الأحزاب والكتل البرلمانية الـ10 المشاركة في المشاورات : إلياس الفخفاخ بات رهينة الأحزاب

قالت العرب قديما ان حسابات الحقل تختلف عن حسابات البيدر، وهذا ما اكده مرة اخرى الياس الفخفاخ المكلف بتشكيل الحكومة

حينما ظن انه قادر على اجبار الاحزاب والكتل البرلمانية على اتباع نهجه فكان الجواب الذي تلقاه بـ«لا» من احزاب قال انها تدعمه وستكون في حكومته فكانت اول من وضعت العصا.

يبدو ان المكلف بقيادة المشاورات الحكومية الياس الفخفاخ بات مدركا انه لم يعد يحتكم على اي من خيوط اللعبة التي انزلقت من بين اصابعه كما ينطلق الماء، فالرجل كلما اطل واعلن عن شيء قابلته الاحزاب والكتل بردود لا تسرّه.

تحدث الفخفاخ اول مرة عن شرعيته التي يستمدها من الرئيس وهذا كان في اسبوعه الاول فكان الرد صريحا واضحا تجاوزه ليطال الرئيس نفسه خاصة من حركة النهضة التي قالتها بصوت مسموع، اما ان تكون المشاورات على هواها او فلن تكون حكومة.

صوت ارتفع طوال الاسبوع الفارط وبلغ مسامع الفخفاخ الذي ادرك انه بين خيارات محدودة اما ان يستجيب للنهضة ويوسع دائرة المشاورات لتشمل قلب تونس او سيخاطر بمصير حكومته، اختار الفخفاخ الحل الثالث وهو جر الجميع الى الارض التي يقف عليها.

الفخفاخ وفي اسبوعه الثاني قرر ان يتحدث باسم الاحزاب والكتل ويعلن انه يحظى بدعم 10 منها وان هؤلاء الزمرة لا يضعون شروطا بل ينصحون، والقاعدة العامة في التعامل بالنصيحة هي ان تاخذ بها او تتركها الامر مرتبط بالمنصوح لا الناصح.

هذا ما أراده الفخفاخ ان تكون علاقته بالاحزاب قائمة على انه الاقوى وله القدرة على جرها واحراجها لتصطف خلفه، خيار يبدو ان الاستمرار فيه سيكون من يلعب «الرولوت» وهو مدرك انه استوفى حظه في المرات الخمس الفارط وان محاولته السادسة والاخيرة ستحمل الرصاصة معها.

فالرجل ادرك منذ السبت الفارط ان الاحزاب تخلت عنه وان قائمة الغاضبين امتدت لتشمل من كان يراهن على انخراطهم الكلي في خطه خط الرئيس لكنه بحسابات خاطئة حاصرهم من الزوايا الاربع ولم يترك لهم غير المواجهة.

مواجهة انطلقت بحركة النهضة اولا ثم تبعها البقية، وكانها قطعة ديمينو سقطت فتتالى سقوط باقي القطع، النهضة اولا لاحقا تحيا تونس فحركة مشروع تونس فآفاق تونس فحركة الشعب فالشعب الجمهوري، والتساقط مستمر. اذ ان هؤلاء يلتقون في ضرورة ان تعاد ضربة بداية المشاورات. لتكون على قواعد جديدة غير التي وضعها الفخفاخ.

اولى القواعد الامر بيد الاحزاب لا المكلف والرئيس من خلف الحجب، ثانيها ان المشاورات ستمتد لتشمل كتلا اخرى، هنا الكل يلتقى في الجمهور ويختلف في الاخراج والصياغات اللغوية، حكومة وحدة وطنية او حكومة مصلحة او غيرها من العبارات التي تكشف ان الهدف هو فتح الباب لدخول قلب تونس للمشاورات.

مسار اختاره البقية بعد عملية حسابية تكشف ان الفخفاخ سيظل عاجزا عن نيل الثقة ما لم تمنح له من كتلة النهضة، فالـ160 نائبا الذين يشير اليهم عمودهم الفقري هي حركة النهضة دونها يتهاوى الجسم والبرلمان على حكومته. لذلك فهو سيكون مجبرا على ان يأخذ بعين الاعتبار مخاوف الحركة وطلباتها.

اجبار عبّر الفخفاخ عن ادراكه حينما اجل موعد اللقاء برؤساء الاحزاب وحينما قبل به وهو يدرك ان النهضة والبقية لن يذيلوا وثيقته التعاقدية بامضاءاتهم ما لم تقع اعادة النظر في المسار برمته، لا لحظة تعيينه بل ما تبعها، اي ان الجميع يريدون له ان يعود الى تلك اللحظات وينطلق في مسار يقوم على الاحزاب لا رئيس الجمهورية ، ولكل اسبابه.

لكن حتى هذا الخيار بات محفوفا بالمخاطر فالرجل الذي تحدث بقوة وثيقة سيكون مجبرا على التراجع بخطوات واقحام قلب تونس في المشاورات، وان تم الامر له سيضع نفسه تحت ضغط اكبر بسبب انخرام التوازنات التي كانت قائمة خلال الاسبوعين اللذين انفقهما الرجل في رحلته الى نهاية الطريق المسدود وبات اليوم مطالبا بتقديم اكثر تنازلات للمرور.

فإن استجاب للنهضة فسيكون مجبرا لان يستجيب للشعب والتيار وتحيا تونس، وان استجاب لاربعتهم سيكون عليه دفع ثمن لقلب تونس الذي ان التحق بالمسار سيضع شروطا ومطالب على الطاولة. اليوم وبفضل خياراته وجد الفخفاخ نفسه في الوضع الذي بحث عن تجنبه، وهو ان يكون اسيرا للاحزاب والكتل البرلمانية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115