على هامش الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب: ائتلاف الحكم وأقطاب المعارضة... وآخرون

لم يحتج الأمر إلى شق الصدور لمعرفة ما تضمره الأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات التشريعية يوم أمس وهي تلج إلى قصر باردو،

بل ولم ينتظر احد ان يقع الإعلان عن قائمة المترشحين لرئاسة المجلس ونائبيه، لمعرفة التوزيع الجديد للأحزاب واصطفافها، ليبرز للجميع تحالف ثلاثي جديد يقابله في الضفة الأخرى قطبا المعارضة في انتظار ان يحسم المترددون مواقفهم بشكل نهائي اين سيقفون؟

انتظر المتابعون الجلسة الافتتاحية للبرلمان في عهدته النيابية الجديدة والاعلان عن قائمة المترشحين لرئاسة المجلس او لشغل خطة نائبيه، ليدرك ان حركة النهضة وعلى عكس كل خطاباتها -التي استمرت لغاية أول أمس- مضت في تحالف مع حركة قلب تونس التي كانت تصفها بحزب الفساد في الأمس القريب.

تحالف ضم في تركيبته ائتلاف الكرامة الذي كانت النهضة تنظر اليه على انه الخطر المتوقع على يمينها وبمقدوره سحب قواعدها الانتخابية، لكنها سحبته إلى تحالفها لتمنعه من استغلال اي فرص للاستفادة. هذا التحالف الثلاثي تجسد في الثلاثي المترشح عن الحركتين والائتلاف، راشد الغنوشي لخطة رئيس البرلمان، سميرة الشواشي لخطة نائب الرئيس الأول ويسرى الدالي لخطة نائب رئيس ثان. هذا التوافق الجديد أعاد رسم المشهد السياسي والبرلماني، ليبرز مقابل هذه الترويكا قطبان للمعارضة عبّرا عن نفسيهما في التحالف بين التيار وحركة الشعب وتجسّد في تشكيل كتلة موحدة وعبر عنه في تقديم غازي الشواشي كمرشح لها لمنصب رئيس البرلمان، مع ترك خطة نائب الرئيس لنواب عن حركة الشعب.

قطب أول للمعارضة يضم في كتلته 37 نائبا، ياتي اثره قطب ثان يضم 17 نائبا وهو الدستوري الحر، الذي رشح بدوره امينته العامة عبير موسى لرئاسة البرلمان، هذان القطبان لم ينتظرا مرور الكثير من وقت الجلسة الافتتاحية ليكشفا عن تموقعيهما، على يسار النهضة وتزعم المعارضة البرلمانية ضدها وضد الائتلاف الحكومي الجديد.

تزعم بحث عنه التيار في اول مداخلة للنائبة عنه سامية عبو التي لم تخفف من حدة انتقادها للنهضة ولقلب تونس، فقد اعتبرت ان الاولى حركة لا يمكن الوثوق بها واعتبرت الثانية «لمة» لباحثين عن مكسب وحصانة.

هجوم اراد به التيار وحركة الشعب قطع شعرة معاوية التي كانت تربطهما بحركة النهضة التي وجدت في مغازلات قلب تونس افضل مخرج لها من ازمتها، فارتمت لتتحالف معه لا فقط في البرلمان بل ان كل المؤشرات تؤكد انه تحالف حكومي، على شاكلة تحالف النداء والنهضة في 2014.

هذا الوضوح بالنسبة للنهضة وقلب تونس من جانب والتيار/حركة الشعب والدستوري الحر من جانب اخر يقابله ضبابية الموقف بالنسبة لحركة تحيا تونس التي ولئن رشحت احد نوابها لترؤس البرلمان فانها لم تحسم امرها من الانضمام لهذا التحالف الحاكم، حيث شدد القيادي بها مصطفى بن احمد ان الموقف الاولي لحركته هو عدم التحالف لكن هذا قد يتغير إذا قررت القيادات العليا ذلك، محيلا الامر الى رئيس الحزب يوسف الشاهد والى الامين العام سليم العزابي.

اشارة الى عدم حسم الامر يؤكده ايضا ماهر التومي القيادي بحركة تحيا تونس الذي اشار الى ان حزبه لم يحسم في مسالة تموقعه من الحكومة القادمة، لكنه في المقابل حسم امره في ما يتعلق برئاسة البرلمان وتقاربه من النهضة الذي يشير الى ان الصندوق والناخب وضعهم في المعارضة لكن هذا قد يتغير إذا قرر الحزب ذلك.

احالة الامر لقيادات الحزب العليا هو ما يقوم به جل قادة تحيا تونس إذا تعلق الامر بالانضمام لتحالف حكومي يضم النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، وهو ما يكشف عن صبابية أمور الحركة التي عجزت عن اتخاذ خيار نهائي وتسويقه او الدفاع عنه.

ذات الامر يتكرر وان بدرجة اقل مع كتلة الاصلاح الوطني التي ولئن خيرت عدم الذهاب في خيار ترشيح اي من نوابها للخط الثلاثة فانها لم تقرر لمن ستوجه دعمها، بل تركت الامر بيد نوابها، لتجنب اي تصدع للكتلة قبل انطلاقها في مهامها، وهو ما قد يتكرر إذا تعلق الامر بالحكومة، حيث لم تحسم الكتلة امرها هل هي معنية ام لا بالمشاركة او دعم الحكومة القادمة؟ ضبابية لا تخفي ان تحيا تونس وكتلة الاصلاح الوطني تعيشان نزاعا داخليا بين طامحين الى موقع في الحكم وبين خائفين من الذوبان والتفكك إذا تقدموا خطوة تجاهه وهذا قد يعنى ان الخوف مرجح لينتصر على الطموح، وهو ما سيتضح خلال الساعات القادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115