اليوم تقدم الأحزاب والكتل البرلمانية مرشحيها لرئيس الجمهورية : رهانات الأحزاب والكتل

خلال الساعات القليلة القادمة سيتضح جزء من الرؤية العامة للمرحلة القادمة ، بمعرفة قائمة المترشحين المقترحة على رئيس

الجمهورية ليكلف من بينها او من خارجها من سيكلف بتشكيل الحكومة ، ولكن بالأساس ستتضح بشكل أولي ملامح الشخصية الاقدر التي قد يكلفها سعيد بتشكيل الحكومة والكيفية التي ستكون عليها المشاورات.

خلال الايام القليلة الماضية التي عقبت فشل حصول حكومة الحبيب الجملي على ثقة البرلمان، كشفت الكتل البرلمانية والاحزاب عن تصورها لكيفية ادارة هذه المرحلة من مشاورات تشكل الحكومة تحت مبادرة رئيس الجمهورية وفق الفقرة الثانية من الفصل 89 من الدستور.
لاحقا استجاب الرئيس لما ذهبت اليه جل الاحزاب والكتل ، بدعوة هؤلاء الى تقديم قائمات لمرشحين يختار من بينهم «الشخصية الأقدر» ليكلفها بإجراء مشاورات تشكيل الحكومة، مطالبا اياهم بان تكون مقترحاتهم معللة بالأسباب والمواصفات التي جعلتهم يتقدمون بهذه الترشيحات.

هذا الطلب المنتظر ان يقع الاستجابة اليه اليوم ، على اعتبار ان المهلة التي منحها الرئيس تنتهي خلال الساعات القليلة القادمة، سيكشف بالأساس عما بلغته الاحزاب والكتل من قدرة على صياغة تحالفات وتوافقات لضمان قدرة التأثير على خيار الرئيس وتحسين حظوظ مسكها بالمشاورات مع الشخصية الاقدر.
فخلال اليومين الفارطين اعربت جل الكتل البرلمانية والأحزاب عما تعتزمه او ما ترغب في ان تحققه بعد مرحلة الجملي، وجلها تتقاطع عند نقطة محددة وهي البحث عن تنسيق بين اكبر عدد ممكن من الكتل لضمان توافق على اسماء تقترح على الرئيس، وهي الخطوة الاولى في مسار يتضمن مراحل عدة تنتهي بجلسة منح الثقة.

ولأنّ جلسة منح الثقة التي عقدت الجمعة الفارط لاتزال تهيمن على الاذهان فالجميع انطلق من نقطة البحث عن ضمان مرور الحكومة القادمة ولتحقيق ذلك وجب البحث عن توافقات بين الاحزاب والكتل ليس فقط بشان التصويت بل بشان المرشحين المحتملين ، وهذا عكس بحثا من قبل النهضة وجزء واسع ممن عارض حكومة الجملي على ايجاد توافقات وصيغ لتوفير اغلبية واسعة.

اغلبية تحدثت عنها النهضة في بلاغ احياء ذكرى 14 جانفي وتحدث عنها رئيس قلب تونس نبيل القروي بعد لقائه امس براشد الغنوشي رئيس النهضة ، بل انه عبر عن أمله بان تتوصل الكتل والأحزاب الى اتفاق حول مرشحين يكون من المضمون تحصلهم على اكثر من 140 صوتا في جلسة منح الثقة.
ما اعلنه نبيل القروي امس ومن قبله النهضة وكتل اخرى كشف بان الاحزاب ترغب بشدة في ان تصل الى صياغة توافق يسمح بتوفير اغلبية واسعة ، ولتحقيق هذا تعمل على تجاوز خلافاتها وخطوطها الحمراء القديمة وفتح قنوات الاتصال فيما بينها للوصول لمرشحيين توافقيين يقع اقتراحهم على الرئيس في خطوة اولى.

لكن هذه الخطوة التي سيتضح اليوم نجاحها او فشلها ، مبدئيا، لا تعني ان الاحزاب والكتل البرلمانية حققت مرادها، فالأمر لم يكن ولن يكون بيدها، انما هو بيد رئيس الجمهورية الذي يبدو انه يتجه الى ان تكون الشخصية الاقدر شخصية مستقلة ، سواء وقع اختيارها من بين الاسماء المقترحة او من خارجها.
هذه «الشخصية الاقدر» التي تضع لها الاحزاب مواصفات اولية تتقاطع كلها في صفتين، الاولى ان تكون سياسية ومن خارج الاحزاب لتكون جامعة والثانية ان تكون قادرة على ادارة المرحلة التي من ابرز اولوياتها الملف المالي والاقتصادي وثالثا لها اشعاعها الوطني والدولي.

مواصفات ان وقع تطبيقها فستقدم لنا رئيس حكومة مفترضا ذا قدرة على فرض خياره وتصوره على الاحزاب لا شخصية طيعة بيد الاحزاب والكتل ، أي انه لن يكون مرتهنا لرغبة الاحزاب وتصوراتها، ومن بينها شكل الاغلبية التي سيعمل على توفيرها.

فان كانت الاحزاب تبحث جاهدة عن توفير اغلبية واسعة تتخطى عتبة الـ140 صوتا كما اشار القروي فان الشخصية الاقدر هي التي ستحسم في هذا الامر، فوفق طبيعة هذه الشخصية وصفاتها وتجربتها سيعلم هل هي قادرة على الجمع بين مختلف العائلات السياسية ام انها ستكون محاصرة في عائلات بعينها.

ففي نهاية الامر أيّا كان الاسم الذي سيرشحه رئيس الجمهورية سيكون احد الاثنين، شخصية قادرة على تجميع طيف واسع من الاحزاب والكتل وهذا يعنى شخصية لا عداوة لها مع أي طرف سواء النهضة او أي طرف من العائلة الوسطية الديمقراطية او العائلة الاجتماعية أي قادرة على العمل معهم دون استثناء. مثل هذه الشخصيات ستكون قادرة مبدئيا على توفير اغلبية واسعة ان كان هذا خيارها.

اما الحتمية الاخرى فهي شخصية لها قدر من الاشعاع لكنها غير قادرة على تجميع كل الطيف السياسي والبرلماني، ومثل هذه الشخصيات سيكون من الصعب عليها توفير اغلبية واسعة بل إنّ تحقيقها لأغلبية سيعتبر نجاحا، في ظل التناقضات التي ستشهدها المفاوضات ومحدودية العائلات السياسية البرلمانية التي يستطيع العمل معها وإقناعها.
احد هذين سيكون هو الشخصية الاقدر أيّا كان الاسم الثلاثي الذي سيقترح ، لكنه في الحالة الاولى التي تفترض اختيار شخصية لها القدرة على التجميع سيفترض خصالا اخرى ويضع تحديات اشمل، اذ سيفترض من هذه الشخصية الاقدر ان تكون ملمة بكافة اللعبة السياسية في تونس ولها القدرة على ادارة تناقضاتها وتطويع الاحزاب والكتل لتمنحه مجال تحرك اوسع لضبط تصوره لحكومته وأولوياتها وهيكلتها ولكن بالأساس طبيعتها ، سياسية حزبية ام تقنية مستقلة.

معرفة هوية هذه الشخصية لن تتم قبل الاسبوع القادم لكن غدا سنعلم التصورات التي قادت الاحزاب والكتل والي أي مدى قد تذهب في خياراتها ومقترحاتها ، فالأسماء التي ستقترح ستكشف بشكل غير مباشر عن تصور الاحزاب للمرحلة الثانية من هذا المسار وهي مرحلة المشاورات مع الشخصية الاقدر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115