بعد انسحاب التيار وتحيا تونس وحركة الشعب: الحبيب الجملي: «سأشكل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن كل الأحزاب»

• رئيس الجمهورية لرباعي الأحزاب: « يجب أن نجتمع على كلمة «السواء» وليس من حق أحد أن يخيب آمال التونسيين»

بعد تعثر المشاورات لتشكيل الحكومة والتي دخلت أسبوعها السادس وإعلان كل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس عدم المشاركة فيها وبالتزامن مع اجتماع رئيس الجمهورية قيس سعيد بكل من راشد الغنوشي ومحمد عبو وزهير المغزاوي ويوسف الشاهد، أعلن رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي خلال ندوة صحفية أنه سيشكل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن كلّ الأحزاب وفق مقياس الكفاءة والنزاهة والقدرة على التسيير وأنه لن يتردد في إعفاء أي وزير ثبت أن له شبهة فساد.

بعد ساعة من لقائه رئيس الجمهورية على انفراد، لقاء لم يدم إلا بعض الدقائق، خرج الحبيب الجملي في ندوة صحفية ليكشف عن مسار تشكيل الحكومة وجولة اللقاءات التي قام بها مع مختلف الفاعلين في البلاد من سياسيين ومفكرين وخبراء وإعلاميين ورجال ثقافة وفنانين والصعوبات التي اعترضته وخاصة التنازلات التي قدمها للأحزاب التي تشاور معها في محاولة للتسريع بتشكيل الحكومة، واصفا بالمشاورات الصعبة جدا باعتبار أن الاختلافات لم تكن بين الأحزاب فقط بل أيضا بين الأشخاص والقيادات داخل الحزب.

حكومة كفاءات مستقلة نساء ورجالا
حكومة كفاءات وطنية مستقلة هو آخر فرصة بالنسبة للحبيب الجملي الذي أكد أنه يرفض تحميل مسؤولية التعطيل لأي حزب ولكن بالرغم من ذلك فإن يديه ستبقى ممدودة إلى كل الأحزاب دون استثناء وسيمضي في اختياره بناء على المعطيات الجديدة عبر تعديل التشكيلة الحكومية، حيث كان حسب آخر اتفاق قبل انسحاب الأحزاب الثلاثة التيار والشعب وتحيا تونس، نصف الوزراء مستقلين والنصف الآخر متحزبين لتصبح الحكومة جميعها حكومة كفاءات مستقلة نساء ورجالا، وسيكونون مسؤولين أمام رئيس الحكومة، ليشدد على أنه سيتحمل مسؤولية خياراته أمام البرلمان وسيعول على ضمائر نواب الشعب للمصادقة على الحكومة من أجل مصلحة البلاد، فالأفضل للبلاد أن يكون لها وزراء ليس لهم أي حسابات سياسية.

حكومة الرئيس بعيدة عن فكر سعيد
وأضاف الجملي أن لقاءه برئيس الجمهورية ليس له أي علاقة بقرار تشكيل حكومة كفاءات وطنية ولا بالاجتماع الذي عقد مع الأحزاب الأربعة ولا حتى بالدعوة لتشكيل حكومة الرئيس التي راهن عليها البعض، وحكومة الرئيس ليست في تفكير رئيس الجمهورية بتاتا باعتباره أستاذ قانون دستوري وعلى علم بكل الجوانب بل إن اللقاء كان قد طلبه منذ صباح أمس من أجل التشاور معه حول الأسماء المقترحة لحقيبتي الخارجية والدفاع الوطني، مبينا أيضا أن حركة النهضة لا علم لها بقرار التوجه نحو تشكيل حكومة كفاءات وطنية.

الكرة في البرلمان
رئيس الحكومة المكلف يدرك جيدا أن ضمانات المصادقة على حكومته غير موجودة ليرمي بالكرة إلى نواب مجلس نواب الشعب وضمائرهم، ليضيف أنه سيعدل من التشكيلة الحكومية لتتكون من خبرات وطنية، وذلك بعد رفض الأحزاب المشاركة في الحكومة، فتشكيلة الحكومة ستكون بعيدة كل البعد عن كل الأحزاب وسيختار الوزراء دون العودة إلى أي حزب والاختيار سيكون حسب معايير النزاهة والقدرة على التسيير والكفاءة، مقرا بصعوبة المشاورات التي امتدت الى شهر وأسبوع دون بلوغ أي نتائج ايجابية بالرغم من تقدمها على مستوى التوافق الحاصل في البرنامج، صعوبات كانت واضحة منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية والتي انعكست على البرلمان، وشدد على أنه ليس لديه أي نية لخدمة أي حزب حتى ولو كان ذلك الحزب الذي كلفه وراشد الغنوشي رئيس النهضة قد اقتنع بذلك، قائلا «البلاد لن تنتظر أكثر من ذلك وسأقوم بتشكيل حكومة كفاءات مستقلّة من منطلق نظرتي الى الحكومة التي يشكّلها رئيس حكومة مستقلّ عن الأحزاب للابتعاد عن المحاصصة والتجاذبات وتتكوّن من كفاءات وطنية مقتدرة».

