عن الاشارة الى ان الحكومة قيد التكوين وانهم يفضلون ان يكونوا في المعارضة على ان يكونوا ممثلين في الحكومة بشكل مستتر. في تلميح الى ان ما عرض عليهم هو المشاركة بشكل غير مباشر في الحكومة عبر وزيرين.
تصريحات القروي عقبتها تصريحات عماد الخميري وغيره من قادة النهضة الذين شددوا على ان الحركة لم تغير موقفها وهو توسيع دائرة المشاورات والحزام السياسي وان على الفخفاخ ادراك ذلك والا فان الحركة لن تكون عضوا في الحكومة، هنا يعلن الخميري ان النهضة قد تمنح الفخفاخ الثقة دون المشاركة لتجنب تداعيات سقوط حكومته.
النهضة وقلب تونس كشفا عبر قادتهما وتصريحاتهما ان الاتفاق الذي جمع بكل من راشد الغنوشي ونبيل القروي والياس الفخفاخ تضمن اشراكا لقلب تونس في المشاورات، ويبدو ان اكتفاء الفخفاخ بلقاء وحيد مع رئيس الحزب ووفد منه تحت بند توسيع الحوار الوطني بشأن برنامج الحكومة لم يكن كافيا للحزبين ولا مقنعا خاصة في ظل التطورات التي تشهدها المشاورات التي يبدو انها لفظت بشكل نهائي ائتلاف الكرامة من الحزام السياسي وتقلص عدد الاحزاب المصنفة على كونها في الحزام السياسي للحكومة الى 7 من اصل 10.
تطورات تجدها النهضة وقلب تونس كافية لتنزيل الاتفاق على الارض واقحام قلب تونس في الحزام السياسي، وهذا قد يربك الفخفاخ الذي يبدو انه ظن ان لقاءه بالقروي ومنح الحزب وزارتين بشكل غير مباشر قد يكون تنزيلا للاتفاق بينهم، لكن يبدو ان الثنائي اختار الضغط اكثر على الرجل.
ضغط يبدو ان هدفه الاساسي ليس اقحام قلب تونس فالغنوشي والقروي يدركان جيدا ان فرض مشاركة قلب تونس قد تكون الدفعة التي يحتاجها الفخفاخ ليهدم المعبد ويعود الى موقفه السابق وهذا ان تم سيفرض على الجميع التعامل مع تبعات الازمة التي ستعيشها البلاد في الاشهر الستة القادمة على الاقل.
لذلك يبدو ان الرجلين وفي ظل سعيهما الى تغيير بنود الاتفاق مع الفخفاخ يرغبان منه في تقديم تنازل مختلف لم يتضح بعد ، لكن الساعات القليلة القادمة ستكشفه.