كشفت تفاصيل جمة تواصلت الى أن سلم الحبيب الجملي سلم امس قائمة حكومته للرئيس وليس كما اعلن عن ذلك أول امس.
عشية الـ31 ديسمبر الفارط اعلن رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي عن ان حكومته جاهزة وسيتجه بقائمتها الى قصر قرطاج ليقدمها لرئيس الجمهورية قيس سعيد وفق ما ينص عليه الدستور، اعلان حمل معه ما اعتبره الجملي حينها نهاية لفترة التأجيلات التي لاحقت الاعلان عن حكومته.
لكن وبعد ساعات أطل الجملي في كلمة للتونسيين ليعلن انه تعذر عليه تقديم حكومته للرئيس، والسبب ان الاخير في نشاطات خارج قصر قرطاج، هنا القى المكلف بتشكيل الحكومة مسؤولية التاجيل على الرئيس، ليتجنب حمل وزرها بنفسه.
فالجملي وخلال الايام الفارطة حمل اوزار التأجيل والتأخير، وفي كل مرة كان يقدم السبب على انه خارج عن نطاق الرجل، فهو اما عدم اتفاق مع الرئيس على هوية الوزراء الذين ينص الدستور على ضرورة التشاور على هويتهم بين رئسي السلطة التنفيذية او تشديد من الرئيس على ضرورة التدقيق في هوية المرشحين لتقلد مناصب وزارية.
تدقيق يراد منه التاكد من استقلالية المقترحين وكفاءاتهم، وهي الشروط التي اعلنها الحبيب الجملي نفسه في كل مناسبة تحدث فيها عن ملامح حكومته ومنهجية عمله، وآخرها كان يوم الاربعاء الفارط 1 جانفي 2020، حيث تحدث الرجل بشكل مطول عن معايير اختياره لحكومته وعن نزاهة هؤلاء المختارين وكفاءتهم.
كلمات ملأ بها الجملي الوقت المخصص للندوة الصحفية التي كان يفترض ان يقدم فيها تركيبة حكومته، وفق ما اعلنته رئاسة الجمهورية في بلاغ سابق، لكن ما حصل ان الجملي وبعد لقاء تجاوز الوقت المخصص له وتأخير في انطلاق الندوة اطل ليعلن عن خطوط وملامح حكومته دون تقديم هوية اعضائها.
تقديم رفضه الجملي الذي القى باللائمة على مؤسسة الرئاسة واعتبر انها الزمته بما لم يرغب فيه، وهي ان الرئاسة هي التي اعلنت ان الرجل سيقدم الاسماء اما هو فلم يكن يعتزم ذلك منذ البداية.
هنا لم تنته الحكاية فالصراع بين رأسي السلطة التنفيذية تواصل عبر البلاغات والتصريحات الصحفية، فرئاسة الجمهورية تنشر بلاغا تعلن فيه انها لم تتلق القائمة الاسمية لأعضاء الحكومة في تكذيب مباشر لما اعلنه الجملي بأنه سلم للرئيس قائمته.
في خضم هذا الصراع بالتصريحات اختفت تفاصيل ساعات الاربعاء الفارط، والتي تتضمن اصل الصدام الفعلي بين المؤسستين، فالجملي ووفق مصادر من رئاسة الجمهورية تقدم بقائمة حكومته لرئيس الجمهورية الذي ناقش معه اعضاءها وانتهى اللقاء بينهما وقد طلب الرئيس من الجملي ان يعيد التدقيق في قائمته والتثبت من استقلالية بعض أعضائها التزاما بما اعلنه عنه.
طلب يبدو ان الجملي استمع اليه ودفعه الى عدم كشف حكومته من قصر قرطاج يوم الاربعاء الفارط، فحمل قائمة حكومته وغادر على ان يعود في موعد لاحق ليقدم القائمة النهائية الى الرئيس ، وهو ما تم يوم امس حينما حمل الجملي في اقل من 24 ساعة قائمته النهائية.
قائمة تسلمها الرئيس قيس سيعد وختم اثر تسلمها على رسالة موجهة لمجلس النواب لعقد جلسة عامة ، ولكن ما لم يعلن من قبل المؤسستين بشكل صريح هو ان القائمة التي سلمت امس هي ذاتها التي سلمها الجملي يوم الاربعاء الفارط.
قائمة اختار الجملي ان يعلن عنها يوم امس كاشفا عن هوية من سيتقلدون مناصب في حكومته إذا حظيت بثقة المجلس مشددا على استقلاليتيهم ولكن اللافت ان الاعلان جاء من قصر الضيافة بقرطاج مقر عقد المشاورات وليس من قصر الرئاسة كما جرت العادة.
هذه النقط يبدو انها ستكون حاضرة في تفاصيل العلاقة بين الرجلين، وستكون مؤشرا مبكرا على العلاقة المتوترة بينهما.