إلياس الفخفاخ ومعضلة المشاورات الحكومية: «قلب تونس»... الطريق المتبقي

«من لم يكن رياضيا فلا يطرق بابنا» كلمات يقال ان افلاطون كتبها على بابه كشرط لاستقبال الطلاب او المناظرين، للاستدلال على اهمية «المنهجية»

في اي نشاط يحتاج الى اعمال العقل، والسياسة هي احد المجالات التي يحبذ ان يكون الناشط فيها «رياضيا» قادرا على حل معادلات معقدة. تماما كتلك التي يواجهها الياس الفخفاخ في مشاوراته الحكومية.

خلال الساعات الـ48 الفارطة لم يشهد الوضع العام للمشاورات الحكومية التي كلف الياس الفخفاخ بإدارتها اي انفراج ، الرجل وفريقه يتمسكون بخيار اتباع نهج الرئيس والالتزام بحكومة «الخط الثوري» امام اتساع دائرة الرفض لهذا التوجه وتمددها لتشمل احزابا كان يراهن الفخفاخ على انها ستكون سنده في دفع حركة النهضة للقبول بقواعد لعبه.

الفخفاخ ومنذ بداية المشاورات اعلن انه اختار الاصطفاف خلف الرئيس ونهجه وانه يعمل لان تكون حكومته حكومة الخط الثوري ولذلك فان لا مكان لقب تونس في المشاورات او في الحزام السياسي الداعم للحكومة، موقف كانت الاحزاب المشاركة معه في المشاورات متقبلة له ومدافعة عنه باستثناء حركة النهضة التي رأت فيه خطوة استباقية لمحاصرتها.

خوف النهضة دفعها لان تعقد المشاورات وهذا ما تم خلال الاسبوعين الفارطين، لتصل مساعي الفخفاخ الى طريق مسدودة، مما دفعه الى محاولة اخيرة لجر الجميع بسياسة الامر الواقع، وهو ما ادى في النهاية الى فشله ايضا وعادت محاولته بالوبال عليه.

فالرجل الذي أعلن انه يحظى بدعم 10 احزاب وكتل برلمانية قاد نفسه الى الفخ، ليجد نفسه اليوم مرتهنا بحركة النهضة وما تقرره، وهي لم تتحرك قيد انملة عن موقفها السابق مما دفع باحزاب كانت قبل بداية الاسبوع الجاري تدعم الفخفاخ في خيار الخط الثوري، الى ان تعيد النظر وهو ما اربك معادلة الفخفاخ الذي لم تعد امامه خيارات عدة.
فإما ان يدفع الى الامام ويضع الجميع اما الامر الواقع ويتجه الى البرلمان دون الوصول الى توافق معهم بشأن الحزام السياسي وما يتبعه من نقاط او التوصل الى توافق وصيغة تمكن الجميع من الفوز.

ويبدو ان الفخفاخ وفريقه باتوا مدركين لتقلص فرصهم، وهو ما عبرت عنه تصريحات فتحي التوزري، عضو فريق الفخفاخ والمفاوض مع الاحزاب، باشارته الى ان الفخفاخ متمسك بخياره وصوابه ، وانه يعمل على ان يقنع حركة النهضة به. التوزري وهو يعلن ان قائده متمسك بخيار عدم تشريك قلب تونس، اشار الى ان النهضة لا تزال متمسكه بإلحاقه ووصفها بانها شريك مهم في المشاورات.

وصف التوزري للنهضة بانها شريك مهم تزامن مع اعلان زهير المغزاوي بان الجميع يناور في المشاورات وانه يثق في مرور حكومة الفخفاخ في المجلس. وهذا ايضا يتزامن مع اعلان عبد الرؤوف بالطيب مستشار رئيس الجمهورية استقالته يوم امس من مهامه بسبب خلافات شخصية مع الرئيس.

كل هذه العناصر هي مؤشرات تلمح بان هناك تغييرا في المعادلة قادم، ويبدو ان هذا التغيير يتعلق بقلب تونس الذي باتت المطالبة بالتحاقه بالمشاورات مرفوعة من احزاب غير النهضة او محبذة دون التورط الصريح في المطالبة، مما يجعل الفخفاخ وبمعادلة رياضية بسيطة يدرك انه ولتوفير اي حظوظ لمرور حكومته سيكون مطالبا بوضع الـ38 نائبا بعين الاعتبار.

هذا والا فان الـ160 الاخرين الذين اشار اليهم سينفضون من حوله، طالما ان حظوظ مرور حكومته مرتهن بحركة النهضة التي يبدو ان قلب تونس لا يمثل بالنسبة لها غير بيدق في الحرب مع الرئيس وان تواجده ليس حبا فيه بل لكسر احتكار الرئيس للعملية السياسية.

لذلك وليضمن الفخفاخ نجاحه فانه لم يتبق له غير ورقة وحيدة، بعد ان احرق كل ما لديه في ساعاته الاولى من التكليف، وهي البحث عن قلب تونس ولكن ايضا البحث عن مخرج يبرر به العودة اليه دون ان يظهر كمن سلبت منه ارادته وانصاع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115