بعد ورود قائمات الأحزاب والكتل واللقاء برؤساء المنظمات الوطنية : كيف سيختار الرئيس الشخصية الأقدر ؟

يبدو ان منهجية عمل رئاسة الجمهورية في ادارة المشاورات المتعلقة باختيار الشخصية الاقدر ستظل عصية على الفهم خلال الساعات القادمة ،

لتظل عشرات الاسئلة مفتوحة دون اجابات حاسمة وواضحة مما يجعل الساعات الـ48 القادمة حاسمة في تحديد الى اين نتجه.

لا يختلف الفاعلون في المشهد السياسي التونسي اليوم على انهم عاجزون عن استباق خطوات رئيس الجمهورية او بالأصح توقع حركته القادمة خاصة ان تعلق الامر بالمشاورات الراهنة لاختيار الشخصية الاقدر  في هذه المرحلة التي انطلقت بوصول قائمات الاسماء المقترحة كتابيا الى مكتب الضبط برئاسة الجمهورية.

فمع اشارة الرئاسة الى انها ستكتفي بالمشاورات الكتابية مع الاحزاب والكتل البرلمانية بشأن تحديد الشخصية الاقدر التي سيكلفها قيس سعيد بتشكيل الحكومة وقيادة مشاورات تمتد اجالها دستوريا بشهر، يضيق هامش التعديل والتشاور المباشر بين الاحزاب البرلمانية والرئيس.

مجال يبدو ان قيس سعيد كان حريصا منذ البداية على جعله محدودا بما يسمح به النص الدستوري، بل ان بلاغ الرئاسة الصادر يوم الخميس ذهب الى ما هو ابعد بشرح اسباب تحديد هذا المجال وهو ان المشاورات المباشرة مع الاحزاب غير مضمونة النتائج وقد تؤدي الى اهدار الوقت.

ما لمح اليه الرئيس من ان المشاورات المباشرة وتجميع الاحزاب البرلمانية على طاولة واحدة لمعرفة مقترحاتها وأسمائها مضيعة للوقت فتح الباب امام الاحتمالات عن كيفية ادارة ما تبقى من المشاورات سواء خلال الساعات الـ48 القادمة او ما بعد التكليف.

وتماشيا مع ما تشير اليه رئاسة الجمهورية بان الاهم يسبق المهم، او كما قيل في البلاغ المبتدأ سابق للخبر ، اي اختيار الشخصية اولا ولاحقا ادارة المشاورات معها لتشكيل الحكومة ، يبدو ان المعضلة الكبرى التي تواجه الاحزاب والكتل البرلمانية هي عدم وضوح الرؤية لها ان تعلق الامر كيف سيختار الرئيس وهل سيلتزم بالأسماء المقترحة عليه ام لا وأية معايير سيتخذها للاختيار والعشرات من التفاصيل المتعلقة بهذه النقطة.

رؤية لا يتضح منها اليوم الا النزر القليل الاول متعلق بالأسماء المقترحة من قبل الاحزاب والكتل البرلمانية (انظر مقال دنيا حفصة الصفحة)، والثاني باللقاءات التي عقدها الرئيس يوم امس بقيادات المنظمات الوطنية وهي بالأساس اللقاء بكل من نور الدين الطبوبي الامين العام للاتحاد وسمير ماجول رئيس منظمة الاعراف وعبد المجيد الزار رئيس اتحاد الفلاحة والصيد البحري وأخيرا راضية الجربي رئيسة اتحاد المرأة.

هذه اللقاءات تندرج بشكل صريح ضمن المشاورات ويتضح جليا من خلالها ان الرئيس غير غافل عن ابرز عناصر المعادلة السياسية، الاحزاب والكتل البرلمانية والمنظمات الوطنية، فان اكتفى بإدارة مشاورات كتابية مع الاولى فانه خير اللقاءات المباشرة مع المنظمات لمعرفة تصورها والاهم لتحديد كيف ستتعامل هذه المنظمات مع من سيقع تكليفه.

هنا يتوفر عنصر اساسي لمحاولة توقع الخطوات القادمة للرئيس ، التي يبدو وفق المحيطين به انها غير محددة ولكنها محكومة بثوابت اساسية اولها احترام الرئيس للنص الدستوري ولما يضبطه من اجراءات ، ثانيها حرص الرئيس على الخروج من الازمة بتشكيل حكومة في اقرب الاجال وثالثها المعايير التي وضعتها الرئاسة في الاختيار والتي تتعلق بالنزاهة والكفاءة والمواصفات المطلوبة في الشخص دون ان تغفل عن ان هذه الشخصية يجب ان تحظى بدعم الاحزاب في البرلمان للمرور.

محددات تجعل من المنطقي ان تنحصر خيارات الرئيس على ما اقترح عليه من أسماء وان خير الخروج من القائمة فيبدو جليا انه سيضطر لقيادة مشاورات مباشرة وان مستعجلة مع الاحزاب والكتل البرلمانية قبل الاعلان عن الاسم ان اراد له المرور في جلسة منح الثقة وتجنب ازمة سياسية، وان اخذنا بعين الاعتبار تمسك الرئاسة بعدم خوض شوط ثان من المشاورات مع الاحزاب فان الخيار امامها منطقيا ، سيكون محدودا في الاسماء الواردة عليها من الاحزاب.

هذا ما يفرضه منطق الاشياء، ولكن خلال السنوات الفارطة لم تلتزم الطبقة السياسية بالمنطق بل راهنت على مناورات دفعت البلاد الى حافة الهاوية، اي اننا امام امكانية ان يلجأ الرئيس الى خيار فرض الامر الواقع، باختيار شخصية لم تقترح عليه وتكليفها بتشكيل الحكومة وترك الاحزاب والكتل البرلمانية امام معضلة الاقل سوء في الخيارات، الالتحاق بركب الرئيس او الذهاب لانتخابات تشريعية مبكرة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115