شروط وتنازلات
حاول الجملي خلال الندوة الصفية تبرير اتخاذ قرار تشكيل حكومة كفاءات وطنية بعد فشله في إقناع الأحزاب الثلاثة، قائلا « اعتقدت أنني نجحت لكن هناك أحزاب قدمت شروطا صعبة وكان هناك تشبث كبير من بعض الأحزاب بمواقفها، ولوضع حد لهذا الجدل، قدمت تنازلات كبيرة من أجل لم الشمل واقترحت صيغا مرنة لكن تشبث الطرف الطالب بشروط قصوى.. وقد طلبوا 16 نقطة جديدة في الميثاق السياسي رغم أن الصيغة لم تكن ملائمة ووافقت على ذلك -وكل شيء مدون ومكتوب- على أمل تشكيل الحكومة في أقرب وقت وقد تمّ الاتفاق يوم السبت على عدة نقاط بما فيها توزيع الحقائب الوزارية وقد تنازلت في هذه المسألة عن موقفي بأن يكون حضور الأحزاب فيها رمزيا والابتعاد عن المحاصصة الحزبية وقبلت بتعيين 15 وزيرا من شخصيات منتمية للأحزاب، وتم الاتفاق على إعادة الاجتماع يوم الاثنين بعد عودتهم إلى هياكلهم والإعلان عن الحكومة مساء الاثنين أو يوم الثلاثاء لكنني فوجئت بقرارات الأحزاب الثلاثة، التيار الديمقراطي وحركة الشعب وحركة تحيا تونس، بالانسحاب من المشاورات».

عامل النزاهة في الاختيار
استغنى الجملي عن كل الأحزاب ليمضي في اختيار تشكيلة الحكومة حسب المعايير المذكورة آنفا ليستدرك في ذات الوقت بالنسبة لعامل النزاهة « أن المقصود بالإنسان النزيه أي شخص لم يصدر في حقه حكم قضائي يدينه وأن من عليه شبهة يبقى بريئا حتى تثبت إدانته... كما سأتحرى بكل الطرق المشروعة وإذا ثبت أن أي مسؤول في الحكومة ينتمي إلى حزب ما فسيقع إعفاؤه ولن أستشير في ذلك أي أحد.»

كلمة «السواء» هي اتفاق
بالعودة إلى اجتماع رئيس الجمهورية بالأحزاب الأربعة، قال قيس سعيد في فيديو نشرته رئاسة الجمهورية « مرت المرحلة الأولى من تشكيل الحكومة وجاءت المرحلة الثانية وتم الإعلان عن اتفاق وتنفس الكثيرون الصعداء ولكن ما إن مرت ساعات قليلة حتى جاء ما يخالف ما تم الإعلان عنه، اليوم نحن أمام وضع تاريخي جديد بكل المقاييس، انتظارات الشعب كبيرة ونحن لا يمكن إلا أن نكون في مستوى هذه الانتظارات خاصة المطالب الاقتصادية والاجتماعية لعموم التونسيين، فنتائج الانتخابات أفرزت هذه التوازنات ولكن أهم نتيجة ليست المقاعد بل الثقة وقد تتفاوت من حزب إلى آخر..ويجب أن نجتمع على كلمة «السواء» والاختيارات على بعض الوزارات فيها نقاش ولكن الكلمة «السواء» هي الاتفاق على البرنامج الاقتصادي والاجتماعي..ومن تمّ كل من تم انتخابه مدعو لأن يشارك في الحكم وأن يساهم بأي طريقة كانت في هذه المرحلة وليس من حق أحد أن يخيب آمال التونسيين..طال الانتظار وسئم التونسيون والدولة في حاجة إلى استقرار في السلطة التنفيذية..».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115