لخوض شوط جديد من مسار تشكيل حكومة الحبيب الجملي الذي يبدو انه لم يعد صاحب اليد العليا في المشاورات وفي تحديد ما الممكن وما المرفوض.
اعلن قادة التيار الديمقراطي يوم امس عن عودتهم الرسمية الى مشاورات تشكيل الحكومة من بوابة مناقشة عرض جديد تقدمت به اليهم حركة النهضة يتضمن منحهم وزارتي العدل والاصلاح الادراي مع تنقيح للصلاحيات والحاق اجهزة بكل منهما، وهو ما اعلن التيار انه سيعرضه على هياكله لاخذ القرار الرسمي والنهائي.
عرض قال عنه نور الدين العرباوي انه ليس بالجديد بل هو قديم وقد عرض على التيار في اطار استئناف المفاوضات تحت راية «مبادرة جوهر بن مبارك» التي جمعت الاحزاب الخمسة التي تصنفها حركة النهضة على انها تنتمي للخط الثوري وهي النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وحركة تحيا تونس وائتلاف الكرامة .
خماسي قال عنه الربعاوي انه عقد لقاءات في ثلاث مناسبات خلال الايام العشرة الفارطة وان العرض الذي قدم للتيار كان منذ ايامه الاولى وان الاخير تحجج بالعودة الى هياكله ليعلن عن موقفه وهو ما تخشى الحركة ان يكون رديفا لإهدار الوقت.
خوف عبر عنه رئيس المكتب السياسي للنهضة وهو يحمل مسؤولية التأخير والتعثر وإهدار الوقت للتيار الذي المح الى انه قد يغادر المشاورات في ربع الساعة الاخير ويترك الجملي والنهضة امام تعقيدات ادارة المشاورات في الايام الاخيرة من المهلة الدستورية.
ذات الموقف -ولكن بمعطيات اضافية-كشف عنه عماد الحمامي امس حينما تحدث عن تعليق جهود الوساطة منذ يوم السبت الفارط وان التيار والشعب تباطآ في الرد على مقترحات حركته مما دفعها الى تعليق الجهود التي انطلقت منذ 8 من ديسمبر الجاري وانه على الحزبين اليوم التوجه للحبيب الجملي لإشعاره بموقفيهما إذا كان هناك جديد.
في خضم هذه التطورات التي لم تكن لتخرج للعلن لولا تدوينة لجوهر بن مبارك حمل فيها ما يعتبره بشرى تمثلت في وصول «احزاب الثورة» الى توافق جديد بموجبه ستشكل حكومة تمثل الخط الثوري.
تلك التدوينة كانت كقطعة الدومينو التي تسقط اولا فيلحق بها البقية، وهو ما كان حينما تتالى كشف قيادات الاحزاب والائتلافات المعنية عن المشاورات التي عقدت بالتوازي مع اللقاءات التي يجريها الحبيب الجملي.
خط متواز وان كان يهدف الى ايجاد مخارج من ازمة قد تؤدى بالجميع الى التعقيد الا انه سلط الضوء على تعدد اللاعبين الكبار في المشاورات، واولهم حركة النهضة التي منحت للتيار وفق التسريبات حقيبتين وزاريتين طالب بهما ومنحته حق «الفيتو» إذا تعلق الامر بهوية الشخصية التي ستمسك بوزارة الداخلية.
تدخل النهضة بشكل مباشر ومنحها لحقائب وزارية دون العودة الى رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي او ترك الامر -وان شكليا- له ليعلن عن هذا العرض يكشف ان النهضة هي الفاعل الاساسي في المشهد الحكومي القادم وانها هي التي تدير المشاورات وتحدد مع من ومتى، وهذا ايضا كشفه عماد الحمامي بقوله ان «النهضة ولا الحبيب الجملي سينتظران انعقاد المجلس الوطني للتيار لمعرفة قرار الاخير». تصريح كشف به الرجل بقصد او دونه ان الحركة هي التي تحدد الخطى التي يجب ان يتبعها الجملي وأين ومع من ومتي يتفاوض.
تطورات وتصريحات لم يعلق عليها الجملي ولو بكلمة وهو الذي تمسك طوال الاسابيع الفارطة باستقلاليته وبادارته المستقلة للمشاورات دون الرضوخ لاي ضغط من اي حزب حتى وإن كان حركة النهضة التي كلفته وفق قوله، لكن القول لم يصمد طويلا امام الوقائع.