بعد انضمام قلب تونس للمشاورات الحكومية: صيغة التوافق بدأت تتكشف...

ساعات فقط فصلت بين اللقاء الثلاثي الجامع بين راشد الغنوشي وكل من الياس الفخفاخ ونبيل القروي كانت كفيلة

بان تتضح بعض من ملامح «التوافق» بين الثلاثي، ويبدو ان كل طرف منهم انطلق بتنفيذ الجزء المتعلق به لضمان اخراج جيد.

يوم امس استقبل إلياس الفخفاخ المكلف بقيادة مشاورات الحكومة رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي المصحوب بوفد عن حزبه، وذلك بعد مرور 24 ساعة عن اللقاء الذي جمع الثنائي براشد الغنوشي في بيته، اول امس. في لقاء شدد الثلاثي على انه غير رسمي ولكنه كان بناء وايجابيا ساعد على تقريب وجهات النظر.
لاحقا كان لقاء قصر الضيافة، الذي صبغ الطابع الرسمي على التقارب بين الفخفاخ وقلب تونس برعاية النهضة التي يبدو ان دورها في الصفقة يتجاوز المشاركة لتكون هي «العراب» والضامن للثنائي بتنزيل الاتفاق على الارض دون مفاجأة او نكوص من اي جانب.

هنا تركت النهضة للطرفين، الفخفاخ والقروي، الالتزام بنصيبهما من الصفقة وتنفيذ خطواتها، وهو ما تم امس حينما استقبل الفخفاخ القروي وقدم له وثيقة التعاقد الحكومي وشرح له برنامجه الموعود ان مرت حكومته واولوياته في المقابل اكد له القروي ان قلب تونس لا يطالب بوزارات ولا بالحكم بل مهتم بتحقيق الوعود وتحسين حياة التونسيين

لقاء انتهى وقد التزم كلا الرجلين، الفخفاخ والقروي، بما اتفقا عليه بحضور الغنوشي، توسيع للمشاورات وعرض لموطئ قدم في الحكم بشكل غير مباشر قدمه الفخفاخ للقروي مقابل التزام الاخير بان يكون خارج الصورة بشكل رسمي كما كان الحال عليه مع الحبيب الجملي، وهو ما قام به القروي الذي شدد على ان حزبه غير مهتم بالحكم.

عدم اهتمام لا يعني ان الحزب قرر الذهاب للمعارضة، بل ستنظر هياكله في الامر وتقرر مآل اصوات نواب الحزب الـ38، والذي لن يكون غير التصويت بعدم منح الثقة ولكن ليس الجميع فهناك اصوات قد تكسر القاعدة وتقول نعم لـ«الفخفاخ» خاصة ان كان الاخير في حاجة لها يوم الجلسة العامة.

هذا الجزء المتعلق بان يكون قلب تونس صلب الحكومة وخارجها، هو ما كشفته تعهدات الفخفاخ وتاكيداته للاحزاب التي التقاها امس بان قلب تونس لن يكون في الحكومة، او في الائتلاف الحكومي، وان دعوة الحزب هي توسيع للحوار وليس لحزام الحكم.

توسيع الحوار هو ايضا ما تقف عليه النهضة اليوم لتقدم موقفها الجديد، وهو الاقتراب بخطوة في اتجاه الفخفاخ اذ اعلن رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني امس ان حركته تفرّق بين توسيع المشاورات والمشاركة في الحكم، وان طلبها الخاص بقلب تونس هو لتوسيع المشاورات وليس الحكم. والهاروني قال هذا بشكل مباشر وصريح «انضمام قلب تونس للمشاورات لا يعنى بالضرورة تواجده في الحكومة».

هنا تتضح من الخطوات الثلاث التي قامت بها حركة النهضة وقلب تونس والفخفاخ كل على حدة ان مضمون الاتفاق بينهم كان اعتماد قلب تونس كحصان طروادة في الحكومة كضمان لاي تطورات قادمة، ولتوفير الطمأنينة للحزب سيقع منح حقائب وزارية لشخصيات قريبة منه او ستتم استشارته بشأنها، كما تتعهد النهضة بحمايته الى حين حلول زمن دخوله في الحكم مباشرة.

صفقة لا تقوم على حسن النوايا، فلا احد من الثلاثي يثق في صاحبه بل تقوم على الضمانات، والضامن هنا هي حركة النهضة التي يبدو انها ستظل ماسكة بخناق الفخفاخ ومتحكمة فيه بعد ان استولت على كامل المبادرة السياسية من يد الرئيس. بعبارات اوضح ان لم يحترم الفخفاخ اتفاقه فالنهضة ستنقلب عليه وهذا يعني سقوطه.

هذه التوليفة ستتضح اكثر في الساعات القادمة، وهذا لا يعني انها لن تشهد مراجعة اذ قد تجبر الاحزاب الاربعة، التي ينظر اليها على انها «احزاب وكتل الخط الثوري» الفخفاخ والنهضة على التسريع في ادخال قلب تونس لدائرة الحكم، وهذا قد يكون في صالح الطرفين على قاعدة اجبرت على الامر ولم اكن راغبا فيه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115