رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب : أزمة الزيت تكشف الصراع بين الرجلين على قيادة البلاد

في اليومين الفارطين عاشت مؤسسة رئاسة الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب على وقع ازمة الزيتون التي يبدو انها فضحت صراعا

مكتوما بين المؤسستين يتعلق بمن سيقود البلاد ويكون قبلة اهلها في الأزمات قيس سعيد رئيس الجمهورية ام راشد الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب، في تجاهل تام للرأس الثالث في السلطة رئيس الحكومة.

انعقد مساء الخميس الفارط اجتماع بإشراف قيس سعيد رئيس الجمهورية وبحضور يوسف الشاهد رئيس حكومة تصريف الاعمال ومحافظ البنك المركزي والسادة رؤساء الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية و الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات وذلك للنظر في الاجراءات العاجلة التي يتعين اتخاذها للتعامل مع الصابة القياسية للزيتون لهذه السنة.

وقد أكَد رئيس الجمهورية على ضرورة بذل كل الجهود للمحافظة على هذه الصابة بتوفير أفضل الظروف لجمعها وتحويلها وترويج منتوجها داخليا وخارجيا بما يضمن حقوق كل الأطراف ويشجعهم على مزيد الانتاج والتصدير .

وشدد كذلك على ضرورة دعوة التونسيين إلى الاقبال على استهلاك زيت الزيتون التونسي ووضع الآليات التي تحفزهم على ذلك . وقد تقرر مواصلة التدقيق في المقترحات التي تم التداول بشأنها صلب لجنة برئاسة رئيس الحكومة للنظر في الجوانب العملية وعرضها على أنظار رئيس الجمهورية في بداية الأسبوع القادم.

في ذات اليوم عقدت لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة، لتستمع الى الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، حول الاشكاليات التي يشهدها قطاع زيت الزيتون. لتقرر اللجنة إحداث خلية أزمة برئاسة رئيس مجلس نواب الشعب وبعضوية مختلف المتدخلين في القطاع لمتابعة الاشكاليات التي يعانيها قطاع زيت الزيتون والبحث عن الحلول الكفيلة بالنهوض بالقطاع.

لجنة انعقدت أولى اجتماعاتها امس بمجلس النواب برئاسة راشد الغنوشي الذي صادف ان التقى بجل من حضروا في لقاء قرطاج، باستثناء محافظ البنك المركزي ورئيس الحكومة اللذين عوضهما برئيس ممثل عن لجنة المالية ووزير الفلاحة، اما باقي المشاركين فقد جلسوا على طاولة الرجلين، لكنهم غادروا لقاءهم بالشيخ وقد توصلوا الى قرارات منها رصد اعتمادات مالية وصياغة مشروع قانون (انظر مقال مجدي الورفلي الصفحة 6)، قرارات استبقت تلك التي كان من المفترض ان يحملها يوسف الشاهد الى رئيس الجمهورية في الاسبوع القادم.

هذا ما عاشت على وقعه البلاد خلال اليومين الفارطين، ازمة تسببت فيها وفرة انتاج زيت الزيتون هذه السنة، فوجدت رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب نفسيهما مندفعتين لمعالجة الازمة وفي سباق بينهما عن من ينتهى الاول ويصل الى حلول.

تلك هي حقيقة الوضع، صراع مكتوم بين المؤسستين عن من يمثل «الرجل القوي» في الدولة والسلطة ومن له اليد العليا ليبادر ويقترح ويناقش كل القضايا حتى وان كانت لا تتعلق بمجال صلاحياته.مجال يرغب كل من راشد الغنوشي وقيس سعيد في تمديده ليشمل كل شيء، الاول تحت قبة البرلمان والثاني من قصر قرطاج.

صراع يقر من خلاله الرجلان على انهما يتعاملان مع رئيس الحكومة القادم على انه «رجل تنفييذ» غير قادر على تقلد الامور بيده، وهو ما يوفر لهما مجالا لملئه واقناع التونسيين بان احدهما هو «ضالتهم» والقادر على معالجة الازمات مهما كانت.

هذه الخطوة (معالجة ملف الزيت)ضرورية لكلا الرجلين الباحثين عن اضفاء شرعية على محاولة افتكاك صلاحيات رئيس الحكومة، فمعالجة هذا الملف وقبول الفاعلين فيه لما يقدمه اي من الرجلين، سيكون اول عناصر التسويق التي ترسم صورة «الحكم» و»رئيس التونسيين» لأحدهما.

فقيس سعيد الذي تدخل في ازمة الزيت وجمع كل الفاعلين تحت رايته، وجد منافسة من رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي الذي يتحرك منذ تقلده لمنصبه وفق استراتيجية واضحة وهي توسيع قاعدة تدخل المجلس في السياسة العامة للبلاد ورسم دور كبير لرئيسه في المشهد على خلاف سابقيه.

طموح الرجلين في لعب دور ادوار متقدمة في المشهد التونسي دفعهما الى البحث عن اية مناسبة لتوسيع قاعدة صلاحيتيهما بما يتناسب مع طموحهما، واول الفرص التي سنحت من وجهة نظرهما للعب دور يتجاوز الاستقبال واللقاءات هي ازمة الزيتون التي يريد كل من الرجلين ان تكون من انجازاته لتبرر لاحقا تفاقم دوره وجعل المبادرة بيده وحده.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115