تنطلق في الأسبوع القادم المشاورات المعمقة حول هيكلة وتركيبة الحكومة وبرنامج عملها: هل ينجح الحبيب الجملي في تجنب حكومة المحاصصات؟

بعد 5 أيام من المشاورات واللقاءات التمهيدية مع مختلف الفاعلين في الساحة من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية وإعلاميين ومحامين وقضاة وشخصيات وطنية وفنانين ومختلف الهياكل الوازنة في البلاد.. ،

ينطلق رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي الأسبوع القادم في المفاوضات الفعلية بعد أن قدم رؤيته وتوجهاته للأطراف التي تشاور معها والسياسة المتبعة، لقاءات بالرغم من أنها أولية وتحسيسية إلا أن الجملي وجد نفسه أمام اختلاف كبير في التوجهات والمواقف بين مختلف هذه الأطراف وبات يدرك جيدا أن اللقاءات القادمة ستكون أصعب بكثير باعتبار أنها ستتعلق بهيكلة وتركيبة الحكومة وبرنامج عملها، فالوصول إلى توافق والإسراع بتشكيل الحكومة في أقرب وقت ممكن يبقى رهن مدى تعقل الأحزاب المعنية، فالمسؤولية مسؤولية الجميع وليست بيد طرف واحد.

بعد هذه اللقاءات التمهيدية، ستدخل المفاوضات في العمق وفي نقاط جوهرية في علاقة بهيكلة الحكومة وبرنامجها وتوجهاتها في السنوات القادمة بداية من الأسبوع القادم، ووفق بعض المصادر المطلعة فإن التوجه الأولي لرئيس الحكومة المكلف هو تشكيل حكومة برنامج قائمة على الكفاءات الوطنية بعيدة عن حكومة المحاصصة الحزبية، وهذا ما يستدعي بالضرورة التوصل إلى توافق حول البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحكومة قبل الحديث عن توزيع الحقائب الوزارية، باعتبار أن هيكلة الحكومة مرتبطة بالخطوط العريضة لبرنامج عملها.

حكومة برنامج
تنفيذ البرنامج الحكومي يتطلب بالأساس تركيز جهاز فاعل في الدولة ممثلا في الحكومة والوزارات لأنه في صورة تمّ العكس فإنه لا يمكن تحقيق النتائج المرجوة مثلما حصل في السنوات السابقة، منذ الثورة إلى الآن، علما وأن المشاورات الأولية التي تمت اختلفت فيها المواقف حول هيكلة الحكومة، فهناك من يدعم فكرة التوجه نحو إحداث أقطاب للوزارات المتشابهة والمتجانسة في عملها لأنها ستمكن من التقليص من عدد الوزارات وهناك من يرفض ذلك ويعتبر فكرة الأقطاب لن توفر النجاعة المطلوبة. ولكن قبل الاتفاق على الهيكلة يجب أن تتفق الأحزاب السياسية على أن تكون الحكومة المقبلة حكومة كفاءات وليست محاصصة حزبية والاختيار يتم على أساس معايير الكفاءة والنزاهة ونظافة اليد، هذا التوجه دعت إليه بعض الأحزاب السياسية وجلّ المنظمات الوطنية وهياكل المجتمع المدني لاسيما الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.

الاتعاظ من التجارب السابقة
الجميع يدعو إلى التعجيل بتكوين الحكومة بالنظر إلى صعوبة الأوضاع وتدهور الوضع الاقتصادي خاصة، حكومة قوامها الوحدة الوطنية بعيدة عن التجاذبات، حيث أعرب نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل بعد لقائه برئيس الحكومة المكلف عن أمله في أن تكون الحكومة المقبلة حكومة كل التونسيين والتونسيات، مشددا على ضرورة الابتعاد عن المناكفات والتجاذبات والاتعاظ من التجارب السابقة والتعلم من الأخطاء، لاسيما إزاء عطالة الإدارة التونسية، وتدهور الوضع الاقتصادي. وأضاف أن «الوعود كثيرة جدا، ويتطلب تجسيدها فريقا حكوميا متجانسا في أدائه وقادرا على التحدي»، مبينا أن «الشعب التونسي لم يعط اليد المطلقة للأحزاب في انتخابات مجلس نواب الشعب، وهو ما يستدعي عملا جماعيا بين كافة مكونات البرلمان في سن مشاريع القوانين». نفس الموقف أيده رئيس منظمة الأعراف سمير ماجول الذي شدد على أن دور الأحزاب يقتصر على العمل البرلماني وبالتالي فإن الحكومة يجب أن تتكون من كفاءات وطنية غير متحزبة لتقديم أحسن النتائج في نهاية عهدتها وإن تطلب الأمر مراجعة الدستور وغيره من القوانين.

لقاءات متواصلة
بالعودة إلى لقاءات الجملي، فقد التقى أمس بنقابة القضاة التونسيين، وقد أكد رئيسها إبراهيم بوصلاح في تصريح إعلامي أنه تم التباحث حول رؤية مستقبلية للقضاء بمعايير دولية، وتم التطرق إلى عديد المسائل الجوهرية منها أمن المحاكم ومراجعة عديد القوانين للارتقاء بالواقع التونسي، ومجابهة الجرائم من قبل التهريب والإرهاب وغسيل الأموال. وأشار إلى أنه تم اقتراح الاعتناء بوضعية القضاة وتوفير المنح العينية الضرورية وتحسين الأجور، مشددا على ضرورة ضمان استقلالية القضاء من قبل رئيس الحكومة وعدم تدخل أو تأثير أي طرف في مساره. كما اقترحت النقابة أن يكون وزير العدل القادم محايدا وغير متحزب ويتميز بالكفاءة. هذا التقى الجملي وفدا عن جمعية القضاة التونسيين، وقد صرح رئيس الجمعية أنس الحمايدي أن جمعية القضاة قدمت رؤيتها بالنسبة إلى المعايير التي يجب أن تتوفر في وزير العدل المقبل، والتي تتمثل بالخصوص في التحلي بالكفاءة العالية في المجال والإلمام بكل الملفات، وأن يكون شخصية مشهود لها بالنزاهة والتاريخ المشرف، فضلا عن الانفتاح على هياكل القضاة والتشاور الدائم معها على غرار المجلس الأعلى للقضاء. كما التقى رئيس الحكومة المكلف أيضا برئيس حزب قلب تونس نبيل القروي في إطار مشاورات تشكيل الحكومة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115