التي فرضت عليها، ليتوارى في ظل هذا الانشغال إدراك أن الخارطة السياسية تتكون من شقين، شق يحكم وأخر يعارض، وقد حجب اليوم حجم التحركات في شق الحكم وكيفية تشكله. الجانب الأخر وهو المعارضة التي مازالت تراقب الوضع قبل أن تعلن عن نفسها.
أعلنت حركة النهضة منذ يومين عن وضعها لوثيقة أطلقت عليها اسم «وثيقة تعاقد لحكومة ائتلافية» مشيرة إلي أنها ستتوجه بها إلى كافة الأطراف السياسية الفائزة في الانتخابات التشريعية، بهدف تشكيل ائتلاف حكم، على أرضية هذا البرنامج الأولي القابل للتعديل والإضافات.
وثيقة تعتمدها النهضة كأساس للتفاوض وتشكيل حكومتها التي دخلت في المرحلة الثانية من المشاورات، بجدولة عدة لقاءات مع الفائزين في الانتخابات، هنا يتضح أن المشهد السياسي التونسي دخل في مرحلة متقدمة في تشكله الجديد، وفي إفراز طبقة الحكم المرتقبة.
هذا التشكل الجديد للخارطة السياسية، له وجهان الاول مضيء يسلط عليه الضوء ويتعلق بفريق الحكم ومن يسبح في فلكه والثاني مظلم قليلا لا يسلط عليه الضوء في هذه المرحلة بالذات ويتعلق بشق المعارضة، التي يبدو ان الانشغال بتشكيل الحكومة جعل الانظار تغفل عن بداية تشكلها هي الاخرى.
بداية تشكل، نظريا، ستستكمل في جلسة منح الثقة للحكومة، فيومها سيحدد بشكل دستورى من في فريق الحكم -وان لم يكن مشاركا في الحكومة- ومن سيكون في المعارضة وما يعنيه ذلك ، لكن في انتظار هذا الموعد فإن ملامح المعارضة، التي قد تصبح معارضات، بدات في التشكل.
واول المعلنين عن تموقعه فيها بشكل حاسم ونهائي هو الحزب الحر الدستوري، الذي اكد القيادي به كريم كريفة عن ان حزبه اختار الاصطفاف في خانة المعارضة التزاما بقناعاته وخطوطه الحمراء التي تمنعه من ان يكون شريكا للاخوان ومن هم على شاكلتهم.
اختيار ان يكون الحزب في المعارضة يشرح كريفة تفصيلاته التي تتضمن الموقف من النهضة التي يعتبرها حركة اخوانية لا يمكن التحالف معها تحت اي مسمى بل ان حزبه يرفض ان يمنح لاي ائتلاف حكومي يضم النهضة ثقته تحت شعار «المصلحة الوطنية».
رفض يعتمده كريفة ليقول ان المشهد السياسي الحالي ضبابي وغير واضح في ظل وجود مشاورات لاحزاب عدة مع النهضة والكيانات السياسية القريبة منها لتشكيل حكومة، اكد انهم سيعارضونها بكل الطرق القانونية، وانهم لن يسمحوا بأي انحراف او تجاوز.
اختيار المعارضة بشكل واضح من قبل الدستوري الحر الفائز بـ17مقعدا في المجلس الجديد، هو الاعلان الرسمي الوحيد من قبل قوة سياسية لها ثقل في المجلس المرتقب، فيما باقي القوي السياسية لم تحدد موقفها بعد، وان ظلت تتمسك بتقديم خطاب يمزج بين المشاركة في الحكم وفق قواعدها او البقاء في المعارضة.
خيار المسك بالعصا من المنتصف يعتمده التيار الديمقراطي وتحيا تونس وحركة الشعب بل وقلب تونس، فيما اختار ائتلاف الكرامة الاعلان بشكل صريح انه في صف النهضة، هذه الكيانات التي تضم جميعها اكثر من ثلثي المجلس لم تحسم خياراتها بشكل نهائي.
ذات الامر للقوى السياسية التي فازت باقل من 5 مقاعد على غرار نداء تونس ومشروع تونس والبديل التونسي وافاق تونس وغيرها، هذه القوى وان كانت نظريا غير معنية بالحكم الا ان موقفها لم يعلن بعد بشكل واضح فهي تنتظر عقد لقاءات لهياكلها القيادية لحسم خياراتها بما فيها الحكم.