مشاورات تشكيل حكومة الرئيس : الأحزاب والبحث عن محاصرة قيس سعيد

منذ أن كان رئيس الحكومة المكلف الأسبق الحبيب الجملي يمضي أيامه الاخيرة بحثا عن دعم برلماني وحزبي لحكومته،

انشغلت الاحزاب السياسية وخاصة تلك التي عملت على اسقاط حكومة الجملي، بصياغة تصورها للمرحلة التي تنتقل فيها المبادرة لرئيس الجمهورية والبحث عن تنزيل رغباتها على ارض الواقع.

في حدود الساعة الـ11 من ليل يوم الجمعة انتقلت تونس الى مرحلة حكومة الرئيس بالإعلان رسميا عن عدم نيل حكومة الجملي ثقة البرلمان، دقائق بعدها اعلنت ابرز الاحزاب والتكتلات البرلمانية عن تصورها لمرحلة ادارة الرئيس لمشاورات اختيار الشخصية الاقدر ليقع تكليفها برئاسة الحكومة.

ابرز هذه الكيانات التي تراهن على التأثير في اي خيار ينتهجه الرئيس هي حركة النهضة وخصومها الاشداء خاصة الجبهة البرلمانية التي تضم قلب تونس وتحيا تونس وكتلة الاصلاح الوطني وكتلة المستقبل اضافة الى الكتلة الديمقراطية، وهؤلاء الخصوم لا توحدهم رؤية لمرحلة ما بعد الجملي.

تعدد التصورات لا يعنى انها لا تلتقي في نقطة بعينها، وهذه النهضة توحد بالاساس بين حركة النضهة والجبهة البرلمانية، فكلاهما لا يرغب في ترك الخيار مطلق بيد الرئيس، اي انهما لا يريدان المراهنة على ترك عملية اختيار الشخصية الاقدر لاهواء الرئيس وتصوراته لذلك فلهما تصور يتقاطع في ضرورة ان توفر الاحزاب للرئيس اسماء يختار من بينها.

هذا التصور يعبر عنه مصطفى بن احمد رئيس كتلة تحيا تونس الذي شدد على ان الدستور التونسي حدد كيفية ادارة مشاورات اختيار الشخصية الاقدر، وذلك في الفصل 89 الذي تنص فقرته الثانية على ان الرئيس يكلف الشخصية الاقدر بالتشاور مع الاحزاب والكتل البرلمانية.

هذا الحسم بنص الدستور يعتبره بن احمد جيدا جدا ويوفر فرصة عملية لتحقيقه بيسر للاحزاب والكتل البرلمانية التي يرى ضرورة ان تتوجه الى الرئيس بمقترحات موحدة فهذا يختصر المسافة والمدة، اي ان تقدم الاحزاب بعد التشاور بينها اسماء للرئيس ليختار من بينها.

لكن قبل الوصول للرئيس على الاحزاب ان تستثمر الوضع الجديد الذي يصفه بن احمد بالجيد لان هذا الوضع يتسم بكسر احتكار طرف معين وهيمنته وفرض وجهة نظره على المشاورات واختيار المرشح لرئاسة الحكومة، والقصد كسر هيمنة النهضة. كما ان تعدد الفاعلين في المشهد يساعد وفق بن احمد على توفير مجال اكثر للاحزاب لتبدي مواقفها ويسمح بخلق مشترك بين اكثر الاطراف .

غير ان تصور تحيا تونس لا يقف عند هذه النقطة، اذ ان الحزب الذي كان له دور بارز في اسقاط حكومة الجملي يعتبر ان الحكومة القادمة يجب ان تتكون من سياسي الصف الاول، لضمان توفير حزام سياسي للحكومة يساعدها على العمل، وهذا مقترنا بهوية المرشح لرئاسة الحكومة الذي تحدد حركة تحيا تونس مواصفاته بكونه «شخصية جامعة تحظى بتوافق».

هذه الشخصية يشترط ان تكون سياسية غير حزبية لضمان قدرتها على جمع اغلب الكتل والاحزاب في حزامها الداعم وتوفير امكانية خلق مشترك بين مكونات هذا الحزام، مواصفات حددت لكن لا مرشحين بعينهم وقع ضبط قائمتهم ، فتحيا تونس لها تصور يتضمن ايضا التنسيق مع باقي الاحزاب في عائلتها السياسية في مرحلة اولى ولاحقا مع كتل واحزاب اخرى.

ومن بين الكيانات التي ستسعى تحيا تونس للتنسيق معها كتلة الاصلاح الوطني التي يشير رئيسها حسونة الناصفي الى ان كتلته لها تصور واضح لهذه المرحلة وهو ينقسم لجزئين، الاول ادارة عملية اختيار الشخصية الاقدر وهذا من وجهة نظره يحتاج مشاورات بديلة بين الاحزاب والكتل تركز على ضبط مواصفات المرشح لرئاسة الحكومة القادمة.

مرشح او قائمة مرشحين يرى الناصفي بضرورة ان تتفق الاحزاب على مواصفاتهم اولا ولاحقا على من يستجيب لمواصفات قبل التوجه للرئيس ، ومن بين المواصفات التي يرى رئيس كتلة الاصلاح الوطني ضرورة توفرها في الشخصية الاقدر ان يكون له كفاءة في المجال الاقتصادي والمالي وان تكون له علاقات دولية وتجربة سياسية .

اما الجزء الثاني من تصوره فهو متعلق بتشكيل الحكومة وهو جزء العامل المؤثر فيه والحاسم بشكل كبير هي هوية الشخصية الاقدر التي سيقع تكليفها بتشكيل الحكومة، اما ان تكون حكومة سياسية او حكومة تقنية وفي الخيارين للكتلة تصور اولى سيضبط بعد مرحلة اختيار الشخصية.

هذه التصور القائل بان الاحزاب تتوجه الى الرئيس بعد الوصول لتوافقات تسمح بضبط قائمة مرشحين تقدم للرئيس، ليس حكرا على الثنائي فقلب تونس ايضا له تصور مماثل والنهضة والكتلة الديمقراطية، فقط الاختلاف يتعلق بمن هي الاحزاب التي يجب ان تنسق بينها والى اي مدى يقع التنسيق وتفاصيل.

تفاصيل ستكون هي المحدد ففي السياسية الشيطان يكمن في التفاصيل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115