وهو ما قام به يوم امس حينما سحب ورقة الرئيس ووضعها على الطاولة، فهو مكلف من الرئيس ويستمد شرعيته من شرعية الأول وهو على نهج الرئيس وناخبي الرئيس.
يوم امس لم يطل إلياس الفخفاخ في كلمته المخصصة للكشف عن منهجه في ادارة المشاورات وتحديد الائتلاف الحكومي القادم. ففي الثواني الاولى كشف الرجل عن جوهر تمشيه وهو تنزيل نتائج الانتخابات الرئاسية في دورها الثاني على التحالف الحكومي، بل واعتبار نفسه يتحمل عبء امانة 2.7 مليون صوت التي مكنت قيس سعيد من بلوغ قصر قرطاج.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
عبء يتقاسمه الفخفاخ مع سعيد باعتبار ان الاخير كلفه بقيادة المشاورات، التي اعتبر انها ستكون مرحلة جديدة ستعزز تدعيم الانسجام بين رئيسي السلطة التنفيذية ، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ، لتحقيق انتظارات الشعب التونسي التي يشترك مع الرئيس في اعتبارها ضرورة ملحة يجب ان تنفذ.
حضور الرئيس منذ بداية الكلمة لم يقتصر على ذكر اسمه بل باعتماد مفردات خطاب قيس سعيد خاصة في جانبه المتعلق بـ«القيم» واخلقة العمل السياسي واشراك الشباب وتمكينه وقيم الثورة وأهدافها وغيرها من العبارات التي انبنى عليها خطاب لإحراج أحزاب وكتل سياسية.
فاعلون سياسيون وان وجه الفخفاخ الشكر لهم لم يغب عنه توجيه نقد مبطن وصريح اذ تحدث عن ضعف ثقة المواطنين في الطبقة السياسية بل وغياب الثقة بين الفاعلين السياسيين مما يجعله متمسكا بان يوفر بيئة «قيمية حاضنة» للحكومة، وقائمة على اخلقة الحياة السياسية.
ليس هذا فقط بل الفخفاخ واتبعا لنهج الرئيس يريد ان يضع منهجية وخط سياسيا منسجما ومتناغما مع نتائج الانتخابات منحازا لقيم اهداف الثورة والانتقال الديمقراطي، تحالف يلتقى على القيم التي جسدها قيس سعيد لدى التونسيين وشكلت التحالف الداعم له في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية.
8 دقائق تقريبا هي مدة الكلمة التي القاها الياس الفخفاخ وتمحورت مند بدايتها الى نهايتها على نقاط الالتقاء بينه وبين الرئيس وكيف انه سيجسد هذه النقاط في الائتلاف الحكومي القادم، لكنه وعلى امتداد نصف ساعة كشف اكثر تفاصيل في رده على الاجوبة التي وجهت اليه.
اسئلة تعلقت بالحزام السياسي الذي يبحث عنه الفخفاخ والذي اختزل منهجيته بانه يبحث عن حزام سياسي يحكم معه لا يصوت له في البرلمان ، ولأنه يبحث عن من يشاركه الحكم فهو متمسك بان يتقاسم وإياه القيم والمبدأ ، ومن ينطبق عليهم هذا هي الاحزاب التي دعمت قيس سعيد في الدور الثاني، وهي جل الأحزاب البرلمانية باستثناء قلب تونس والدستوري الحر اللذين اعتبر الفخفاخ انه لم يقصيهما.
خيار الفخفاخ ان يحتمي بظل الرئيس وان يؤسس حزامه السياسي والبرلماني على قاعدة الثقل السياسي لسعيد ليس مجرد احتماء ظرفي فالرجل لإحراج الاحزاب البرلمانية او دفعها لتجنب غضب ناخبي سعيد، وهم بالأساس ناخبو هذه الأحزاب، بل لسحب كافة اوراق اللعب من يدها وجعلها مثله، جزء من مبادرة الرئيس وجماعته.
بحث عن وضع كل اوراق اللعب القوية في يد سعيد لا يقتصر هدفه على ضمان سلاسة المشاورات او تحصين الفخفاخ لنفسه من الاحزاب بل هدفه يتجاوز ذلك فالرجل يريد ان يصيب كل العصافير على الشجرة بحجر واحد، وهو حجر الرئيس، فهو يريد منها ومن المنظمات الاجتماعية من خلفها ان تكرر تجربة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الذي كان المتحكم في المشهد السياسي.
تحكم يريد الفخفاخ ومن هندس له هذه المقاربة ان يوضع بيد قيس سعيد ظاهريا للجم الاحزاب، وخاصة النهضة والتيار وتوفير مناخ مناسب لقيادة المشاورات الى الوجهة التي يرتضيها، وايضا وهو يأتي في مرحلة لاحقة، الفخفاخ بهذه الخطوة يريد توفير هدنة مع الشارع الذي تقدم اليه كامتداد للرئيس. هدنة يرغب الرجل في ان تساعده على ادارة مرحلة حكمه دون ازمات، بل ويريد ان يصبح الشارع احدى ورقاته للضغط لاحقا على الاحزاب.