حصاد 2019 : سنة الموت والأزمات

يقول المثل التونسي ان «الجواب باين من عنوانه» ، وهذا قد ينطبق على سنة 2019 التي استهلت بأزمة واختتمت بأزمة ،

وفي أثناء الـ 12 شهرا كانت الازمات والموت والهزات التي قد تجعل من السنة التي نودعها الاصعب على تونس.

استقبل التونسيون سنتهم الادارية الجديدة 2019 على وقع ازمة احتدمت بين حكومة يوسف الشاهد والاتحاد العام التونسي للشغل، ازمة انتهت بإضراب وطني عام في 17 من جانفي لكنها -بالأساس- اعلنت عن بداية السنة الصعبة في تونس.

فالأزمة بين الاتحاد والحكومة والتي استمرت على امتداد السنة التي نودعها انتقلت لتصبح ازمة حكم، فالمنظمة التي وقفت سندا لحكومة الشاهد ضد رغبة الاحزاب في إسقاطها دفعت بما اوتيت من قوة على احياء حوار قرطاج 2 الذي شكل منعرجا في المشهد السياسي التونسي وأعاد تشكيل خارطة الحكم والحكومة.

ازمة تابعها التونسيون وتابعوا تقلباتها وانسحاب الاحزاب تباعا منها الجمهوري فأفاق تونس فمشروع تونس وحركة الشعب، احزاب اختارت ان تنسحب من المشاورات التي اشرف عليها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وبانسحابها اعلنت عن نهاية هيمنة الرئيس ونهاية قدرته على قيادة المشهد التونسي كما فعل في السنوات الاربع السابقة.

لكن بالاعلان عن نهاية عقد ينطلق اخر، وهذا ما تم بانطلاق مرحلة التوافق بين الشاهد والنهضة التي حمت حكومة الاول وحالت دون سقوطها وفق ما نصت عليه النقطة 64 من وثيقة قرطاج التي لم تر النور بعد ان اعلن الراحل الباجي قائد السبسي عن نهاية زمن التوافق بينه وبين حركة النهضة.
توافق لم يكن سبب انتهاء موقف النهضة الداعم لرئيس الحكومة يوسف الشاهد بل لمراكمات وبداية تصدع انطلق مع قانون المصالحة ولكنه تعزز بمبادرة المساواة في الميراث فكان الخلاف بشأن مستقبل حكومة الشاهد القشة التي قصمت ظهر البعير.

ولان المصائب لا تأتي فرادى فقد حملت سنة 2019 الكثير منها لتصل الى أزمة دستورية مع التحوير الحكومي الذي اعلنه الشاهد دون العودة لرئيس الجمهورية وما ترتب عن ذلك من تداعيات وصدام بين المؤسستين، رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.

تصدع انتهى بمصالحة محتشمة لم تدم كثيرا، فالرئيس تعرض لوعكة صحية في ما عرف بالخميس الاسود التي اعادت وضع البلاد على شفير الازمة وهو ما تجسد في رفض ختم -او الاعتراض- على تنقيح القانون الانتخابي من قبل الرئاسة التي لم يعلم احد موقفها الفعلي في ظل وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي في 25 من جويلية الفارط.

هكذا تطورت الازمة في تونس تدريجيا ولان للازمات روافد وهوامش، فان السنة شهدت الكثير من الازمات الثانوية على غرار ازمة نداء تونس الذي استهل السنة بالحديث عن مؤتمره وأنهاها بطرده من مقره بعد فشله في الانتخابات.

ازمة النداء لم تكن خاصة به بل شملت احزاب اخرى على غرار افاق تونس الذي عاش على وقع التصدع والانقسام بعد رفض وزرائه مغادرة الحكومة وانسياق نواب الحزب خلف الوزراء، ومثله كان مصير الاتحاد الوطني الحر الذي انحل وانصهر في نداء تونس وفك الانصهار لاحقا وفر رئيسه الى خارج تونس بعد ملاحقات قضائية.

ازمات لم تختلف عن ازمات احزاب خرى باتت مهددة في وجودها بعد نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية التي صاغت خارطة سياسية جديدة لتونس، خارطة شهدت ولادة حزبين تحيا تونس وقلب تونس، وتشكل صريح لقوى شعبوية نجحت في ان تحول الغضب من اداء الحكومة والطبقة السياسية الى خزان انتخابي انتهى بفوز قيس سعيد بالرئاسية وقلب تونس والدستوري الحر بمقاعد في التشريعية بواقع 38 مقعد للاول و17 للثاني.

لكن هذين الحزبين اللذين يمثلان جزءا من الشارع الغاضب من السياسيين والاحزاب لم يشكلا فقط الحدث او المفاجأة بل كذلك ائتلاف الكرامة الذي فاز ب21 مقعدا وحصد ناطقه الرسمي على قرابة 200 الف صوت في الدور الاول من الرئاسية.

سنة سياسية متقلبة سمتها الوحيدة الازمة الدائمة والمتفرغة ازمة امتدت على كامل السنة وعلى كافة المجالات وشملت جزءا هاما من المشهد الذي انتهى مختلفا عما انطلقت عليه السنة، والقصد ليس نهاية الازمة بل انتقالها لمستوى جديد. مستوى سنطلع عليه بشكل مكثف انطلاقا من الاعلان عن الحكومة القادمة التي تعثر مسارها.

هذا الجزء الخاص بالمصاعب السياسية التي عاشته تونس في 2019 لا يقارن بما عشته من فواجع وموت، انطلقت بموت 15 رضيعا نتيجة تعفن جرثومي في قسم الولدان بمستشفى وسيلة بورقيبة بالعاصمة، لاحقا انضم اليهم 12 امرأة ريفية لقين حتفهن في حادث سيارة عرف بحادثة السبالة بولاية سيدي بوزيد، ولم تنته السنة دون ان تسجل فاجعة جديدة هي فاجعة عمدون التي راح ضحيتها 26 شابا وشابة .

سنة الموت والازمات التي لا تنتهى تودعنا اليوم وقد ورثت عنها خليفتها 2020 ملفات وازمات كامنة تحت الرماد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115