مصيره مرتبط بمصير البقية، ان نجح عبروا وان سقط فهم ملاحقوه ، مما يجعل الفخفاخ على وجه الخصوص امام تحديات عدة ، اولها تلك المتعلقة بالمشاورات.
كل العيون والأذان تركزت يوم الاثنين الفارط على قصر قرطاج لا فقط في انتظار ان يعلن الرئيس عن اسم الشخصية الاقدر بل للاستماع لأولى الكلمات والحركات الصادرة عن هذه الشخصية وهي الياس الفخفاخ اللاعب الاهم في المشهد السياسي التونسي الراهن.
الفخفاخ الذي اعد نفسه للتكليف القى كلمة اعلن فيها عما يمكن اعتباره منهجية اولية لقيادة المشاورات واهدافها، فالرجل تحدث عن بحثه عن حزام سياسي واسع وعن احترام نتائج الانتخابات التشريعية وعن الالتزام بالمزاج العام الذي كشفته الانتخابات وعن سعيه لتوطيد العلاقة مع الرئيس وعن اولوياته التي اختزلها في الملف الاقتصادي والاجتماعي وعن حكومة مضيقة.
كلمات الفخفاخ التي القاها الرجل دقائق اثر التكليف لم تحمل الكثير من الوضوح في المشهد رغم حرص الاخير، فهو ودون قصد كشف انه امام جملة من التحديات لتحقيق ما يبشر به، واول ما بشر به الفخفاخ انه سيحترم نتائج الانتخابات ولكنه عاد ليعلن انه سيساير المزاج العام للتونسيين المعبر عنه في الانتخابات والذي يختزل بـ«مزاج الثورة».
هذا التعارض في تحديد الاطراف المعنية بالمشاورات بشكل جدي ، يتفاقم فخطوات الرجل امس ولقاءاته تكشف ان الرجل حدد مسبقا لنفسه مجال التحرك وخاصة الاحزاب والكتل التي سيراهن على دعمها لحكومته، وهنا نجد انه بحث عن احياء حكومة «التيار الثوري»، فالاستنجاد بجوهر بن مبارك احد مهندسي التقارب السابق بين النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس، لا يبدو انه يهدف لغير ذلك.
هذا الهدف يجعل جليا ان الفخفاخ وان بشكل غير مباشر قد يتفادى قلب تونس وكتلته في البرلمان اي انه قد يخوض مشاورات معها لكن دون اشراك فعلي في المشهد ، ويبدو ان هذا سيكون خياره لتجنب المفاجأة ، كالتي وقعت مع الجملي.
هنا يتضح ان الفخفاخ مدرك لأول تحديين امامه ، الاول القدرة على ان يجمع ما تشتت والثانية ان لا يعادي اي طرف او كتلة بما يحول دون المصالحة لاحقا ، اي ان الفخفاخ عليه العمل من النقطة التي توقف عندها الجملي وهي التوليف بين الاحزاب الاربعة ، التيار النهضة الشعب وتحيا تونس، وكل من الكتلة الديمقراطية وكتلة المستقبل ، بهدف توفير مناخ لمشاورات متقدمة معهم لضمان اغلبية حكم معززة.
فالرجل يدرك جيدا ان خياراته محدودة بشأن اغلبية الحكم فهو امام احتمالين اغلبية معززة اي توفير حزام يتجاوز 120 نائبا لكنه لا يبلغ عتبة الـ 140 ، او البحث عن اغلبية الثلثين وهذا يعنى ان يكون رجل التوافق بين قلب تونس والنهضة بالأساس ، وبشكل ثانوي بين باقي الكتل والأحزاب والكتل، وهو ما قد يعقد المشاورات عليه.
هذا التحدي الاساسي في خيار الاغلبية المعززة ولكن ليس هذا الاصعب بل هو الخيار الاول، فالرجل سيكون امام احزاب وكتل سبق وفرضت شروطا وتصورات على الجملي مما يعنى انها قد تضع هذه العقبات امام الفخفاخ الذي سيكون عليه ان يقنع الاحزاب بالتخلي عن شروطها، سواء تلك الخاصة بها او المشتركة.
والشروط الخاصة على غرار وزارات بعينها او بيان سياسي محدد الخ لن تكون العقبة الوحيدة والصلبة فما يدركه الفخفاخ ان النقطة الجامعة بين كل هذه الكتل والاحزاب هي شرط حكومة سياسي اي ان يعزز الفخفاخ حكومته بقادة من الصف الاول لهذه الاحزاب وهنا لا تبرز عقبة بل اثنتان، الاولى تحديد شكل الحكومة سياسية حزبية ام كفاءات مستقلة، والثانية من سيقود الحكومة الفخفاخ او قادة الصف الاول للاحزاب.
عقبة تجاوزها ليس مرتهنا بيد الفخفاخ على تحديات اخرى من ابرزها علاقة الرجل بحزبه «التكتل الديمقراطي» وعلاقته بكل من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال، وتحديد الفريق المصغر الذي سيرافقه في المشاورات. واخيرا وليس اخرا ترتيب من سيلتقي بهم، خاصة وان اول لقاءاته كانت مع «زملاء» له في حكومة الترويكا وهذا بدوره قد يربك المشهد.