وضع جعل من الحزب المنبوذ قبلة لعدد من الاحزاب واللاعبين يتهافتون لعقد لقاءات معه وإقناع قادته بما لديهم.
خلال الساعات الـ48 الفارطة تصدر حزب قلب تونس الاحداث السياسية ، فالحزب وقياداته باتوا محل اهتمام جل الفاعلين في المشهد السياسي او الطامحين للعب ادوار متقدمة ، تستوجب ان يكون الحزب وكتلته البرلمانية ذات 38 نائبا في صفه، بعد ان كان الحزب موسوما ومنبوذا من قبل الجميع تقريبا.
انقلاب المشهد كف خلال اليومين الفارطين، اثر تصريح رئيس قلب تونس نبيل القروي بان حزبه قد لا يمنح حكومة الجملي ثقته والسبب هو ان هذه الحكومة ضمت كفاءات نهضاوية على عكس ما اعلن من انها حكومة كفاءات مستقلة.
تصريح لم تمر عليه ساعات حتى عقد لقاء جمع القروي بالحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف الذي بحث عن شراء ود الحزب ورئيسه لضمان اصوات 38 نائبا في المجلس يوم الجمعة القادم، موعد عقد جلسة منح الثقة لحكومة الجملي.
لقاء انعقد وانفض وقد اتفق كل من الجملي والقروي على عقد لقاء ثان يستكملان فيه ما تم الخوض فيه في لقائهم الاثنين الفارط ليحسم قلب تونس موقفه من حكومة الجملي التي لديه تحفظات بشانها، وهو لقاء كان من المفترض ان يعقد امس لكن لحدود كتابة المقال تؤكد مصادر من قلب تونس انه لم يقع تحديده بعد.
لكن رئيس حزب قلب تونس لم يظل دون مشاغل، فالرجل وبانتهائه من لقائه بالجملي عقد لقاء ثانيا- وهو الحدث – مع رئيس حكومة تصريف الاعمال ورئيس حركة تحيا تونس يوسف الشاهد، لقاء اعلن اثره ان زمن الحرب بين الرجلين قد ولى وانهما فضا خلافاتهما.
هذا اللقاء اكده اسامة الخليفي نائب بالبرلمان عن قلب تونس وعضو مكتبه السياسي، بل اكد في تصريح لـ«المغرب» ان اللقاء يعكس الوعي بـالمسؤولية والنضج، كما انه خطوة في مسار اعادة لم الشمل وتوحيد العائلة الوطنية.
مسار يقول الخليفي ان رئيس حزبه نبيل القروي يسعى الى انجازه وجمع مكونات العائلة الوطنية من منطلق ضرورة تجاوز هذه المكونات لخلافاتها والتحلي بالمسؤولية لمجابهة المرحلة التي تمر بها البلاد، ولتحقيق ذلك سيواصل القروي عقد لقاءات لتجاوز الخلافات مع باقي المكونات والبحث عن حلول.
تصريح كشف عن تطور المعادلة وتغييرها المستمر، وهو ما لا ينكره الخليفي الذي شدد على ان حزبه يعيش على وقع تطورات متغيرة بسرعة وانه لم يضع اي موقف نهائي اضافة الى انه يعتبر كل الفرضيات واردة، فرضيات تتضمن حكومة برئيس جديد غير الجملي كما تتضمن مرور حكومة الجملي ذاتها، رغم اشارة الخليفي الى ان حزبه غير راض عنها وينتظر تجاوب الجملي مع مقترحاته قبل جلسة منح الثقة.
كما يشير القيادي بقلب تونس الى ان حزبه لا يرى ان حكومة الجملي بصيغتها الحالية هي ما تحتاجه البلاد، وان على الجملي ان يتخلى عن تصلبه في رفض التعديلات، اذ ان هذا الرفض يضعف حظوظ مرور الحكومة من جلسة منح الثقة. جلسة سيحدد قلب تونس كيف سيصوت فيها يوم غد الخميس.
كل الفرضيات مطروحة والاحداث متغيرة بنسق سريع، هكذا يختزل القيادي بقلب تونس الاحداث التي عاش على وقعها حزبه خلال اليومين الفارطين، لكن ما يعلمه القيادي ان حزبه بات محل اهتمام جزء هام من الفاعلين في المشهد، الذين اعلنوا العداء له منذ الحملة الانتخابية، حيث عبر عن التطور بقوله «ولّى فينا العسل».
هذا الانقلاب في التعامل مع قلب تونس يكشف عن عمق ازمة كل طرف، بالنسبة للنهضة والجملي الامر واضح، دون اصوات قلب تونس المرور من جلسة منح الثقة مستحيل، ولكن بالنسبة لتحيا تونس فان الامر اكثر تعقيدا مما يظهر في الصورة من بعيد.
فالحزبان اللدودان لم يلتقيا الا بحكم، والضرورة هنا عبر عنها الخليفي بانها «الخطر على المصلحة العامة» لكن ما لم يقله الرجل ان الضرورة تتعلق بالاساس بمصير الحزبين اللذين يدركان ان مصيرهما بات مرتهنا بإنهاء حروبهما المفتوحة على اكثر من جبهة، والبحث عن التقارب ضد أعداء مشتركين، هؤلاء الاعداء ليسوا فقط حركة النهضة بل الحزب الدستوري الحر الذي يمثل البديل لهما في اوساط ناخبيهم.
خطر يدرك الرجلان، نبيل القروي ويوسف الشاهد، انه يجبرهما على المصافحة ووضع اليد في اليد والبحث عن نقاط التقاء لضمان البقاء في المشهد، وهذا ما يعنى ان الحركتين قد تتجهان الى التقارب والتنسيق بينهما كخطوة اولى لما قد تحمله الايام من مفاجآت.